الرئيسية » أرشيف - تقارير » النفط كلمة السر.. السعودية لا تستطيع تحريك طائراتها دون موافقة واشنطن

النفط كلمة السر.. السعودية لا تستطيع تحريك طائراتها دون موافقة واشنطن

وطن – رأت صحيفةنيويورك تايمز“، في تقرير نشرته اليوم، أن قرار الملك سلمان بالتغيب عن لقاء القمة الذي دعا إليه الرئيس أوباما يعكس واقعا جديدا للعلاقة بين البلدين.

ومع أن واشنطن والرياض أصرا على أن غياب الملك لم يكن ازدراء، فإنه من الصعب تجاهل أربعة عوامل قوية أدت إلى تصاعد التوتر بين البلدين، وفقا للصحيفة: ( سعي الإدارة لاتفاق نووي مع إيران، صعود تنظيم الدولة في المنطقة، الاضطرابات الإقليمية التي تولدت عن الربيع العربي والتحول في أسواق الطاقة العالمية. ذلك أن طفرة النفط الأمريكي، على وجه الخصوص، قد حررت الولايات المتحدة من اعتمادها على الرياض).

وبقدر ما كانت تهدف اجتماعات هذا الأسبوع لزعماء دول الخليج في البيت الأبيض وكامب ديفيد إلى محاولة التخفيف من هذه الانقسامات، فإن الفرصة قد ضاعت. ويبدو المستقبل أكثر تعقيدا إذا اختار كل منهما مسار مختلفا تجاه ما يعتبرونه أمنا قوميا.

“ليس هناك شك في أن هناك اختلافات”، كما نقل التقرير عن فيليب غوردون، الذي تنحى عن منصبه قبل شهر كمنسق البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومنطقة الخليج. وأضاف: “العلاقة ليست من النوع الوجداني، إذ إن لكل منهما مصالح، وإذا أظهرنا أننا على استعداد للعمل معهم بشأن مصالحهم الأساسية، فإنهم سوف يظهرون أنهم على استعداد لفعل ذلك معنا”.

والسؤال هو ما إذا كان كل منهما مستعدا لذلك. خلال سبعين سنة الماضية، منذ أن التقى فرانكلين روزفلت مع الملك عبد العزيز، كانت العلاقة بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية زواجا مركبا من المصالح المشتركة والقيم المتضاربة. وكان القاسم المشترك الرغبة في الاستقرار. ولكنَ الجانبين الآن مختلفان في هذا.

4 أسباب وراء غياب سلمان عن (كامب ديفيد) وفق (نيويورك تايمز).. تعرف عليها

بالنسبة للرئيس أوباما، فإن الاتفاق الدبلوماسي مع إيران سيكبح برنامجها النووي ويقدم أقوى فرصة لمنع تفاقم الصراع في المنطقة. وبالنسبة لحكام السعودية، السنة، فإن تخفيف العقوبات في الصفقة المقترحة ستمكن، غالبا، إيران، الشيعية، من مليارات الدولارات لإثارة مزيد من الاضطرابات في جميع أنحاء المنطقة.

وفي حين يتعاون الأمريكيون والسعوديون الآن لمحاربة الدولة الإسلامية، فإن الرياض تريد المزيد من العمل لإجبار الأسد على التنحي، بينما يبدو أوباما مترددا بشأن التدخل. وبالمثل، ففي الوقت الذي يرى فيه أوباما الحملة من أجل مزيد من الديمقراطية في المنطقة قوة دفع نحو خير المنطقة، ترى السعودية أن حركة الربيع العربي تشكل تهديدا لحكمهم وسلطتهم.

وفي خضم كل ذلك، تحولت سياسات الطاقة جنبا إلى جنب مع زيادة في إنتاج النفط في ولايتي نورث داكوتا وتكساس. ولأنها ما عادت تعتمد على النفط الخام الأجنبي، فإن بإمكان الولايات المتحدة الآن استعراض عضلاتها دون الحاجة إلى القلق حول قطع السعوديين إمدادات الطاقة.

ومع ذلك، فإن واشنطن ما زالت تعتمد على الرياض للحفاظ على سعر منخفض للنفط للضغط على  الاقتصاد الروسي القائم على الطاقة في المواجهة بينهما بشأن أوكرانيا.

ونقلت الصحيفة عن بنيامين رودس، نائب مستشار الأمن القومي لأوباما، قوله إن الاختلافات كانت متوقعة بين البلدين لتنوع المصالح، إلا أنها لم تقوض العلاقة الأوسع. وأوضح: “لدينا برنامج قوي جدا نتقاسمه مع السعوديين”، مضيفا: “لقد كانت هناك خلافات في ظل هذه الإدارة والإدارة السابقة بشأن بعض السياسات والتنمية في المنطقة، ولكن أعتقد أنه لا تزال لدينا وجهة نظر مشتركة حول ما نسعى إلى تحقيقه بخصوص مجموعة من المصالح الجوهرية”.

لكن خبراء قالوا إن الولايات المتحدة لا رغبة لديها في الانجرار بشكل أعمق إلى حرب خطرة بالوكالة بين إيران والدول السنية في أماكن مثل اليمن. وفي هذا صرح مروان المعشر، وزير الخارجية الأردني السابق، في حديثه للصحيفة، قائلا إن “الولايات المتحدة ليست مهتمة بالانغماس أكثر في القضايا التي تقلق الخليج”، وتساءل: “هل ستشعر دول الخليج بعد هذا الاجتماع بالاطمئنان؟ الجواب: لا”.

وأعلن السعوديون بأن الملك يفضل البقاء في الرياض بسبب الحملة الجوية ضد المتمردين الحوثيين في اليمن المجاور. وقال بعض الخبراء إن الملك سلمان، في هذا السن 79عاما، لم يسافر كثيرا خارج البلاد. ولكن بعض المسؤولين العرب، وفقا للتقرير، قالوا إن قراره بعدم الحضور يعكس خيبة أمل بأن أوباما لن يقدم مساعدات ملموسة أمنية كثيرة في الاجتماع.

 ولم يكن الملك سلمان هو الوحيد الذي رفض دعوة أوباما، فقادة سلطنة عمان والبحرين والإمارات العربية المتحدة -بعض منهم في حالة صحية سيئة- اعتذر عن حضور الاجتماع، وأرسلوا من ينوبونهم.

وقال منتقدون إن قائمة الحضور تكشف عجز الرئيس أوباما على صياغة الأحداث في المنطقة. وفي هذا رأى السيناتور الجهوري جون ماكين “أنها مؤشر على انعدام الثقة لدى السعوديين وآخرين”، وألقى باللوم على وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، لإساءته فهم الإشارات السعودية. وأضاف: “في بعض الأحيان تفسر الأمور كما يريد لها أن تكون لا كما هي عليه في الواقع”.

وقالت إدارة اوباما إنها رفضت معاهدة الدفاع المشترك التي تسعى دول الخليج لإقرارها قبل عدة أسابيع. ومع ذلك، لم يصدر من وزراء خارجية تلك البلدان أي احتجاج في لقائهم مع كيري في باريس يوم الجمعة الماضي قبل اجتماع قمة هذا الأسبوع. “لم يكن هناك تلميح بعدم الرضا”، كما قال روبرت مالي، كبير مستشاري الرئيس الأمريكي.

استياء خليجي رغم تبعية طويلة:

ورأى تقرير آخر نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” أن زعماء دول الخليج، بقيادة الملك سلمان، يوجهون رسائل علنية بشكل متزايد من الاستياء لإدارة أوباما بشأن سياساتها في المنطقة، حتى مع سعي الرئيس أوباما  لطمأنتهم هذا الأسبوع في اجتماعات كامب ديفيد.

ومع تذمرهم من سياسات البيت الأبيض، وخاصة بشأن الاتفاق النووي الوشيك مع إيران، فإن السعودية وحلفاءها في الخليج يواجهون معضلة: حتى مع قيامها بدور أكثر نشاطا في الدفاع عن نفسها، لا تزال تعتمد كليا، تقريبا، على واشنطن في قضايا أمنها.

هذه التبعية “يجب أن تتغير، ويدركون أن هذا يجب أن يتغير”، كما نقلت الصحيفة عن “جان فرانسوا سيزنيك”، أستاذ الاقتصاد السياسي الخليجي في كلية الدراسات الدولية المتقدمة في جامعة جونز هوبكنز.

ويقول محللون إن عقودا من التعاون ومليارات من الدولارات في صفقات الأسلحة جعلت الخليج يرتبط بعمق مع الولايات المتحدة وبريطانيا بشكل لا يمكن التراجع عنه بسرعة. إذ إن قطر تستضيف أكبر قاعدة جوية للولايات المتحدة في المنطقة، والبحرين يستضيف الأسطول الخامس للبحرية الأمريكية. كما إن جهودها الرامية لتحقيق شراكة عسكرية مع بعض الدول الإسلامية زميل مثل باكستان ومصر لم تحقق نجاحا يذكر رغم عشرات المليارات من المساعدات.

ونقل التقرير عن الباحث “سيزنك” قوله: “السعودية تستخدم مقاتلات أمريكية الصنع في حملة القصف التي تقودها في اليمن، ولكن لا يمكن لأي منها أن تطير إذا رفضت الولايات المتحدة إرسال قطع غيار هذه الطائرات”.

وقد تسبب الشعور الخليجي بالإهمال من قبل واشنطن في أزمة ثقة، وتُوج هذا بإعلان الأحد أن الملك سلمان لن يحضر اجتماع هذا الأسبوع  بعد أن قال البيت الأبيض إنه سيشارك.

وأفادت الصحيفة أن مسؤولين أميركيين يحاولون قصارى جهدهم التهوين من شأن الحادث، وتحدث أوباما مع الملك عبر الهاتف يوم الاثنين تحضيرا للاجتماع، لكن استياء العاهل السعودي كان واضحا.

“إنها رسالة دبلوماسية تفيد أن المملكة العربية السعودية لا تتوقع أي شيء جديد من كامب ديفيد”، كما قال عبد الله الشمري وهو محلل سياسي سعودي ودبلوماسي سابق، وأضاف: “يعلم الجميع أن المملكة العربية السعودية ليست راضية عن إدارة الرئيس أوباما، وخصوصا عندما يتعلق الأمر بالصفقة مع إيران وبرنامجها النووي”.

“وكما تحاول الولايات المتحدة تقليل اعتمادها على النفط السعودي، يحاول السعوديون للتخفيف قدر الإمكان من الاعتماد على التحالف الأمريكي”، كما قال الشمري.

لكنَ السعوديين، وفقا للصحيفة، لا يزالون يعتمدون بشكل كبير على الولايات المتحدة، وعلى بريطانيا وإن بشكل أقل، في كل فرع من فروع أجهزة أمنهم.

 “إن سلاح الجو السعودي لا يمكن أن ينفذ مهمات يومية من دون مساعدة المدربين الأميركيين وخبراء الصيانة وتدفق قطع الغيار والذخيرة”، كما كشف بروس ريدل، وهو زميل بارز في معهد بروكينغز، متحدثا عن حملة القصف ضد المتمردين الحوثيين في اليمن بقيادة السعودية.

وقال تقرير صدر مؤخرا عن خدمة أبحاث الكونغرس إن قرار السعودية تحديث وتوسيع قواتها الجوية بسرب من الطائرات الأمريكية F-15 المقاتلة من شأنه أن يديم الاعتماد السعودي على قطع الغيار والتدريب المقدم من قبل المقاولين العسكريين والدفاعيين الأمريكيين.

وأضاف التقرير أن الولايات المتحدة تشارك أيضا في تدريب الجيش وتحديث الحرس الوطني السعوديين، كما إن المستشارين الأميركيين، الذين تدفع رواتبهم الحكومة السعودية، هم “جزءا لا يتجزأ من قطاعات الصناعة والطاقة والمكاتب البحرية والأمن الإلكتروني داخل الحكومة السعودية.

ثم إن السعودية والولايات المتحدة وبريطانيا تربطهم علاقات استخبارية وثيقة، فقد اجتمع كبار المسؤولين من الدول الثلاث في كثير من الأحيان وتبادلوا المعلومات.

وبالإضافة إلى ذلك، وفقا للباحث “بروس ريدل”، فإن عقود الطائرات المقاتلة، وتشمل اتفاقات صيانة وقطع الغيار وتحديث البرمجيات التي يمكن أن تستمر لسنوات، تحكم قبضتها على عمليات حفظ الأمن في هذه البلدان لفترات بعيدة.

وفقا لتقديرات الدكتور سيزنيك، من مدرسة الدراسات الدولية المتقدمة، فإن المملكة العربية السعودية قد أنفقت نحو 500 مليار دولار لبناء جيشها خلال السنوات العشرين الماضية، ونحو ثلاثة أرباع من هذه الأموال ذهبت إلى الولايات المتحدة. وأضاف: “وهذه مبالغ ضخمة”.

ورأى الباحث “ريدل” أنه في الوقت يمكن فيه أن تنتقل قطر بسرعة، بما تملكه من جيش صغير نسبيا، لإبرام صفقات أسلحة جديدة، فإن الأمر بالنسبة للسعودية سيستغرق وقتا أطول لدمج معدات عسكرية من مورد آخر.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.