وطن- يواصل صدى العملية التي نفذّها المُجند المصري “محمد صلاح” (23 عاماً) إثارة التفاعل عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بين إشادات واحتفاء بشجاعته وبين رافض للطريقة التي تعاملت بها السلطات المصرية الرسمية مع العملية النوعية التي أسفرت عن مقتل 3 مجندين إسرائيليين على الحدود مع مصر، السبت.
“محمد صلاح” يُعيد أمجاد الجيش المصري
نفّذ محمد صلاح عمليته البطولية، كما وصفتها حسابات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فجر السبت الماضي، عند معبر العوجة الحدودي مع الاحتلال الإسرائيلي في شبه جزيرة سيناء.
من اللحظات الأولى معروف اسم البطل وأهله وعنوانه وكل ما يخصه و الواضح لن يتم إعلان لا اسمه ولا عنوانه وإن تم هذا يجب أن نسميه نحن حتى تتناقله الأجيال جيل بعد جيل مثلما حدث مع سليمان خاطر #جندي_مصري pic.twitter.com/uA1Irww5yK
— عـ❣️ـائدون✌️ (@alla7ghalep) June 3, 2023
لاحقاً، مساء السبت، أعلن المتحدث العسكري المصري “مقتل فرد أمن مصري مكلف بتأمين الحدود خلال مطاردة عناصر تهريب المخدرات، بعدما قام باختراق حاجز التأمين وتبادل إطلاق النيران، ما أدى إلى وفاة ثلاثة من عناصر التأمين الإسرائيلية، وإصابة اثنين آخرين”.
بيع خاتم ذهب تم التبرع به عن روح الجندي المصري الشـ ـهيد محمد صلاح منفذ عملية العوجا البطولية 21 مرة بـ50 ضعف ثمنه لصالح مسجد حمزة في خانيونس جنوب قطاع غزة. pic.twitter.com/fGmq66EepM
— وكالة شهاب للأنباء (@ShehabAgency) June 5, 2023
أما المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، فوصف المجند المصري بـ«المُخرب»، وأعلن اشتراك القادة والجنود الإسرائيليين في قتله بعد دخوله الأراضي الإسرائيلية، وتسببه في قتل جندي ومجندة خلال إطلاق النار على الحدود، فضلًا عن مقتل جندي إسرائيلي آخر فيما بعد، وإصابة ضابط ظهرًا.
وبينما كان التفاعل المصري مع الحادثة، عبارة عن “تعاون” في التحقيقات المشتركة حول العملية، تفاعل الحسّ الشعبي المصري -والعربي عموماً- مع العملية كونها أعمق من مجرد “حادثة معزولة”، على حدّ وصف بعض المحللين على شاشات الإعلام المصري الرسمي، بل اعتبروها تعبيراً عن مشاعر – لم تنقطع يوماً- من الكره والعداء الكائن في صفوف الجيش المصري ضد الاحتلال الإسرائيلي.
#فخر_العرب_الحقيقي.. البطل الجندي المصري الشهيد #محمد_صلاح صاحب عملية اقتحام الأراضي المحتلة وقتل 3 جنود من الجيش الإسرائيلي#الجندي_المصري
تابعوا #قناة_الشعوب على التليجرام: https://t.co/AjUKdUv4Jw pic.twitter.com/b2j2Awja8F
— قناة الشعوب (@AlshoubTv) June 5, 2023
سليمان خاطر السابق ومحمد صلاح اللاحق
بالأمس، في أكتوبر/تشرين الأول عام 1985، قَتَل سليمان خاطر 5 من الإسرائيليين وأصاب 7 حاولوا تخطي نقطة حراسته على الحدود، ثم سلّم نفسه للسلطات المصرية.
سليمان خاطر (1961 – 1986) كان أحد عناصر قوات الأمن المركزي المصري، أطلق النار على مجموعة من السياح الإسرائيليين عند نقطة حراسته التي تقع بالقرب من منتجع رأس برقة بمنطقة نويبع بمحافظة سيناء في 5 أكتوبر 1985 فقتل منهم سبعة، واستشهد لاحقا في زنزانته.#شهيد_القدس#محمد_صلاح pic.twitter.com/To23UL4ZuD
— مصادر رفيعة (@sourcescredible) June 5, 2023
وبعد عام و3 أشهر من الواقعة، نشرت الصحف نبأ انتحار سليمان خاطر في مستشفى السجن الحربي، وسط شكوك واسعة بشأن الطريقة التي انتهت بها حياته.
واليوم، يستشهد الجندي المصري محمد صلاح بعد الإجهاز على 3 إسرائيليين في عملية نوعية اعتبرها جزء كبير من الشارع العربي، تعبيراً لا ينضب من المعاني عن بطولة الجيش المصري وعقيدته الراسخة بمعاداة الكيان الإسرائيلي الغاصب لأراضي فلسطين.
من محمد صلاح الى سليمان خاطر.. الفكر ة لا تموت pic.twitter.com/6c2Nci80SV
— mayssaa moukaddem (@mayssaa_mokadem) June 5, 2023
فبعد ما يزيد عن 4 عقود من التطبيع العلني و”السلام” بين مصر وإسرائيل، ورغم محاولات نخبة قليلة من القادة العسكريين الذين حكموا مصر منذ الثمانينات (بداية مع حسني مبارك 1981-2011 ثم عبد الفتاح السيسي 2013 حتى الوقت الحالي)، تحوّل الجيش المصري من رائد للصوت العربي في مواجهة الاحتلال، إلى رائد في السيطرة على المشاريع الاقتصادية والتغلغل في باقي أجهزة الدولة على حساب قضايا أخرى محورية.
الجندي المصري يحيي أمجاد “خير أجناد الأرض”
مباشرة بعد تكشف تفاصيل ووقائع العملية، تصدّر وسم “الجندي المصري” قوائم الأكثر تفاعلاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي في مصر وعدد من الدول العربية.
كتب الإعلامي المصري “أحمد منصور” عبر حسابه الرسمي على تويتر: “اليوم ذكرى هزيمة 5 يونيو1967 حينما هزمت اسرائيل الجيوش العربية كلها بقيادة عبد الناصر الذي كان يهدد بإلقائها في البحر”.
وتابع: “لكن جندي مصري واحد اسمه محمد صلاح جاء بعد 56 عاما فحولها إلى نصر للشعوب العربية وهزيمة نفسية ومعنوية ومادية لجيش اسرائيل الجندى المصرى”.
اليوم ذكرى #هزيمة_5_يونيو1967 حينما هزمت اسرائيل الجيوش العربية كلها بقيادة عبد الناصر الذي كان يهدد بإلقائها في البحر ،لكن جندي مصري واحد اسمه #محمد_صلاح جاء بعد56 عاما فحولها إلى نصر للشعوب العربية وهزيمة نفسية ومعنوية ومادية لجيش اسرائيل #الجندى_المصرى pic.twitter.com/ySF98Uny7r
— A Mansour أحمد منصور (@amansouraja) June 5, 2023
وقال “أحمد محمد” في ذات السياق: “والله وعملها البطل الشهيد محمد صلاح ورفع راس مصر بلدنا.. ووقف وقفة رجالة مبروك لمصر ولولادنا.. الكل طاير من الفرحة ومصر لبسالنا توب الشرف و العزة يارب تدوم الفرحة”.
والله و عملها البطل الشهيد محمد صلاح ورفع راس مصر بلدنا 💚 ووقف وقفة رجالة مبروك لمصر ولولادنا
الكل طاير من الفرحة 💚 ومصر لبسالنا توب الشرف و العزة 🤲 يارب تدوم الفرحة— احمد محمد (@ahmedelsafa5) June 5, 2023
وكتب الإعلامي أحمد عطوان: “الشيء الوحيد الثابت حاليًّا والمؤكد تمامًا في الرواية المصرية والإسرائيلية أن جنديًّا مصريًّا بطلًا قتل 3 جنود إسرائيليين وجرح 2 آخرين، ونحتسبه عند الله شهيدًا، والباقي مبررات لا تهمنا كثيرًا”.
الشيء الوحيد الثابت حاليا والمؤكد تماما في الرواية المصرية والإسرائيلية أن جندي مصري بطل قتل 3 جنود إسرائيليين وجرح 2 آخرين ونحتسبه عند الله شهيدا والباقي مبررات لاتهمنا كثيرا.
لذلك نطالب شعبيا ورسميا #تكريم_الحندي_المصري #سليمان_خاطر
صورة سلاح البطل الشهيد نشرها الاعلام الصهيوني pic.twitter.com/lkxGhRfDSa— أحمد عطوان AHMED ATWAN (@ahmedatwan66) June 3, 2023
وأضاف الصحفي اليمني “أحمد فوزي” في ذات الصدد: “استشهاد البطل الجندي المصري محمد صلاح إبراهيم أعاد إلى أذهاننا كل بطولات عربية ضد جيش الكيان والاحتلال.. وما فعله البطل سليمان خاطر وكل الأبطال على الحدود مع فلسطين المحتلة التي تظل قضية كل الأحرار في الوطن العربي”.
استشهاد البطل الجندي المصري محمد صلاح إبراهيم أعاد إلى أذهاننا كل بطولات عربية ضد جيش الكيان والاحتلال وما فعله البطل سليمان خاطر وكل الأبطال على الحدود مع فلسطين المحتلة التي تظل قضية كل الأحرار في الوطن العربي.
تقرير الكيان في صدمة ثلاثية @eltreiki_f على قناة @AJArabic pic.twitter.com/U3zrh0ofIL
— احمد فوزي – Ahmed fawzi (@AFYemeni) June 5, 2023
وكتبت الناشطة “ياسمين إسلام” عبر تويتر: “الجيش المصري جيش الكفتة والجمبري و الاستسلام للعدو، خجلان من ابنه الشهيد محمد صلاح فلا كتب اسمه ولا نشر صورته”.
وتابعت مستنكرةً: “بل اتهمه عبر (اللجان) انه إرهابي ومتعاطي مخدرات ولديه مشاكل أسرية ومشاكل مع قادته. هم قتلوا سليمان خاطر في سجنه فكيف لا يقتلون الجندي المصري محمد صلاح في إعلامهم؟؟”
#الجيش_المصري جيش الكفتة والجمبري و الاستسلام للعدو، خجلان من ابنه الشهيد #محمد_صلاح فلا كتب اسمه ولا نشر صورته بل اتهمه عبر (اللجان) انه إرهابي ومتعاطي مخدرات ولديه مشاكل أسرية ومشاكل مع قادته.
هم قتلوا #سليمان_خاطر في سجنه فكيف لا يقتلون #الجندي_المصري #محمد_صلاح في إعلامهم؟؟ pic.twitter.com/peZHnzDi8F— yassmine.islam2017 (@yassmineislammm) June 4, 2023
وعلق الدكتور محمد الصغير على العملية قائلاً: “سليمان خاطر جديد حسب رواية الإعلام العبري: دخل عساكر صهاينة لأمتار داخل حدود مصر 4:30 فجرًا، فأطلق جندي مصري رصاصه عليهم، فقتلهم جميعًا (جندي+مجندة)، بعدها دخل الجندي أرض فلسطين وانتظر القوة الثانية لساعات، واشتبك معها فأصاب منهم 3 عساكر بإصابات خطيرة، واستشهد البطل المصري”.
#جندي_مصري .. #سليمان_خاطر جديد pic.twitter.com/DdiWfQBxUf
— د. محمد الصغير (@drassagheer) June 3, 2023
وعلى صعيد متصل، كتب الصحفي وائل قنديل: “أكد جيش الاحتلال وكذا المتحدث العسكري المصري أن الشهيد فرد أمن مصري. بالمناسبة المخدرات بريئة. هذه عملية بطولية جريئة”.
وأكمل: “ويا ترى يا هل ترى من سيؤلف لكم أكذوبة أن الجندي البطل الشهيد مختل عقليًّا قرر الانتحار كما فعل مكرم محمد أحمد في ملحمة البطل سليمان خاطر قبل 37 عامًا؟”
جراء إلكترونية، بأسماء مصرية، ظلت تعوي وتستكثر على مصر العظيمة أن يكون شهيد عملية الاشتباك مع العدو على حدود فلسطين شرطيًا مصريًا..ما شكل هذه الجراء بعد أن أكد جيش الاحتلال وكذا المتحدث العسكري المصري أن الشهيد فرد أمن مصري؟
بالمناسبة المخدرات بريئة..هذه عملية بطولية جريئة
2-ويا…— wael kandil (@waiel65) June 3, 2023
كامب ديفيد وتكبيل “مارد الأمة العربية”
حرفياً، قصمت معاهدة كامب ديفيد (1978) ظهر الأمة العربية، لاعتبارات عديدة لعل أهمها إخراج و”تحييد” مصر -بثقلها التاريخي والقومي والديمغرافي- عن معادلة الصراع مع العدو الصهيوني الذي عاش قبل تلك المعاهدة أصعب فتراته مع 3 حروب مباشرة ضده كانت رأس حربتها القاهرة، بدعم ومساندة عربية.
بعد كامب ديفيد، انقلبت النخبة العسكرية الحاكمة في مصر على مسار 180 درجة، فبعدما كانت تعتبر إسرائيل هدفها الأول الذي يجب محوه على وجه الأرض، تحولت القاهرة إلى خانة الحليف الموثوق للولايات المتحدة وللكيان الصهيوني، والتي سعت طيلة عقود لإرضائهما وكسب ودهما بمختلف الطرق.
ولمعرفة دقة ما يدور عنه الحديث أعلاه، يكفي للقارئ أن يسرح بخياله مع ما قاله الدكتور مصطفى الفقي رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشعب المصري، قبل سنوات من الإطاحة بمبارك، بأن الرئيس القادم لمصر يجب أن يحصل على رضا “إسرائيل”، ومباركة الولايات المتحدة الأمريكية.
وهو تصريح “صادم” لبعضهم، لكنه عند جزء كبير من الشارع العربي نتيجة حتمية لمسار بدأ وما زال من المهادنة المصرية الإسرائيلية التي استطاعت بها تل أبيب طيّ صفحة القوة الضاربة على حدودها الشرقية للاهتمام بباقي الدول العربية فرادى.
حيث إنه ليس من باب المبالغة أو التهويل حين نقول، إنه لولا توقيع هذه المعاهدة لما تجرّأ العدو الصهيوني -بدعم أمريكي نعم- على قصف المفاعل النووي في العراق عام 1981، ولما تجرّأ على حربه على المقاومة وحصاره للعاصمة بيروت عام 1982، ولما تجرأت الإدارة الأمريكية على العدوان على العراق عام 1991 واحتلاله عام 2003.