شهرُ أيّار الحاسم في عام النّكبة الفلسطينيّة

من ألمِ نكبة شعبنا الفلسطيني المقدام , والغصة والحرقة المتقدةِ في حشاشتهِ , ومن تخاذل وتواطؤ العرب والعالم أجمع , سَرت شُهب الشّهداء في غلسِ المؤامرة الكبرى , لتنجلي الحقيقة و الشّهامة والشّهادة فوق رؤوس الأشهاد.

في شهر أيّار من العام 1948 تم تهجير أكثر من 800 ألف فلسطيني من ما يزيد عن 530 قرية وبلدة  و 662 ضيعة وقرية صغيرة فلسطينية,وكان عام انتهاء الانتداب البريطاني على فلسطين , و إعلان قيام الكيان الصّهيوني على بعض الأراضي الفلسطينية .

في الثاني من ذاك الشهر الشّديد العاتي على شعبنا , تمّ ارتكاب مجزرة بشعة قام بها عناصر (البالماخ) في قرية عين الزيتون قرب صفد , ما أسفر عن 36 شهيداً وتشريد أهل القرية , وفي السابع منه , أعلنت الدّول العربية قبولها بشروط الهدنة الأولى مع العصابات الصهيونية الحاقدة ,وفي الحادي عشر سقطت مدينة صفد الأبيّة بيد العصابات المجرمة , وكانت المدينة بعهدة القوات الأردنية بقيادة ضابطين هما 🙁 ساري الفنيش , و إميل جمعان ) , غادرها الأول خلسة,في الليلة السابقة , ثمّ ألقي القبض عليه على الحدود السورية ليقدم لمحاكمة عسكرية في دمشق ,لكن تدخل الملك عبد الله مما أدى للإفراج عنه ,والثاني غادر المدينة تنفيذاً لأوامر انسحاب الملك , فسقطت المدينة .

وفي ذات اليوم عُقِد اجتماع غير عادي للمنظمة الصهيونية في فندق ( بلتيمور ) في مدينة نيويورك الأمريكية , ليتبنى برنامج مجلس الطّوارئ وتضمن البرنامج لأول مرة مطالبة صريحة بقيام دولة يهودية في فلسطين الحبيبة .

أما في اليوم التالي , قامت المجموعات الصهيونية الحاقدة باقتراف مذبحة في قرية ( خبيزة ) قضاء حيفا , راح ضحيتها نحو 30 عربياً , وسقطت في نفس اليوم المشؤوم مدينة بيسان الغالية على نفوسنا .

وفي ذاك اليوم الأسود تناول الملك عبد الله العشاء في عمان مع غولدا مائير بحضور عبد الله التّل : ( كانت غولدا مقبوضة الشّهية كأنما مقبلة على معركة , وظلّ الملك يلاطفها إلى أن رُفِعت المائدة , وانسحب معها إلى غرفة الاجتماع ,ودار بينهما جدال طويل ,وانتهى بالاتفاق على أنّ يقف الجيشان الأردني والعراقي على الحدود التي رسمها مشروع التقسيم ) , ومما فضح هذا اللقاء تندر الملك بخشونة المرأة اليهودية وجبروتها .

وفي الثالث عشر من أيّار سقطت مدينة يافا بيد العصابات الصّهيونية , وقام مجموعة من المجاهدين الفلسطينيين وسريتا مشاة ومدرعتان أردنيتان تساندهم أربعة مدافع هاون بالهجوم على مجموعة مستعمرات كفار عتسيون , وسقطت على إثر ذلك الهجوم المستوطنات الأربع ( كفار عتسيون ,ريفاديم , ماسونوت اسحق وعين تسوريم ),

و وقع في الأسر 287 صهيونياً , وقتل نحو 200 آخرين , وفي المقابل استشهد 14 جندياً أردنياً وعدد كبير من المجهادين الفلسطينيين , وارتقى عدد من الأهالي بسبب الألغام .

وفي الرابع عشر من أيّار انسحب الجيش العربي ( الأردني ) بقيادة غلوب باشا من القدس وانسحبت بريطانيا من فلسطين معلنة انتهاء الانتداب , وأعلن بن غوريون زوراً وبهتاناً قيام الكيان الصّهيوني ( وعودة الشّعب اليهودي إلى أرضه التاريخية )وأعترفت الولايات المتحدة الامريكية على لسان رئيسها هاري ترومان المجرم ,الذي أعطى الأوامر بالقاء القنبلتين النوويتين على اليابان , بعد إعلان قيامها ب 11 ساعة , واقترفت قوة صهيونية مسلحة مذبحة وحشية راح ضحيتها 20 عربياً في قرية  ( أبو شوشة ) قضاء الرّملة .

وفي صباح اليوم التالي (يوم النكبة) , دخلت الجيوش العربية إلى فلسطين , وكانت تضم كحدٍ أقصى 14926 مقاتلاً موزعين على 12 كتيبة, معلنةً بذلك بدء حرب شاملة على الكيان الصهيوني الغاصب , وحققت تفوقاً ملحوظاً في الأيام الأولى , إلا أن عصبة الأمم المتحدة تدخلت كالعادة لصالح الكيان الصهيوني , و وجه مجلس الأمن بعد سبعة أيام من الحرب نداءً إلى كل من العرب واليهود لوقف إطلاق النّار , و يجدر الإشارة هنا أنه في ذات اليوم ارتكبت العصابات الصهيونية مجزرةً في مدينة عكا استشهد خلالها نحو 100 فلسطيني ثم سقطت المدينة في اليوم التالي , وفي اليوم الذي يليه سيطرت القوات المصرية على مدينة بئر السبع وفي المقابل سيطرت القوات الأردنية على بيت لحم .

وفي الثامن عشر من أيّار سيطرت القوات السّوريّة على موقع صهيوني قرب سمخ , وأعترف الإتحاد السوفيتي رسمياً بالكيان الصّهيوني .

وفي التّاسع عشر من  أيّار القوات المصريّة والأردنيّة تتصلان في بيت لحم , وتم اختيار الكونت فالك برنادوت وهو سويدي كوسيط دولي لإيجاد تسوية سلمية للوضع المستقبلي في فلسطين .

أما يوم الحادي والعشرين من أيّار كان دامياً بامتياز بعد مذبحة في بيت دارس شرق غزّة راح ضحيتها 360 مواطناً من أهل القرية وأحرق خلالها المستوطنون بيادر القمح , ومع هذا لم يتمكنوا من السيطرة عليها إلا في الخامس من حزيران .

وفي الثّاني والعشرين من أيار ارتكبت مجزرة في قرية الطنطورة قضاء حيفا من قبل الهاغاناه ذهب ضحيتها 200 فلسطيني , لكن في المقابل تابعت القوات المصرية الباسلة تقدمها و سيطرت على بلدة المجدل وفي اليوم التالي تابعت القوات المصرية نجاحاتها وسيطرت على بلدة عراق سويدان  ومستعمرة ( يدمردخاي ) .

وفي السادس والعشرين من أيّار جرت انتخابات المجلس التشريعي في غزة تحت الإدارة المدنية المصرية لقطاع غزة وفي المقابل أصدر ديفيد بن غوريون مرسوماً يقضي بتحويل الهاغاناه ( مختصر قوة الدفاع اليهودي ) إلى جيش الدفاع الإسرائيلي .

وفي التّاسع والعشرين من أيّار أقرّ مجلس الأمن الدولي الاقتراح البريطاني بدعوة العرب واليهود إلى وقف القتال لأربعة أسابيع , وأذعنت الجامعة العربية لقرار مجلس الأمن , وكانت هذه المدة كافية للصهاينة لالتقاط أنفاسهم وتضميد جراحهم , وهذا يعيد للذاكرة كلمة البطل الشّهيد عبد القادر الحسيني الذي ارتقى في معركة القسطل والذي قال جملته المشهورة للامين العام لجامعة الدول العربية ( إني أحملكم المسؤولية بعد أن تركتم جنودي في أوج انتصاراتهم دون عونٍ أو سلاح ) .

الرحمة  للشهيد الباسل ولجميع شهداء الوطن , عزّ الدّين القسام , يوسف أبودرّة , الشيخ عطية أحمد عوض ,عطا الزير , محمد جمجوم , فؤاد حجازي , ياسر عرفات ,د.فتحي الشقاقي , أحمد ياسين , الشيخ زهير القيسي , غسان كنفاني , أبو جهاد الوزير , د .عبد العزيز الرّنتيسي , د.وديع حداد, دلال المغربي , ناجي العلي , سعد صايل , يحيى عياش , صلاح خلف , أبوعلي مصطفى , محمود المبحوح , محمد الدّرة , آيات الأخرس , محمد الدّوابشة و مازن فقهاء .

المراجع :

الموسوعة الفلسطينيّة /دمشق/1984

تاريخ فلسطين الحديث/د.عبدالوهاب الكيالي

فلسطين أرض الحضارات /د.شوقي شعث

دور بريطانيا في تهويد القدس / د. علي أبو الحسن  .

قد يعجبك أيضاً

تعليقات

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

تابعنا

الأحدث