خطر تعجيل المجاعة بغزة.. تعليق مساعدات “الأونروا” وخطة إسرائيلية خبيثة
وطن – قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الحقوقية إنه ينبغي للحكومات مواصلة تمويل “وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ـ الأونروا”، نظرا لدورها الهام في تجنب كارثة إنسانية وخطر المجاعة في قطاع غزة، بينما تحقق الوكالة في مزاعم مشاركة 12 شخصا من موظفيها في عمليات “طوفان الأقصى” والهجوم الذي أربك إسرائيل يوم 7 أكتوبر الماضي.
وحذرت “الأونروا” أكبر منظمة إغاثية في غزة، من أنه إذا لم يُستأنف التمويل “لن تتمكن من مواصلة” عملياتها في غزة أو الضفة الغربية، أو الدول الثلاث الأخرى في المنطقة التي تعمل فيها “بعد نهاية فبراير الجاري”.
خطة إسرائيلية لوقف مساعدات الأونروا في غزة
وبعد أن زودت سلطات الاحتلال الأونروا بمعلومات حول التورط المزعوم لعدد من موظفيها في هجوم 7 أكتوبر، أعلنت المنظمة أنها “اتخذت قرارا بفصل” الموظفين الذين تم تحديدهم. وأنها فتحت تحقيقا “دون أي تأخير للكشف عن الحقيقة”.
وأكد الأمين العام للأمم المتحدة لاحقا استقلالية التحقيق الذي تجريه الأمم المتحدة في هذه الادعاءات، مشيرا إلى أنه تم تفعيل “مكتب خدمات الرقابة الداخلية التابع للأمم المتحدة” فورا.
وقالت أكشايا كومار، مديرة المناصرة لشؤون الأزمات في “رايتس ووتش“: “الادعاءات ضد موظفي الأونروا خطيرة ويبدو أن الأمم المتحدة تتعامل معها بجدية. لكن حجب الأموال عن الوكالة الأممية الأكثر قدرة على توفير الغذاء والماء والدواء الضروري بشكل فوري لأكثر من 2.3 مليون شخص في غزة يظهر لامبالاة قاسية تجاه ما حذر منه كبار الخبراء في العالم من خطر المجاعة الذي يلوح في الأفق.”
وتابعت “كومار”: “المدنيون الفلسطينيون في غزة، بمن فيهم الأطفال والأشخاص ذوو الإعاقة والحوامل، يعتمدون بشكل كبير على خدمات الأونروا، ولا علاقة لهم بالادعاءات ضد الموظفين الأفراد”.
ويشار إلى أنه حتى 31 يناير/كانون الثاني 2024، جمدت 18 حكومة، شكلت مساهماتها تاريخيا أكثر من ثلاثة أرباع ميزانية الوكالة، مساهماتها استجابة لهذه الادعاءات.
ويلجأ أكثر من مليون فلسطيني نازح في غزة في مرافق تابعة للوكالة أو حولها وسط الأعمال القتالية الحالية، ويعتمد عدد كبير منهم على الوكالة للحصول على المساعدات الإنسانية الضرورية.
حكومات استجابة لمزاعم الاحتلال وأوقفت دعمها
أعلنت أستراليا، وإستونيا، وألمانيا، وأيسلندا، وإيطاليا، ورومانيا، والسويد، وسويسرا، وفنلندا، وكندا، ولاتفيا، وليتوانيا، وبريطانيا، والنمسا، ونيوزيلندا، وهولندا، والولايات المتحدة، واليابان أنها ستوقف دفعاتها للأونروا إلى أجل غير مسمى ردا على ادعاءات مشاركة عشرات من موظفي الوكالة في هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول.
من ناحية أخرى، أصدرت حكومات إسبانيا، وإيرلندا، وبلجيكا، وسلوفينيا، ولوكسمبورغ، والنرويج بشكل محق بيانات تؤكد استمرار دعمها المالي للأونروا في حين تؤكد أيضا على أهمية التحقيق في هذه الادعاءات.
بدلا من حجب الأموال الضرورية، أصدر “الاتحاد الأوروبي” وفرنسا بيانات أوضحت أنهما يعتزمان “مراجعة الأمر في ضوء نتائج التحقيق الذي أعلنته الأمم المتحدة والإجراءات التي ستتخذها” و”تقرير متى يحين الوقت”. قالت هيومن رايتس ووتش إن مساهمات الحكومات للأونروا طوعية وترجع إلى تقدير الحكومات.
وجدير بالذكر أنه بعد وقت قصير من هجوم 7 أكتوبر الذي نفذته كتائب القسام ـ الجناح العسكري لحماس ـ ضد إسرائيل، قطعت سلطات الاحتلال الخدمات الأساسية، بما فيها المياه والكهرباء، عن سكان غزة، ومنعت دخول جميع أنواع الوقود والمساعدات الإنسانية الضرورية باستثناء القليل.
-
اقرأ أيضا:
محمد البرادعي يوجه طلبا عاجلا لقادة الدول العربية بشأن “الأونروا” في غزة
“التجويع كسلاح حرب في غزة”
وهي أعمال عقاب جماعي ترقى إلى جرائم حرب. كما وجدت “هيومن رايتس ووتش” أن الاحتلال يستخدم التجويع كسلاح حرب في غزة، عبر تعمد عرقلة توصيل المياه والغذاء والوقود، وعرقلة المساعدات الإنسانية عمدا، وتدمير المناطق الزراعية وحرمان السكان المدنيين من المواد الضرورية لبقائهم على قيد الحياة.
تواصلت الغارات الجوية الإسرائيلية على غزة، فأصابت المدارس والمستشفيات، وحولت أجزاء كبيرة من الأحياء إلى أنقاض، ما أدى إلى تدمير أو تضرر 60% من الوحدات السكنية في غزة، وكان بعض هذه الضربات هجمات غير قانونية مفترضة.
حثّت “هيومن رايتس ووتش” حلفاء إسرائيل الرئيسيين – بمن فيهم الولايات المتحدة، وبريطانيا، وكندا، وألمانيا – على تعليق المساعدات العسكرية ومبيعات الأسلحة لإسرائيل طالما ترتكب قواتها ضد المدنيين الفلسطينيين، بدون حساب، انتهاكات خطيرة وواسعة النطاق ترقى إلى جرائم حرب.
وقالت المنظمة إنه على عكس مسارعتها إلى تعليق تمويل الأونروا حتى مع استمرار التحقيق – رغم لفت انتباهها إلى مزاعم خطيرة عن جرائم حرب محتملة – تواصل الولايات المتحدة، وبريطانيا، وكندا، وألمانيا تقديم الأسلحة والمساعدات العسكرية لدولة الاحتلال وسط تصاعد الأدلة على انتهاكات جسيمة.
سلّطت مجموعات الإغاثة الضوء على الحاجة الضرورية لعمليات الأونروا في غزة وقيمتها. في بيان مشترك، قالت 21 منظمة إنسانية إنها “صدمت من القرار المتهور بقطع شريان الحياة لشعب بأكمله من قبل بعض الدول ذاتها التي دعت إلى زيادة المساعدات في غزة وحماية العاملين في المجال الإنساني أثناء القيام بذلك”.
كما ردد المدير العام لكل من “منظمة الصحة العالمية” و”أطباء بلا حدود” الدعوات الموجهة إلى الجهات المانحة بعدم تعليق تمويل الأونروا.
جميع سكان غزة معرضون لخطر أزمة انعدام الأمن الغذائي الحاد
أصدرت مبادرة “التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي” متعددة الشركاء، والتي تنشر بانتظام معلومات حول حجم وشدة انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية على مستوى العالم، تقريرا في نهاية ديسمبر/كانون الأول خلص إلى أن جميع سكان غزة معرضون لخطر أزمة انعدام الأمن الغذائي الحاد أو أسوأ.
قالت المبادرة إن جميع الفلسطينيين في غزة تقريبا لا يتناولون جميع وجبات الطعام كل يوم بينما يجوع العديد من البالغين حتى يتمكن الأطفال من تناول الطعام، وإن السكان يواجهون المجاعة إذا استمرت الظروف الحالية.
أنشأت “الجمعية العامة للأمم المتحدة” الأونروا عام 1949 لخدمة اللاجئين الفلسطينيين. لدى الأونروا 30 ألف موظف وتقدم المساعدة الإنسانية المباشرة، والتنمية البشرية، وبرامج الحماية لأكثر من 5.9 مليون لاجئ فلسطيني مسجلين لديها ويعيشون في قطاع غزة والضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وسوريا، ولبنان، والأردن.
أكثر من نصف الميزانية العادية للأونروا مخصصة للتعليم. تأوي الوكالة أيضا أكثر من مليون فلسطيني نازح في 150 منشأة داخل قطاع غزة، بما يشمل مدارسها.
واستشهد 357 شخصا على الأقل، وأصيب 1,255 آخرين كانوا يحتمون داخل مباني الأونروا منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول.
وسبق أن سلّط وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس الضوء في 27 يناير/كانون الثاني على معارضة حكومته للأونروا منذ أمد طويل، مدعيا، من بين أمور أخرى، أن الوكالة “تديم قضية اللاجئين”، وكشف أنه “تحت قيادته” تعتزم الحكومة الإسرائيلية “العمل على حشد دعم الحزبين في الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، ودول أخرى على مستوى العالم لهذه السياسة التي تهدف إلى وقف أنشطة الأونروا في غزة”.
وفقا لمديري “اللجنة الدائمة المشتركة بين وكالات الأمم المتحدة”: “لا يوجد كيان آخر لديه القدرة على تقديم حجم ونطاق المساعدة التي يحتاج إليها 2.2 مليون شخص في غزة بشكل عاجل”.