وطن- بالنظر إلى الانقلابات والتغيرات السياسية في عدد من دول غرب إفريقيا، من الممكن أن تتأثر علاقات المغرب بتلك الدول بشكل كبير. العوامل التي يمكن أن تؤثر على هذه العلاقات تشمل:
التأثير على الاستثمار المغربي
قد يتأثر الاستثمار المغربي في تلك الدول بناءً على استقرارها السياسي والاقتصادي. إذا كان هناك اضطرابات سياسية أو اقتصادية، قد يتعين على المستثمرين المغاربة إعادة تقييم استثماراتهم واتخاذ إجراءات احترازية.
حيث تعدّ الغابون من الوجهات المفضلة للملك محمد السادس في القارة الإفريقية، سواء لقضاء عطله أو لأجل عقد زيارات عمل كتلك التي قام بها شهر فبراير/شباط من هذا العام، سلّم خلالها هبة تتكون من 2000 طن من الأسمدة للمزارعين الغابونيين، وهي ترجمة لعلاقات قوية، بدأت منذ عهد الحاكمين الراحلين، الملك الحسن الثاني والرئيس عمر بونغو أونديمبا.
الأمر ذاته ينطبق على بقية الدول الإفريقية التي شهدت مؤخراً انقلابات، وعدد من الدول الأخرى في القارة خصوصاَ في وسطها وغربها مع اختلاف الدرجات.
وهو بالفعل ما ينعكس على المبادلات التجارية، التي بلغ نموها بين المغرب وباقي دول القارة 6.1 بالمئة ما بين 2009 و2019، حسب بيانات رسمية مغربية، كما تستحوذ إفريقيا على 43 بالمئة من الاستثمارات المغربية المباشرة في الخارج، حسب أرقام مكتب الصرف المغربي عام 2021.
الصحراء الغربية
يُواصل المغرب التعامل مع تطورات قضية الصحراء الغربية منذ عقود، وقد تؤثر التغيرات في السياسة الإقليمية على ملف الصحراء. تطورات في العلاقات مع دول غرب إفريقيا يمكن أن تؤثر على موقف المغرب وتأثيره في مسألة الصحراء الغربية.
فبينما تدعم النيجر الموقف المغربي لكن ليس بالقوة التي تدفعها لتتخذ قراراً مماثلاً بفتح قنصلية، تُبقي مالي موقفها محايداً في الملف وتربط بينه وبين تسوية أممية، ما يفسر بحثها عن علاقة متوازنة مع المغرب ومع جارتها الشمالية، الجزائر.
ويرى حسني عبيدي، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة جنيف، أنه بشكل عام، ليس من مصلحة القادة الجدد في دول الانقلابات إجراء تغييرات كبيرة لوجود مرحلة انتقالية خصوصا العلاقات الخارجية. ويعطي “عبيدي” بالمثال ببريس أوليغي أنغيما، رئيس المجلس العسكري الانتقالي للغابون، فهو خريج الأكاديمية العسكرية في “مكناس” وسط المغرب.
ويوضح عبيدي، في حديثه لـDW عربية أنها لم تحسم مواقفها بعد، ولديها ما يكفي من القضايا الداخلية حتى تتفرغ للسياسة الخارجية، لكنه يستطرد أن العلاقات المغربية مع مالي وبوركينا فاسو والنيجر، ليست قوية كما هو الحال مع الغابون الذي يحظى بعلاقة خاصة مع المغرب.
التعاون الاقتصادي والتجاري
يمكن أن تؤثر التغييرات في العلاقات السياسية على التعاون الاقتصادي والتجاري بين المغرب ودول غرب إفريقيا. قد تكون هناك تحديات جديدة تتعلق بالتجارة والاستثمار بناءً على التغيرات في السياسات والعلاقات الدولية.
ويرى رشيد أوراز-حسب ذات المصدر- أن تأثيرات الانقلابات على الجانب الاقتصادي غالباً ما تكون سلبية، إذ يمكن أن تؤدي إلى فوضى وعدم استقرار وتراجع النمو الاقتصادي، وبالتالي تفقد هذه الدول جاذبيتها وتنافسيتها وانفتاحها، خصوصاً على قطاعات كالبنوك والتأمينات وتطوير البنى التحتية، وهي القطاعات التي يركز عليها المستثمرون المغاربة.
كما تفتح هذه الاضطرابات المجال لقوى اقتصادية أكبر قادرة على تحمل المخاطر.
الجدير بالذّكر أن علاقات المغرب القوية بهذه الدول لا تتلخص فقط في الجانب الاقتصادي، بل تعتبر الدبلوماسية الدينية بين الرباط والدول ذات الغالبية المسلمة واحدة من أوجه هذه العلاقة، خصوصاً منذ تدشين الرباط لمؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة التي دعت أعضاء من 30 دولة إفريقية.
الدور الإقليمي للمغرب
يلعب المغرب دورًا إقليميًا مهمًا في غرب إفريقيا، والتغيرات السياسية في تلك المنطقة قد تؤثر على هذا الدور. قد يتعين على المغرب التكيف مع التغيرات الجديدة والسعي للمحافظة على تأثيره الإقليمي.
بشكل عام، حسب مراقبين للشأن السياسي المغربي، من المهم أن يتبع المغرب سياسة دبلوماسية حذرة ويتعاون مع الدول الجارة وشركائه في غرب إفريقيا من أجل تعزيز الاستقرار والتعاون الاقتصادي والسياسي في المنطقة وحل القضايا الإقليمية مثل الصحراء الغربية بطرق سلمية وبناءة.