الحرب على غزة.. كيف يستخدم جيش الاحتلال الصور المضللة لإرهاب الفلسطينيين؟
وطن- خلال الحرب التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، فإنه يعمد إلى استخدام صور مضللة في محاولة لإرهاب الفلسطينيين على صعيد واسع.
ففي يوم 13 ديسمبر، انتشرت على نطاق واسع صورة تُظهر أسرى فلسطينيين من غزة، جمعتهم قوات الاحتلال أخذت في تصويرهم واحدًا تلو الآخر، ورغم أن الصورة احتوت على أسرى حقيقيين، إلا أنها صورة مفبركة.
حصدت الصورة تفاعلًا كبيرًا عربيًا وأجنبيًا، واعتبرها كثيرون دالةً على الانتهاكات وجرائم الحرب التي تمارسها قوات الاحتلال، فيما اعتبرها مستخدمون آخرون دليلًا على انتصارات الجيش الإسرائيلي في غزة على المقاومة، ولكن يبدو أن الصورة جزء من خطة أكبر لإرهاب الفلسطينيين، وفق تقرير لمنصة صحيح مصر.
أوّل من نشر الصورة “قناة 12” الإسرائيلية الساعة 11:33 مساء يوم 12 ديسمبر، قبل أن يعيد نشرها صحفيون ومؤثرون على مواقع التواصل باعتبارها صورة حقيقية، مثل أريك تولر صحفي التحقيقات البصرية مفتوحة المصدر في نيويورك تايمز.
الأسرى حقيقيون
وفي حين لا تظهر وجوه عشرات الأسرى ممن يرتدون ملابس سوداء في الصورة، كانت ملامح وجوه 4 فقط واضحة، مما سمح بالتعرف على أحدهم وهو الطبيب خالد حمودة.
فقد أشار حساب على موقع “X” باسم مصطفى عدوان إلى أن أحد الأشخاص الذين يظهرون في أقصى الجانب الأيسر من الصورة هو زميله ويدعى خالد حمودة.
وقال عدوان في “التدوينة” باللغة الإنجليزية: “أنا مصدوم. صديقي العزيز وزميلي ومرشد الجراحة الدكتور خالد حمودة يتم اختطافه من قبل القوات الإسرائيلية. الدكتور خالد هو جراح مسالم وموهوب ومتفاني. لقد قام بتدريبي على العديد من المهارات الجراحية. لقد فقد مؤخرًا جميع أفراد عائلته تقريبًا بما في ذلك زوجته وابنته”.
من المؤكد أن في الصورة أسرى حقيقيين، اختطفهم جيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة، لكن كل شيء آخر في تكوين الصورة مفبرك، وهذا ما اكتشفه تحليل “صحيح مصر”.
تحليل الصورة
يظهر في الصورة تشوّهات في الأبعاد، والذي يمكن ملاحظتها بمقارنة أحجام جنود الاحتلال في خلفية الصورة بأحجام الأسرى الذين يرتدون ملابس سوداء، ومقارنة أحجام هؤلاء الأسرى بالأسرى الـ5 الواقفين في مقدمة الصورة. بالإضافة لذلك هناك علامات واضحة تؤكد أنّ الصورة مفبركة، وأنّها على الأرجح مركبة من صور مختلفة.
بالتدقيق في صور مجموعة الأسرى الذين يرتدون ملابس سوداء، يمكن ملاحظة تكرار عدد منهم في أماكن مختلفة بزوايا مختلفة، رصد “صحيح مصر” 3 منهم على الأقل بشكل مؤكد.
وتظهر العديد من التشوهات في الصورة مثل أرجل الأسرى التي تختفي بين الرمال في الزاوية اليسرى من الصورة.
ومن بين التشوهات أيضًا عدم وضوح وجوه عدد من الأسرى رغم وضوح وجوه كل من حولهم من كل الجهات، وكأنّ وجوههم ممسوحة، إضافة إلى اختفاء رؤوس عدد من الأسرى.
وتوجه نظر الأسرى الأربعة في مقدمة الصورة يكشف أيضًا أنّها مركبة، حيث أن كل واحد منهم ينظر في جهة مختلفة، وكلهم لا ينظرون إلى الجندي الذي يضيء بكشاف في وجوههم وكأنّه غير موجود. ويعزز التأكيد بأن صورهم مركبة، أن ظلالهم غير متناسبة معًا وغير متناسبة مع جهة إضاءة الكشاف.
صورة مفبركة لإرهاب الفلسطينيين
ليست هذه المرة الأولى التي تنشر فيها إسرائيل، أو إعلامها أو منصاتها، صورًا مفبركة تدعي أنها لأسرى فلسطينيين في غزة، سبق أن حدث ذلك مع صورة انتشرت أيضًا بشكل واسع، ويُرجّح أنّها مصممة بالذكاء الاصطناعي.
وقالت صحيفة هارتس الإسرائيلية في تقرير لها، إنه لسنوات، استخدم الجيش الحرب النفسية ضد من سمتهم أعدائه في محاولة لتقويض خطاباتهم، والتأثير على السكان -بما في ذلك في قطاع غزة وإيران ولبنان- والترويج لنجاحاته.
وتنفذ هذه الحملات سرًا، باستخدام حسابات مزيفة، دون ترك أدلة على تورط الجيش الإسرائيلي”.
وكشفت الصحيفة أن قسم التأثير في مديرية العمليات في جيش الدفاع الإسرائيلي، المسؤول عن عمليات الحرب النفسية ضد العدو والجمهور الأجنبي، ويدير قناة على تليجرام اسمها “72 عذراء – غير خاضعة للرقابة”.
وهذا نفس ما أكده مسؤول عسكري كبير للصحيفة الإسرائيلية، إذ أن القناة التي يتابعها حاليًا ما يقارب 13 ألف شخص وأنشئت 7 أكتوبر الماضي، نشرت نحو 575 صورة وفيديو معظمهم عن حجم الدمار في غزة، بالإضافة إلى نشر صور لأسرى فلسطينيين مؤخرًا.
إلا أن الجيش الإسرائيلي نفى أن قناة تليجرام تعمل نيابةً عنهم وزعم أنه “إذا كان هناك أي اتصال من قبل جنود أو أطراف أخرى مرتبطة بالصفحة أو عملها، فقد تم ذلك دون موافقة ودون سلطة”.
الحرب النفسية التي تشنّها إسرائيل ضد قطاع غزة لم تكن الأولى، إذ كشفت صحيفة هارتس مارس الماضي، أن وحدة المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي نفذت حرب نفسية خلال حرب 2021 في غزة، بعد أن شعرت بتأثر مواطنيها بالهجمات الصاروخية التي شنتها المقاومة في غزة ضد إسرائيل أكثر من هجمات الجيش داخل القطاع.
-
اقرأ أيضا: