وطن – قال أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية في بيروت، والكاتب والمحلل البارز هلال خشان إن القاهرة تسير على حبل مشدود فيما يتعلق بالحرب التي تشنها اسرائيل على قطاع غزة، فهي غير راغبة في إدانة هجوم حماس أو دعمه بشكل قاطع لكنها تتخوف من أمر واحد فقط.
ومثل العديد من الدول الأخرى، تفاجأت مصر بالحرب بين إسرائيل وحماس، ولم يترك حجم الهجوم الذي شنته حماس يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول مجالاً كبيراً لمصر للتوسط في وقف إطلاق النار بين إسرائيل والجماعة المسلحة، كما فعلت مرات عديدة في الماضي.
ويقول خشان، في تحليله إن المسؤولين المصريين أكتفوا بالحث على عدم توسيع الحرب إلى أجزاء أخرى من الشرق الأوسط، بدلاً من المطالبة بوقف القتال.
وأشار خشان إلى أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لا يشعر بالقلق إزاء مصير “حماس”، الحليف الوثيق لعدوه اللدود، جماعة الإخوان المسلمين، بل إنه يشعر بالقلق إزاء العواقب البعيدة المدى المترتبة على خلق واقع إقليمي جديد ــ وخاصة في وقت بدا فيه أن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني ينحسر، وأن المزيد من الدول العربية، بما في ذلك السعودية، تعمل على تسريع محادثات لتطبيع العلاقات مع إسرائيل. بحسب موقع الخليج الجديد
وحول منهج السلطة المصرية الحالية إزاء الفلسطينيين في غزة، أوضح خشان أن المصريين طوروا تصورًا للفلسطينيين على أنهم مثيري مشاكل يحتاجون إلى المراقبة المستمرة من قبل أجهزة المخابرات في البلاد.
مافيا معبر رفح
كما واجه الفلسطينيون الذين يحاولون الفرار من غزة إلى مصر التمييز وسوء المعاملة، وذلك من قبل اندلاع الحرب الحالية، ودائما ما يتم طلب أموال طائلة منهم مقابل العبور للعلاج أو السفر، وهي الأموال التي تضاعفت خلال الأزمة الحالية، وتذهب إلى وكالات تعمل مع مافيا من الضباط وأفراد المخابرات المصرية، على حد قول خشان.
وذهب خشان إلى القول أن هذه المافيا لا ترحم المصابين الذين يطلبون العلاج خارج غزة، حتى أنهم يجب عليهم دفع 5000 دولار للدخول إلى مصر.
السيسي لا يريد فتح المعبر
ووفق الكاتب المهتم بالأمن الإقليمي في الشرق الأوسط، مع التركيز على الخليج العربي فإن السيسي لا يريد فتح معبر رفح، ويعتقد أنه إذا فتحه سيخاطر باستعداء الإدارة الأمريكية، رغم أن أطرافاً في المنطقة، ومنها الأردن، ترى أن واشنطن ستعطي الضوء الأخضر لهذه الخطوة.
خاصة بعد أن أمرت محكمة العدل الدولية إسرائيل باتخاذ خطوات لضمان توفير المساعدات الإنسانية لسكان غزة.
وربط خشان في دراسته التحليلية عدم رغبة السلطة المصرية مساعدة غزة بموقف السيسي العدائي للغاية ضد “حماس” التي يعتبرها امتدادا للإخوان المسلمين، بعيداً عن أي اعتبارات إنسانية كما يُفترض حتى أن القاهرة أرسلت قوات إلى الولايات المتحدة للتدريب على تحديد وتدمير الأنفاق المستخدمة لتهريب الأسلحة والسلع الأخرى إلى غزة.
-
اقرأ أيضا:
السيسي مشارك رئيسي بتجويع غزة.. “هيرست” يتنبأ بثورات مزلزلة في دول عربية بينها مصر
استهلاك محلي
وعرج خشان في دراسته ليتحدث عن ممر فيلادلفيا الذي أثار الكثير من الجدل في الأشهر الماضية فبعد الانسحاب من قطاع غزة في عام 2005، وقعت إسرائيل اتفاقاً مع مصر يحكم إدارة ممر فيلادلفيا (صلاح الدين)، وهي منطقة عازلة ضيقة على طول الحدود بين غزة ومصر.
وعبر الكاتب عن اعتقاده بأن رفض مصر المعلن لسيطرة الاحتلال الإسرائيلي على ممر فيلادلفيا يبدو غير حاسم، لا سيما أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اعتبر أن تصريحات المصريين والسيسي في هذه النقطة “للاستهلاك المحلي فقط”.
ويقول خشان إن الحقيقة تشير إلى أن مصر في عهد السيسي تعاونت مع إسرائيل في كل حروبها السابقة ضد “حماس”.
ويرى المسؤولون المصريون أن محاولة إسرائيل السيطرة على ممر فيلادلفيا من شأنها أن تعرض العلاقات الثنائية للخطر، في حين يعتقد الإسرائيليون أن علاقاتهم الوثيقة، التي تعززت على مدى عقود منذ زيارة الرئيس المصري أنور السادات إلى القدس في عام 1977، سوف تنجو من الاحتلال المؤقت للممر.
ولفت خشان إلى أن أقصى ما يمكن أن تفعله مصر إذا سيطرت إسرائيل على الممر هو تجميد التنسيق الأمني الثنائي دون قطع العلاقات الدبلوماسية.
وبما أن العمليات الإسرائيلية الكبيرة شمال قطاع غزة ومدينة خان يونس تقترب من نهايتها، فإن جيش الاحتلال الإسرائيلي سيتجه قريباً نحو رفح.
وبما أن أكثر من نصف سكان غزة لجأوا إلى مقربة من الحدود المصرية، فإن الهجوم الإسرائيلي على الجزء الثالث والأخير من القطاع –حسب قوله- من شأنه أن يجبر الفلسطينيين على النزوح إلى شمال سيناء.
كوابيس رابين
وكان موقع الجامعة الأمريكية ببيروت أجرى لقاء مع الباحث السياسي هلال خشان زعم فيه أن اسرائيل لا تريد غزة ولن تعود إليها أبداً إذا خرجت منها وكانت سعيدة بالتخلص منها، وأضاف أن اسحق رابين، عندما كان رئيسا للوزراء، كان يرى كوابيس بشأن غزة. وكان ذلك أثناء الاحتلال الإسرائيلي لغزة. وكان يحلم بأن تغرق المدينة في البحر الأبيض المتوسط.
واقترحت إسرائيل-كما قال- تسليم غزة إلى مصر. علماً أن مصر أدارت قطاع غزة بين عامي 1949 و1967.
وحسب زعم الكاتب السياسي الزميل في معهد “دبس إريك إيجز” فإن الإسرائيليين يشعرون بأنه يجب عليهم تدمير حماس، لأن حماس تقدم نفسها كتهديد وجودي. معرباً عن اعتقاده بأن إسرائيل ليس لديها سياسة خارجية حقيقية. بل لديها مخاوف داخلية. أما ما بعد حماس فهو أمر آخر.
وحول دور إيران رأى الكاتب أن هذا الدور سيضعف في المنطقة. وإيران تدافع منذ سنوات عن قضية الفلسطينيين ومحور المقاومة. والآن نرى أن هذا ليس سوى دعاية لأنهم لا يفعلون شيئًا.