الرئيسية » أرشيف - ثقافة » قصيدة: آفة الرشوة

قصيدة: آفة الرشوة

( مساهمة لتخليد اليوم العالمي لمناهضة الرشوة )

 

 

الرشوة.. وما أدراك ما آفة الرشوة القاتلة الفتاكة..

وجبة العصر يتناولها المستفيدون بالنهم والشراسة..

تنخر أمعاء المجتمعات بأطعمة الفساد السامة..

عملة في المتناول، تشري بين الناس بالإباحية..

تحت أسماء بعيدة كل البعد عن معاني الرشوة.. 

هي في الأعراف، حق من الحقوق المستباحة..

لكل قادر على استجلابها بالواضح وبالمرموز..

في كل مجالات الحياة بسلوك مريض مهزوز..

لقضاء حاجة مستعصية بأقل تكلفة في الإنجاز..

وكذا واجبا من الواجبات عند غالب الراشين..

من أجل خرق القانون واستغلاله عند النصابين..

وعند محتاج يكره الانتظار وتسويف الإداريين..

أو لمخافة تطبيق القانون عند الدركيين والأمنيين..

أو لابتزاز أصحاب السلطة والنفوذ والمفترين..

أو لقلب الحقيقة والمحاضر لصالح الظالمين..

بقدرة قادر، يتحولون إلى ضحايا ومظلومين..

أو للفوز بصفقات المناقصة لدى الانتهازيين..

 

فالرشوة الخبيثة تمارس في كل المجالات..

تحت قاموس من العبارات ومن المسميات..

تقوم على الترغيب والترهيب والوساطات..

هي آفة وفسادا وغشا ينخرون المجتمعات..

تعوَد عليها الراشون قهرا لقضاء الحاجات..

مرغمون أبدا على أدائها بدون أي مبررات..

راضون بأمر الواقع القاهر وبالحال المريب..

دون محاسبة الضمير أو مخافة الله الرقيب..

مدمنون عليها، راش ومرتش، بدون حسيب..

لا قيم أخلاقية ولا دين يردع هؤلاء المنافقين..

مؤمنون؛ فهم يصلون، يركعون ويسجدون..

يصومون ويزكون.. وفي الغالب يحجون..

لكن أصابعهم الآثمة ممدودة أخذا وعطاءَ..

واللعنة عليهم أبدا، تتبعهم صباحا ومساءَ..

فالرشوة حرمها الإسلام في الكتاب والسنة..

وفي جميع الأديان؛ سماوية وغير سماوية..

والراشي والمرتشي والوسطاء، وعدوا بالنار..

تلاحقهم اللعنة دائما في كل مكان ليل نهار..

مهما صلى وصام وتذرع بكل إيمان والتزام..

ومهما زكى وحج، إن استطاع، لبيت الحرام..

 

فمن العار أن تتفشى في بلاد الإسلام والاعتدال..

ممارسات من رشوة وتحرش بالنساء والأطفال..

ومن نفاق وغش وكذب، وفساد ونصب واحتيال..

فكيف لبلد به الآلاف من المساجد والصوامع..

وبلد يحكمه أميرا للمؤمنين وبلد أشهر الجوامع..

وبلد المجالس العلمية  ودار الحديث الحسنية..

وبلد الفقهاء ورجال العلم والدروس الرمضانية..

وبلد الزوايا والأضرحة والمدارس الدينية العتيقة..

ومدفن أولياء الصالحين وحفظة القرآن بالأريحية..

بكل هذا، تكون مرتعا خصبا للراشين والمرتشين..

وسوقَا للنخاسة للمتحرشين، وكذا المغتصبين..

وتجارُ الرذيلة في الظلام، وباقي كبار المفسدين..

فأين هي أخلاق الإسلام وأخلاق المسلمين؟؟

فإن لم يقم الإسلام بنهي عن الفحشاء والمنكر..

يبقى مجرد إيمان دون عمل، وبدون ذكر يُذكَر..

فما مكانة المسلم بلا قيم الإسلام في الوجود؟

إذا لم ينعكس إيجابا في الحياة اليومية للأفراد..

فالإسلام دين معاملة، وإيمان وعمل لا ينفصلان..

فلا إيمانا بدون عمل، وهما متلازمان في القرآن.  

والمسلمون يلتقون مع الإسلام غالبا في الأقوال..

إلا أن هناك فرق بينهما عند التطبيق في الأفعال..

فالإسلام أخلاق حقا، بعد الإيمان وعبادة الله التواب..

فإذا ما الأخلاق انسحبت، لم يعد للمؤمنين أي مآب.

 

———————————————-

بنعيسى احسينات – المغرب 

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.