الرئيسية » غير مصنف » من سبتمبر الى داعش

من سبتمبر الى داعش

 

أطل علينا الحادي عشر من سبتمبر كعادته كل عام . مرة اخرى تجول الصورة المصنوعة باتقان في اذهان الملايين حين انهار البرجين الأشهر في العالم انهيارا هندسيا منظما لدرجة تثير الكثير من الأسئلة المشروعة غير البريئة.

لا يعنيني كثيرا ما حدث في ذلك التاريخ المشؤوم ولكن تداعيات ما حدث هي التي يجب التفكر فيها خصوصا وان القوة العظمى وجدت لها عدوا هلاميا يتشكل ويتبدل حسب الحاجة ويظهر عند الطلب , فهو قاعدة اسامة مرة وكيماوي صدام مرة اخرى وارهاب داعش هذه المرة , المهم انه عدو عربي مسلم ولديه النية لايذاء الغرب وتدميره ويسمى عند الغربيون واتباعهم من عاربة ومستعربة ارهابي .

خلاصة الأمر اننا كعرب وكمسلمين سنكون الخاسر الأكبر في نهاية المطاف وليس لنا ان نتباكا على اي نتيجة ستؤول اليها الامور بعد الحرب الكونية القادمة على ارضنا بحجة داعش فالطبيعة تأبى الفراغ وتملؤه حتما , وما نحن كامة الا فراغ يحتوي خواء فكان للاخر ان يملئ فراغنا بسلاحه وارادته بل وربما يوظفنا كي نهزم انفسنا بانفسنا لذلك فانه من السذاجة بمكان النظر الى الأمر من باب ان المخابرات الأمريكية هي التي صنعت أعداء امريكا الجدد لكن الثابت الأكيد انها احسنت الاستفادة من وجودهم وربما من اخطائهم ايضا .

المسمار الأول في نعش هذه الامة كان توقيع السادات لاتفاقية سلام منفردة مع العدو الصهيوني والذي اخرج مصر مرحليا من دائرة التضامن العربية بحدها الادنى وقسم الأمة الى معسكرين متناحرين سياسيا تلاه مسمارا لا يقل ضراوة عن سابقه تمثل في الغزو العراقي للكويت والذي قسم المقسم ولكن على ارضية عسكرية هذه المرة واتاح للحكام العرب فرصة الدوس على المحرمات فاصبح من الممكن الاحتماء بالاجنبي واستضافة قواعده العسكرية واصبح ممكنا ان يشن جيشا عربيا الحرب على جيش عربي اخر ويسمي كل منهم الاخر بالعدو .

على الطرف الاخر فشل القادة الفلسطينيون في النأي بانفسهم عن هذه العواصف التي ضربت الامة ولم يتمكنوا من الحفاظ على مكانة القضية الفلسطينية المقدسة في نفوس الشعوب العربية بل واضافوا اسوأ ما يمكن اضافته الى المشهد المرتبك بالذهاب الى اوسلو وتوقيع الاتفاقية الأقبح في التاريخ فاتحين الباب لكل من اراد التطبيع مع العدو الصهيوني عوضا عن انهم اعطوا صكا تاريخيا لدولة العدو كي تصبح جارا طبيعيا لباقي الدول العربية مقابل سلطة منزوعة الدسم على فتات تبقى من الضفة الغربية وغزة الجريحة .

 الحديث عن القضية الفلسطينية في سياق هذه الحرب الكونية القادمة على الاسلام بحجة داعش ليس غريبا على الاطلاق , فكل حرب على الامة هدفه الاول والاخير حماية الكيان الصهيوني وتوسيع رقعة نفوذه لانه باختصار يمثل الواجهة الاستعمارية الغربية التي حلت محل الخلافة العثمانية في تسيير شؤون الامة .

نذر الحرب الاتية من خلف الاطلسي توحي بان الحرب الاتية لن تكون قصيرة على الاطلاق وتحمل ملامح الشرق الاوسط الجديد الذي يراد له ان يتشكل من رحم الفوضى الخلاقة التي بشرتنا بها سيئة الذكر كونداليزا رايس عندما كانت على مقعد الخارجية الامريكية يضاف الى ذلك نكهة الثورة العربية المضادة التي نذرت نفسها لافشال المشروع السياسي الوسطي المتمثل في جماعة الاخوان المسلمين الذين فازوا بثقة الشارع الثائر في تونس وليبيا ومصر .

الساحة السورية تليها الساحة العراقية تعتبر الى حد بعيد انبوبة الاختبار للفوضى الخلاقة التي تريدها لنا الولايات المتحدة وليس من المرجح ان يفلت نظام عربي واحد من المصير السوري بغض النظر عن درجة ولائه للمخطط الأمريكي فالمصلحة الاسرائيلية المتطابقة مع نظيرتها الامريكية تكمن في ايجاد دول فاشلة وغارقة في الفوضى حول اسرائيل لان ذلك سيجعل منها الدولة العظمى المتماسكة الوحيدة في المنطقة .

قد يظن بعض الحكام العرب المتعاونون والداعمون لهذا المخطط انهم بمنئى عن النتائج الكارثية المتوقعة لهذا الغزو العالمي بحجة داعش لكن التاريخ علمنا ان من أعان ظالما ذل على يديه ولا ارى نهاية لهذا الغزو الا بتقسيم كافة الدول العربية الكبيرة نسبيا والسيطرة على مقدراتها النفطية خاصة لتكون الاموال التي استثمروها ( اي بعض حكام الخليج ) في هدم هذه الامة حسرة عليهم وسوف يتحولون جميعا الى رؤساء بلديات برتبة ملوك ورؤساء قبلتهم تل ابيب ونهايتهم في احسن حالاتها قذافية المذاق وعندها يصلح فيهم قول الشاعرة :-

                     ابك مثل النساء ملكا مضاعا     لم تحافظ عليه مثل الرجال .  

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.