وطن– في إطار الحرب المشتعلة عبر الفضاء الإلكتروني بين الناشطين الجزائريين والمغاربة، ضجت العديد من الحسابات المغربية على مواقع التواصل الاجتماعي خلال الساعات الماضية، بصورة مزعومة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ممسكاً بجمجمة مجاهد جزائري.
ووفقاً للصورة المتداولة التي رصدتها “وطن“، فقد ظهر الرئيس الفرنسي ممسكاً بجمجمة لأحد المجاهدين الجزائريين بيده اليمنى، فيما يُظهر ابتسامة عريضة.
قالك الجماجم باقين عند ماكرون هم الاولى تعطوهوم رحلة مباشرة باش يرجعوا لبلادهم pic.twitter.com/gNxfjDhgLe
— اللاعب رقم 9 😍 (@Yangsejong19921) January 17, 2023
الصورة لا علاقة لها بـ”ماكرون”
وبعد البحث عن أصل الصورة، اتضح لـ”وطن“، بأن الصورة تعرضت للتلاعب عبر برامج “الفوتوشوب”، ولا علاقة لها بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ولا علاقة لها أيضاً بجماجم المجاهدين الجزائريين التي تحتجز فرنسا العديد منها حتى اللحظة.
حقيقة الصورة
بالبحث اتضح أن الصورة الأصلية تم نشرها في أكتوبر/تشرين أول الماضي، على موقع “هيدي” السويدي، وهي تعود لعالم الوراثة القديمة السويدي سفانتي بابو.
وكان “بابو” البالغ من العمر 67 عاماً، ومدير معهد ماكس بلانك للأنثروبولوجيا التطورية، في لايبزيغ، قد فاز بجائزة نوبل للأحياء، عن بحثه الذي يهدف إلى دراسة جينوم الأنواع القديمة.
وتوصّل “بابو” في بحثه -هو وفريقه- إلى أن هناك نوعين من البشر انقرضا، وهجّن بهما الإنسان الحالي منذ عشرات الآلاف من السنين.
وتمكّن عالم الأحياء السويدي وفريقه من إجراء التسلسل الأول لجينوم إنسان نياندرتال، الحمض النووي للميتوكوندريا (أكثر وفرة) في عام 1997، وجينوم أكثر اكتمالًا في عام 2010.
وكانت هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها استخدام الحمض النووي لأسلاف أخرى، من خلال العديد من الحفريات في أوروبا التي تم الكشف عنها.
متحف الإنسان و18 ألف جمجمة
يشار إلى أن هناك أكثر من 18 ألف جمجمة محفوظة بمتحف الإنسان في باريس، 500 فقط منها تم التعرف على هويات أصحابها، من ضمنهم 36 قائداً من المقاومة الجزائرية قُتلوا ثم قطعت رؤوسهم من قبل قوات الاستعمار الفرنسي في أواسط القرن التاسع عشر.
ونظراً لجدل حادّ قائم بين فرنسا والجزائر حول حقبة الاستعمار والأرشيف المتعلق بها، حُفظت هذه الجماجم في قاعة منعزلة في المتحف بعيداً عن مرأى العموم. وعلى الرغم من أنها تعتبر أجساماً علمية، فإن لديها أيضاً قيمة أخلاقية، إذ تتعلق بسلالة من الأبناء والأحفاد.
جماجم قادة المقاومة الجزائريين
ولم يكشف سرّ وجودها سوى في آذار/مارس 2011، بعد تحركات الباحث الجزائري علي فريد بالقاضي؛ حيث إن هذه الجماجم لا تعود إلى لصوص ولا قطاع طرق، ولكن إلى قادة بارزين في المقاومة الجزائرية، وفي مقدمتهم شريف بوبغلة، الذي تزعم القتال ضد المستعمر في منطقة القبائل (وسط الجزائر) في مطلع 1850، والشيخ بوزيان زعيم ثورة الزعاطشة (جنوب شرق) في 1949.