إلى عبق ثورية!

وطن- كل أصحابه القريب والبعيد تجاوزوا حدود اللوم معه في سابقة نادرة ..لا لسبب إلا لسابق وجودك العابر .. المؤقت في حياته..، لم يمهلوه ليفهموا عنه، وكأنه ليس بشراً مثلهم يتمنى.. وقد يخطأ في التمني..كما ما يزالوا يخطئون فيه وفي البشر.. عاتبوه بقوة فيك، وامتلئتْ “خزانة” أسراره الإلكترونية، المُسماة ظلماً بالإيميل، برسائل العتاب، كبار في السن والمُقام يسألون في فرح وحبور، وأحياناً لؤم وخبث:

ـ هل “…” عمنا الفاضل ..؟! وهو الذي طالما نهانا عن “زيغ” القلب .. مولانا أمرنا بالبعد بداية من الحفر الساحلية  السطحية غير الممتلئة بماء المطر، وحتى “خفر” السواحل .. ولا ندري أين قدمه الآن  “على” الطريق؟!

كانوا “يُعرضونَ” به في البداية برفضه المطلق مجرد تناول فكرة الارتباط الثاني.. ورؤيته المُلخصة في كونه استخفاف بسفينة العمر، تزمجر الأيقونات الصغيرة الخضراء على شمال صفحة التواصل الاجتماعي “الفيس بوك”، المُشيرة إلى الدردشة، ويتدافع أقرب الأصدقاء علواً وهبوطاً بسبب حميمية تواصله مع عدد منهم طوال الوقت، ومع أكثرهم تجربة مع “الإزاحة”.. إزاحة ما يعتقد إنه جاد القضايا والتفرغ لمناقشة تأثير ما فعلته “لاعبة” في النفس!

بنات العم والخالة ..تلك اللواتي طالما انتظرن الزوجة المرتقبة، أيام كانت النفس لا تعرف التمني وتختار على أسس موثقة من العقل والمنطق، أولاء اللواتي مصمصن الشفاه تجاه حسن انتقائه شريكة العمر خرجن من مخابئهن يرسلن عميق الأسئلة:

ـ أهي محنة منتصف خط حياة يا فيلسوف العائلة؟!

فيكِ كتب وابتهل إلى الخالق ان تكوني ثورية، كما صدق كلماتك وتوهم، وأن تشرق سماء المدن التي كانت ثورية عربية ..وما تزال تكافح ..تشرق بألقك وفواح عطرك ..

ابتهل ليل نهار لأجلك الا تبوأ مدنه في سرت، كما بني غازي، وأبيّن ومنفلوط بالقهقرى، والعودة عن الحرية.. لكم أضنى القلم إنه راهن على ارتجافة الضوء في محيا عينيك ألا تنخدع بفعل الثورات المضادة أو ما دونها من أقذار البشر ..وطرح السنوات التالية للحركات والانتفاضات من أشباه الرجال..وإن أدعوا الثورية والنضال!

الخصائص الثقافية والحضارية للثورات العربية

لأجلك أنت راهن وأرمز في الكلمات مبدعاً، من آسف، لا لشىء إلا لخيبة ظنه وذهوله من حقيقتك وما تمناه “فيك”، كنتِ لمحياي النور والطهر ولو أقدمتِ على غريب الأفعال منذ اللقاء الأول، ارتاع قلبه لما رآك في اللقاء الأول .. وأخبرتِه بإن الجميع قد مضى، مضوا دون علم “الشقي” بالأفكار الذي “كانه” وما يزال .. تشغله أفكاره عما يحدث من حوله ..مع كونه جديداً في المكان، كَذَّبَ نفسه في كونك “تقصدين”، وكذّب جرأتك الشديد .. ومغامرتِك الأشد في تاريخ حياته، بل دعا ربه ألا تكوني “تقصدين”.. مُجبر على التعامل معك هو، ولكنه آنس لوجهك .. أو تكونينها؟!

أو لإن مثله معانق للإبداع، ومن مواصفاته أن يكون برأي “عبد الوهاب محمد” :

“زي طيران الفراشة ع الشموع..

باعرف إني أروح وما أعرفش الرجوع!”

أو كما قالت العرب قديماً:

“وداوها بالتي كانت هي الداء”!

وقع في نفسه منك “شىء” ..، رغم وضوح كونك “تلعبين” أمامه.. أعدتْ المسير القديم إلى دربه، الشعور الشديد بالافتقاد ..، وحققتِ فيه ترجمة مقولة:

“بضدها تعرف الأشياء”!

تعلق بالروح منك ..فيما تطلبين بعضاً من متطلبات النفس، وتألق الروح الشديد منه استمر لما “استغربتِه”.. وكأن الفساد صار روحاً بين الغرباء، وفي حنايا الأمة، وتسلل حتى نال من محاولي نصرة الشرفاء!

لمجرد الشعور المتسلل “اليكما معاً” بإنه وإنك يمكن أن يضمكما مكان واحد إلى الأبد.. صار يُسآلُ نفسه .. هل باغتنا الشعور بالجنون قبيل انطفاء شمعة العمر بسنوات قليلة؟! وأين كانت الثمار، من أمثال حسن ظنه فيك، أيام كانت الشجرة قابلة للطرح؟

معك، ايا جميلته، كثيراً ما احتار .. في “استواء” إلتقاء روحين قبيل خط النهاية من العمر، يعلم إن سفينة الارتباط تمضي عنكِ، وقالوا له، واقسموا إن  “الحَبَّةَ” أو “الشوية” ..، التصرفات التي تبدرينها أمامه، ليسا خاصينِ به.. ولكنه ذاق في حضورك للمرة الأولى مذاق “وجع الروح” وخيبتها في إنسانة تأتيه قبيل انكسار ما تمناه ثورة بانكسار مشابه لروحه فيها، طال الطريق المضني عليه لدرجة تمنيه مشاركته فيه.. وكنت قد نسيتِ الطريق .. وعرف معنى “تليين” مفاصلها بعصارة الشعور بعمق محبة في قلب يتبعنا أنّى ذهبنا .. ردد مع عبد الله الفيصل فيكِ:

واكره التسايير في روضة .. إن لم يكن خطوي في الأول!

كان الوله الشديد يتوغل في عينيك كلما رأيتِهِ.. ينشر شظاً من عالم علوي من الجنة.. على الأرض.. فيستشعر “العذاب الشديد” ..يختلط بالقلب منه شعوران .. لا يعرف كيف تمكنا منه أو اجتمعا عليه في توقيت واحد، ولا يدري، وهو يشعر بهما في وقت واحد،.. أعاقل هو أم تُودعَ من فكره؟!

كم قال لنفسه في الليل إنك أتيتْ متأخرة على الأقل عشرين عاماً.. و ما فائدة وجودك الآن متأخرة حتى مل العمر ومله العمر..؟ إنه ليستشعر البرد الشديد حتى التجمد في القلب، والحرارة حتى الاشتعال في قلب قلبه.. أهو بالفعل ما يزال يحيا..

رغم حرصه على ألا يكتوي بنار التجربة إلا إنه أكثر من اكتوى.. تمهل في رحلة التعلق بها حتى النخاع .. وكان العود الذي قارب “اليبوس” وتمام الجفاف منه فرحاً حتى الثمالة بقليل المشاعر الذي يصل إليه في اعتيادي الحياة إلى مثله..فقد كان مثل كل البشر قبلك..فسربتِ إليه “طوفاناً” من نبع أمطار سخي .. ومن الذي في المشاعر يستطيع..مع الانهمار على عطشه؟ .. صدق مصطفى لطفي المنفلوطي:

” إن المرء ليصبر على جفاف المشاعر عمره .. ولكنه لا يصبر على الحرمان من السعادة بعد تذوقها”!

أو توهم تذوقها!

كنتِ لعينيه كما الثورات العربية .. كما المدن المنتظرة لضوء الشفق ..المنطقة الشرقية سواء بسواء مع محافظة الغربية، كما عدن وصنعاء.. طرابلس وبني غازي ..بيروت والدار البيضاء ..وسرت وصفاقس، كنتِ وهج الحلم .. ونموذجاً فريداً للتحرر الفكري والاتزان النفسي في الصبر على نوع معروف من الحرمان،  كما هو صبر المدن من المحيط إلى الخليج على افتقاد العدالة وروحها .. كنتِ كذلك لديه..وما زلتِ .. لكن في الخيال!‘

الدور العمومي لادوارد سعيد  في رحاب الأنسنة الثقافية

قد يهمك أيضاً

تعليقات

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

تابعنا

الأحدث