الرئيسية » الهدهد » من أجل مواصلة دراسته: طفل سوري هرب وركب البحر واجتاز سبعة بلدان وحيداً إلى ألمانيا

من أجل مواصلة دراسته: طفل سوري هرب وركب البحر واجتاز سبعة بلدان وحيداً إلى ألمانيا

وصل الصبي السوري فهد ألمانيا، بعد أن اجتاز وحده بحر إيجة وسبعة بلدان، وهو يبدأ اليوم حياة جديدة في برلين.

 

ويقول فهد ذو الستة عشر ربيعاً: “أسوأ ما عشته أثناء رحلة هروبي كانت الغابة الصربية”. ويتذكر فهد بشيء من الحزن، أدغال الغابة الوعرة والمليئة بالأشجار: “في الليل، يستحيل المرور عبر تلك الأدغال”.

 

واعتقلت قوات النظام الطفل فهد في دمشق في شهر أبريل/نيسان 2015، لأنه لم يكن بحوزته بطاقة هوية. ليقبع داخل دهاليز معتقل مليء بعشرات النساء والرجال. ولم يخض فهد في تفاصيل ظروف اعتقاله في السجن، وأشار أنه بعد مضي أسبوعين، حصل من صديق له على مبلغ 300 دولار مهربة في صندوق للمواد الغذائية. وهو المبلغ الذي اشترى به حريته.

 

بعد ذلك، اتخذ قراراً بتذليل كل الصعوبات أمامه قصد مغادرة البلاد. وتحضيراً لرحلة الهروب، قرر المراهق السوري، قطع كل اتصالاته مع عائلته. ووصل، في مرحلة أولى، بالطائرة إلى مدينة أزمير التركية. هناك شعر ببعض الأمان، بيد أن تركيا لم تكن خياره المناسب. هدفه كان تحصيل شهادة ثانوية وإتمام دراسته. لكنه لم يكن ليحقق ذلك في تركيا، حسب فهد، فالدراسة هي أولى أولوياته.

 

بعدها ركب فهد، سوية مع لاجئين آخرين، قارباً مطاطياً، وأبحر به إلى الجزيرة اليونانية “كيوس”، رحلة كلفته حوالي 1000 يورو. هناك تم تسجيله من طرف السلطات اليونانية، ثم أرسل إلى العاصمة أثينا.

 

حوالي ألفي يورو هو كل ما كان بحوزته، كان قد ادخر جزءاً منها واستعار جزءاً آخر من أصدقاء له. فهد كان محظوظاً، لأنه كان يملك المال، بعكس كثيرين، وهو ما جعلهم فريسة سهلة لتجار البشر. وهو أمر يحصل غالباً، حسب مكتب الجمعية الاتحادية للاجئين القصر.

 

ومن اليونان استقل فهد، سيارة أجرة، للوصول إلى مقدونيا. كان وحيداً، لأنه لم يستطع أن يثق في أي أحد. “لم أرغب في التعرف على أصدقاء جدد، حتى لا أضطر بعدها، لإعارتهم النقود”، يقول فهد.

 

وفي مقدونيا واصل السير على أقدامه، حاملاً معه بعض الأغراض. وكان يقتات، كل بضعة ساعات، على شرائح البطاطا المقرمشة وعلى الماء، هذا ما أبقاه على قيد الحياة، حتى بلغ المجر.

 

وبعد مضي شهر كامل من مغادرته دمشق، تمكن فهد أخيراً من اجتياز الحدود الألمانية بمساعدة أحد المهربين. ويعيش الشاب السوري اليوم في مخيم للاجئين القصر في برلين. بعد أن اضطر لقضاء أسبوعه الأول في العاصمة الألمانية في منتزه، مكتب التسجيل الأولي للاجئين.

 

ويستغرق تسجيل القصر والإحاطة بهم وقتاً طويلاً، خاصة في برلين. وينتظر إلى الآن حوالي 2000 لاجئ قاصر، الحصول على موعد لدى المكتب الاتحادي للشباب، وذلك دون الحصول على رعاية صحية أو ولي أمر أو حتى إمكانية التعلم في المدرسة.

 

لكن فهد يحضر نفسه الآن لاجتياز امتحان الدرجة الثانية في اللغة الألمانية. وما يدفعه إلى تحقيق ذلك، هو رغبته في البقاء في ألمانيا. “المستقبل هو كل ما يحفزني للبقاء”، يقول فهد.

 

ويريد اللاجئ السوري اليافع أن يهتم بنفسه لوحده، والهدف هو: “سيراني الناس يوماً ما ويتساءلون :من هذا الشخص؟ ليجب أحدهم :هذا فهد، قبطان الطائرة. أريد أن أكون شخصاً ذا شأن”.

 

ووصل إلى ألمانيا حتى اليوم، حوالي 60 ألف لاجئ قاصر، قدموا دون مرافق للبحث عن مكان آمن. أسباب عديدة دفعت هؤلاء القصر للمجازفة برحلات محفوفة بالمخاطر للوصول إلى ألمانيا، حسب تعبير “نيلس إيسبنهورست” من الجمعية الاتحادية للاجئين القصر.

 

بعضهم يتم إرسالهم من قبل أهاليهم، لأنهم يخشون عليهم من الإلحاق عنوة في صفوف الجيش أو الميليشيات المسلحة. آخرون اضطروا للانفصال عن ذويهم أثناء رحلة الهروب.

 

و”هناك أطفال فروا من بيوتهم”، بعد أن التحقت عائلاتهم بالميليشيات المسلحة، لذلك يخشون أن يلقوا حتفهم في إحدى المواجهات، حسب تعبير “إيسبنهورست”.

 

 

 

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.