الرئيسية » الهدهد » “الفساد في سلطنة عمان”.. جدل متواصل وفشل مستمر في إيجاد حلول جذرية

“الفساد في سلطنة عمان”.. جدل متواصل وفشل مستمر في إيجاد حلول جذرية

هل يوجد برنامج في سلطنة عمان يناقش أسباب الفساد وأسباب تأخر المشاريع؟.. تساؤل طرح نفسه بقوة بعد أن خرجت التقارير معلنة حصول السلطنة على المرتبة الأخيرة، في مؤشر مدركات الفساد على مستوى دول الخليج، وفق التقرير الأخير الذي صدر عن منظمة الشفافية العالمية، الذي شمل 168 دولة.

ورغم أن السلطنة تقدمت على المستوى الدولي في التقرير لتحتل المرتبة الـ 60، بعد أن كانت في المرتبة 64 في عام 2014، إلا أنها تذيلت ترتيب الدول الخليجية المتمثلة في دول مجلس التعاون في المؤشر، أو بعبارة أخرى “عمان الأكثر فسادًا خليجيًا”.

وعلى أثر التقرير، سادت حالة من الجدل الواسع في موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، حول مؤيد لنتائجه ومشكك في صحته، حيث أشار بعض المغردين إلى أن المؤشر مبني على استبيانات وليس تقييم منهجي، ولذلك لا يعتد به، إلا أن آخرين أكدوا أن الاستبيان هو أداة قياس علمية، وعدم اعتراف البعض بها لا يلغي حقيقتها، متهمين المشككين في صحة التقارير بأنها محاولة فقط لإراحة الضمير وتجاهل الفساد بالسلطنة، واتباع “سياسة النعام” الذي يضع رأسه في الرمال.

اعتراف ضمني بالفساد والتجاوز

فيما خرجت أراء متبعة سياسة مسك العصاة من المنتصف، مستبدلًا كلمات “الفساد بالتجاوزات”، مبررًا ما وصلت له السلطنة، ومشككًا أيضًا في صحة التقرير، حيث قال د. إسماعيل الأغبري– الباحث التاريخي: “عمان الأولى فسادًا إداريًا وماليًا خليجيًا أذعناه، نسينا في عمان يمكنك تقديم شكوى حتى على أفراد الأسرة المالكة وتكسب القضية، دول أخرى تختفي قسرًا”.

وأضاف “الأغبري”، في تغريدة له على حسابه بموقع “تويتر”: “أتفق معكم على وجود تجاوزات، لكن أيضًا لا ننسى يوجد تنافس خليجي من أجل إضعاف اقتصاديات دول خليجية، لتهرب الأموال من دولة خليجية إلى أخرى”.

وتابع: “لا ننسى دولًا تخشى أن تصير عمان قوة اقتصادية صاعدة، فهذا يعني تحول التجارة العالمية إليها، خاصة لموقعها واستقرارها، والمال يطلب الاستقرار والأمن”. وتساءل: “لماذا يتم زرع خلايا تجسس؟”، مجيبًا: “إنها أطماع جغرافية وسياسية، ورصد لاقتصاد الدولة مخافة تناميه فتصير قبلة للسفن والصادرات ومحورًا تجاريًا”.

واستطرد “الأغبري”، قائلًا: “طبعًا يوجد خلل عندنا.. كيف لم نهتم بموقعنا هرمز، بحر عمان، بحر العرب، الخليج العربي المحيط الهندي.. كيف لم نستثمر أمننا، تراثنا من أجل جلب استثمارات؟”، مضيفًا: “مع اعترافنا بالخلل، لكن لا يجوز إنكار كل منجز وكل مشروع وكل نهضة وكل بناء، ذلك إجحاف ولا يجوز أن نرحب بكل تقرير مشكوك فيه، قد يكون مدفوع الأجر”.

مطالبات بقانون الرقابة ومحاكمة المفسدين

وكانت قد خرجت مطالبات عمانية للسلطان قابوس بن سعيد، بالاصطفاف مع باقي دول الخليج، وعدم الانجراف وراء إيران، مناشدين بمحاربة الفساد في القطاعات الحكومية والخاصة وتفعيل قانون الرقابة، والبحث عن مصادر دخل متنوعة غير النفط.

وحث العمانيون، من خلال تغريداتهم عبر هاشتاق “ماذا تحتاج عمان”، على الاهتمام بالشباب واستغلال طاقاتهم وتوظيفها ودعمهم، مطالبين بوزراء أكفاء قادرين على مواكبة التطورات، وصياغة رؤية مستقبلية، وبتوافق مجتمعي يستوعب الواقع الاجتماعي والاقتصادي. وأكدوا أن عمان تحتاج إلى الإصرار على التطوير والعدل ومحاربة الفساد بجميع أنواعه، بالإضافة إلى قيادات واعية مع صلاحيات واسعة تسهل الممارسات اليومية المؤسسية، مشيرين إلى فساد الموظفين وتأخيرهم لمعاملات المواطنين، مما يحتاج إلى تفعيل قانون الرقابة ومحاكمة المفسدين.

خدمات الجهات الحكومية (دون المستوى)

سبق أن استنكرت المحامية والكاتبة العمانية بسمة مبارك، مستوى الخدمة في أغلب الجهات الحكومية والمحاكم بالسلطنة، ووصفتها بأنها “دون المستوى بكثير”. وأكدت، في تغريدات لها على حسابها بموقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، أن “هذه حقيقة نواجهها يوميًا ولا يمكن تجاهلها”، مشيرة إلى أن الدول الأخرى تتقدم عمان بمراحل “ونحن مازلنا بحاجة إلى خمسين توقيعًا نجمعها بين المباني في الشمس حتى ننجز معاملة بسيطة!”.

وأضافت المحامية العمانية: “يعني ما يصير لا إصلاح سياسي ولا دستوري، ولا حتى على  مستوى الخدمات؟؟”، مشددة على أن السوء الذي يصادفه المرء يوميًا، يجعله يتساءل عن سبب تقاعس هذه الجهات عن إصلاح مستوى الخدمات فيها!

واستبقت “بسمة” تغريداتها، بتغريدات سابقة قالت فيها: “في تاريخ الأمم هناك لحظات تاريخية يقف فيها الوطن على مفترق طرق.. هكذا أرى لحظتنا الراهنة في عمان، والواضح أننا قررنا أن نبقى حيث نحن!”.

وأشارت إلى أن العدالة البطيئة “ظلم”، والإصلاح البطيء “فساد”، موضحة أن للفساد معنى أعمق من مجرد سرقة أو تبديد المال العام، فالامتناع عن الإصلاح أو البطء فيه والسماح للخلل بأن يمتد ويستفحل، فساد أيضًا.

ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي تعرب فيها المحامية العمانية عن استيائها من مستوى الخدمات داخل السلطنة، فقد غردت منتصف الشهر الماضي، قائلة: “إن الخدمات في محكمة مسقط في وضع صعب للغاية! ساعات حتى تنجز عملًا إداريًا بسيطًا لا يفترض أن يأخذ أكثر من دقائق، بل يمكث أسابيع طويلة حتى تستلم حكم!”. وأضافت: “منذ الصباح وأنا أحاول دفع رسوم، وإلى الآن لم أتمكن من التواصل مع أمين السر! وصيغة تنفيذية لم تجهز، رغم تقديم الطلب منذ ما يقارب الأسبوعين!”.

فشل في إيجاد حلول جذرية

بدوره أكد الناشط العماني خلفان البدواوي، الذي غادر سلطنة عمان في 2 يناير 2014، بعد تزايد الملاحقات والتهديدات بحقه، واستقر في لندن، في حوار خاص مع “شؤون خليجية”، في فبراير 2015، أن العمانيين داخل السلطنة يشتكون من شراسة الفساد والبيروقراطية، وفشل الحكومة في تقديم حلول جذرية لعدد كبير من المشاكل، فضلًا عن مشاكل كثيرة اقتصادية واجتماعية ستظهر لاحقًا بسبب السياسات الحكومية، والتي تسير حسب أهواء فرد واحد، مما أدى إلى صنع فجوة كبيرة بين المواطن والحكومة، وانعدام للثقة بينهما، وانعدام وجود شراكة شعبية في صنع القرار.

وأكد أن هذا طبيعي في ظل حالة التفرد بالقرار من قبل السلطان قابوس، ومنحه مزايا لعدد من مستشاريه وأتباعه مكنتهم من التحكم واحتكار الاقتصاد العماني بنسبة 90 في المائة، والتأثير في صنع القرار، هذا مع إنفاق حكومي ضخم غير مدروس ويعتريه الفساد، ولا يرتكز على بناء الإنسان.

المصدر : شؤون خليجية

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.