الرئيسية » تحرر الكلام » ماذا يعطي السيسي المصريين ظهره؟!

ماذا يعطي السيسي المصريين ظهره؟!

    مرة بعد أخرى أنظر إلى الشاشة أثناء كلمات قائد الإنقلاب، أدقق في مشهده وهو يتحدث، وأسمع كلماته، واتدبر بعيد معانيها ومدلولاتها ، أفعل “مغصوباً” متعجباً من عقلية كهذه استطاعت التسلل إلى وزارة الدفاع والمخابرات الحربية حتى اختاره الرئيس محمد مرسي، فك الله أسره، وزيراً للدفاع، رغم ما تردد عنه بقوة حين اختياره من كونه البطل الحقيقي الأصلي لموقعة الجمل في الثاني من فبراير 2011م، وهو ما قال به البطل الأسير الدكتور محمد البلتاجي، وبقدر ما تم ضرب الحائط بكلمات الرجل .. بقدر ما تم التساهل مع أمر السيسي، والشاهد الأهم إن الأخير كانت من المواهب الخاصة الشخصية لخداع أعلى هرم الحكم الشرعي، وللأمانة فإن الأمر مخيف، لو شئنا الدقة، ويشير إلى معضلة كبرى داخل تيار الجماعة وهو تقديم أصحاب الاخلاص، أو مَنْ يُتوهمُ إنهم أصحاب إخلاص على أصحاب الكفاءة .. والحديث يطول في غير هذا الموضع بإذن الله، وهذا المجرم الجالس في مقعد رئيس الجمهورية اليوم كان تقريراً لتقصي الحقائق حول شهداء ثورة يناير قد تم تسليمه إل الرئيس محمد مرسي في 31 من ديسمبر 2012م يدين السيسي ومن آسف تم التغاضي عنه حتى تم الإنقلاب ..!

    في كل مرة استمع إلى السفاح أكتشف مقدار ما يُعانيه من تشويش عقلي..يجعله يتخبط في الكلام.. ويتهته ويتلجلج .. وأحياناً يتحول وجهه إلى وجه آخر غير الذي رسمه “الماكيير” له، ينظر إلى كائن خرافي يكاد يبتلعه، ولا يراه غيره، فتنقلب سحنته .. وتنتفخ أوداجه بخاصة لما يُخيل إليه إن عدوه العملاق يناقشه فيما يقول، في نفس لحظة حديثه، وإنه يواجهه .. ويتحداه .. ويرد وينفعل عليه .. دون أن يكون للعدو المُتوهم أصلاً وجود ..

    لكني في كلماته التي قاطع بها وزير الإسكان السبت الماضي، وهي كلمات مُعدٌّ لها بإحكام بالطبع، لاحظتُ إن الرجل مُدمنٌ لعادة صارت طبعاً لديه..بخاصة في الكلمات التي يحاول بها تغيير سياقات الخطب المعروفة، بل البعد عما هو مكتوب، ومن تفاصيل ذلك البعد اختطاف الميكرفون والتحدث وهو جالس على مقعده ..لا اعتقد إن رئيساً جاداً محترماً فعلها من قبله فضلاً عن رؤوساء مصر السابقين بخاصة من العسكر، أيّاً ما كان رأينا فيهم، فكلهم كان حريصاً على مواجهة كاميرا التلفزيون، منذ إنشائه، تلك التي تنقل صورته إلى الناس، وراجع حماسات الراحل جمال عبد الناصر، رغم حدة ورفع صوته التي تقربه  من غير جنس الرجال، وراقب اسلوب السادات المتفرد في الكلام، وتصنع مبارك له، كلهم كانوا يواجهون هذا الشعب ويبالغون في “خداعه”!

    أما السيسي قائد الإنقلاب فإنه سنّ سنّة تُخبر هذا الشعب المسكين بها حركاته وسكناته، فهاهو يبالغ في خداعهم .. ويعطيهم ظهره وهو يفعل، وإلا فشاهده وهو يتحرك بسيارات موكبه الفارهة على بساط أحمر لعدة كيلومترات، يتحرك والموكب على البساط ، دع عنك إنه يقول للشعب من بعد أن “تقشف”، ولكن اسلوب “إخراج اللسان” من قبل السيسي .. يتمادى لما تراه للمرة التي لا تُعدُّ لا يعطي المصريين وجهه، وهو يحدثهم، في افتتاح مشروعات مدينة 6 أكتوبر السبت الماضي، التي قال عنها هو بنفسها إنها “ولا حاجة” أمس مقابل ما تحتاجه مصر، وهي المشروعات التي ما كانت لتحتاج رئيس وزراء لافتتاحها لولا محاولة السيسي إيهام المصريين البسطاء ثم المُغرضين إنه يفعل شيئاً .. برغم سىء تقييمه لنفسه واعترافه بالفشل .. ولكنه، وهو يفعل، ويعترف.. لا يكلف نفسه مجرد الالتفات للمصريين الذين يحدثهم .. كما منذ أيام، وكما في مناسبات عدة، حتى يوم 6 من أكتوبر 2013م يوم المواجهة الدامية التي ذهب ضحيتها أكثر من 60 من خيّرة شباب مصر .. يومها قال وهو يواجه المغنين الآفاقين الكاذبين من أمثاله إن يديّه تنقطع لو مدها على المصريين، وهو قاتل لستين منهم على الأقل منذ ساعات قليلة.. وجثث الشهداء لم يتم دفنها بعد، قال وظهره للمتابعين في نفس القاعة:”وبكرة تشوفوا مصر”، ويبدو إنه يومها كان قد زاد من “عيار” الخمر، تلك التي اسكرته مع تعمّد المُصور تصويره من أسفل، أي الجلوس أسف قدميه رافعاً الكاميرا لتظهره الأخيرة عملاقاً ..

   ويبدو إنه من يوم “السَّكرة” هذا اعتاد السيسي أن “يغني” على الشعب وهو معطيه ظهره، ربما قال قائل إنه بلغة “جسده” يعرف إنه يكذب فلا يلتفت لمن يكذب عليهم، لكن إن صح الأمر فإن “العنجهية” هي سيدة الموقف..مرة واحدة ألتفت السيسي فيها نصف ألتفاتة، تلك هي مرة “مفيش.. أنا مش مش عاوز أديلك .. أنا مش قادر أديلك”، وهو يقصد الشعب المصري المسكين الذي اختاره بعضهم مخدوعاً فيه، يومها كان نصف الألتفاتة لإن السيسي خلفه “عسكر” باختصار. . وكان نصف الظهر والوجه منه “لهم” علامة على إنه سيعطيهم مما يسرق .. بمقدار الألتفات إليهم أو أقل قليلاً .. وهو ما لم يقصر السيسي فيه للأمانة ..!

     بقي إن قائد الإنقلاب الذي “يستخسر” في شعبه أن يعطيه وجهه هو .. الذي يقول كلاماً عن التقشف ورفع الدعم عن السلع الضرورية .. بل المياه ويسير بسياراته الفارهة فوق بساط أحمر .. هو في حقيقته من دماء الشهداء .. ومن أموال المصريين لعدة كيلو مترات ..ثم يهبط منه ليدعي التواضع ويبتسم في بلاهة للكاميرات.. ورحم الله أيام الرئيس محمد مرسي التي كان يسير فيها بموكب بسيط.. ولا يعطل حتى إشارة للمرور!

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.