قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، الأربعاء، إن النيابة العامة السعودية تسعى إلى فرض عقوبة الإعدام على رجل دين بارز بمجموعة من الاتهامات الغامضة المتعلقة بتصريحاته وارتباطاته ومواقفه السياسية.
وتابعت المنظمة الحقوقية في بيان لها:”مَثَل سلمان العودة (61 عاما) أمام “المحكمة الجزائية المتخصصة”، محكمة الإرهاب السعودية، في 3 سبتمبر 2018. قال أحد أفراد الأسرة لـ هيومن رايتس ووتش إن السلطات السعودية سمحت له بالاتصال بمحام في الجلسة للمرة الأولى منذ اعتقاله قبل عام.”
وفي جلسة الاستماع، أصدر الادعاء 37 تهمة وأعلن أنه سيسعى إلى عقوبة الإعدام. ترتبط الغالبية العظمى من هذه الاتهامات بعلاقاته المزعومة مع “الإخوان المسلمون” والحكومة القطرية، ودعمه العلني للمعارضين المسجونين. لا تشير أي منها إلى أعمال عنف أو تحريض على أعمال عنف محددة.
تفاصيل 37 تهمة مزعومة موجهة له
وقالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: “بينما تتعثر الخطط الاقتصادية الطموحة في السعودية، مثل الاكتتاب العام في شركة “أرامكو”، تهدد النيابة العامة التابعة لولي العهد رجال الدين ونشطاء حقوق المرأة بالإعدام. ما لم يكن لدى السعودية دليل على أن العودة قد ارتكب جريمة حقيقية، على السلطات إطلاق سراحه على الفور”.
في 5 سبتمبر، نشرت وسائل الإعلام السعودية المحلية التهم الخمس الأولى، وراجعت هيومن رايتس ووتش التهم الأخرى من نسخة من لائحة الاتهام التي حصلت عليها.
وتتعلق التهم الأولية في بشكل خاص بعلاقاته المزعومة بالإخوان المسلمين والمنظمات الأخرى التي يفترض أنها مرتبطة بها.
وصنفت السعودية الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية في مارس 2014. لكن لم يتم تصنيف “الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين”، وهي إحدى المنظمات المذكورة في لائحة الاتهام، كمنظمة إرهابية حتى 20 نوفمبر 2018، أي بعد مرور أكثر من شهرين على اعتقال العودة.
التهمة الأولى الموجهة إلى العودة هي: “الإفساد في الأرض بالسعي المتحرر لزعزعة بناء الوطن وإحياء الفتنة العمياء، وتأليب المجتمع على الحكام وإثارة القلاقل، والارتباط بشخصيات وتنظيمات واللقاءات والمؤتمرات داخل وخارج المملكة، لتحقيق أجندة تنظيم الإخوان الإرهابي ضد الوطن وحكامه”.
تتعلق تهم متعددة بتضامنه العلني مع المعارضين المسجونين، المعارضين لعزل قطر الذي تقوده السعودية السعودية في منتصف عام 2017، وعلاقات مزعومة مع الحكومة القطرية.
ومن بين التهم الأخرى وجود “علاقة مشبوهة” مع حكومة القذافي السابقة في ليبيا، المعارضة العلنية لاستضافة السعودية للرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي، “التهكم والسخرية من الإنجازات الحكومية”، و”القدح في الوطنية والولاء للحكومة…”.
تزعم مجموعة أخرى من الاتهامات أن العودة انتهك تعليمات تمويل الإرهاب بالدعوة إلى التبرع لـ “الثورة السورية” وجماعات المتمردين “دون الرجوع للجهات الرسمية”، دون ذكر حوادث أو جماعات محددة.
وبحسب “رايتس ووتش” قال قريب “العودة” إن الأخير لم يقم سوى بدعوة الناس إلى التبرع للجمعيات الخيرية العاملة في سوريا.
قال قريب العودة لـ هيومن رايتس ووتش في وقت اعتقال العودة إنه يعتقد أن الأمر يتعلق بعدم تلبية الأخير أمر من السلطات السعودية بنشر نص معين لدعم العزلة التي تقودها السعودية لدولة قطر. بدلا من ذلك، نشر تغريدة في 9 سبتمبر/أيلول، قبل إلقاء القبض عليه مباشرة، جاء في جزء منها، “اللهم ألف بين قلوبهم لما فيه خير شعوبهم”، في دعوة واضحة إلى المصالحة بين دول الخليج.
كان العودة من بين عشرات المعارضين والكتاب ورجال الدين المعتقلين في سبتمبر/أيلول 2017. وزع نشطاء قوائم تضم أكثر من 60 محتجزا، رغم أن السلطات السعودية لم تفصح عن معلومات حول قضاياهم.
تأتي محاكمة العودة بعد حملة القمع الأخيرة على نشطاء حقوق المرأة في السعودية، والتي أدت إلى اعتقال 13 امرأة على الأقل بذريعة الحفاظ على الأمن الوطني.
واختتمت المنظمة بيانها بالقول إن التهم الموجهة إلى العودة لا تتعدى الحد الأدنى من الجرائم التي يمكن تبرير عقوبة الإعدام لمرتكبيها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، حتى في الدول التي لا تزال تطبق عقوبة الإعدام. تتطلب المعايير الدولية، ومنها “الميثاق العربي لحقوق الإنسان” الذي صادقت عليه السعودية، من الدول التي تحتفظ بعقوبة الإعدام استخدامها فقط في “الجنايات بالغة الخطورة” وفي ظروف استثنائية.
تعارض هيومن رايتس ووتش عقوبة الإعدام في جميع البلدان وفي أي ظرف. عقوبة الإعدام فريدة من نوعها في قسوتها وكونها لا رجعة عنها، وهي حتمية ويشوبها عالميا التعسف والتحيز والخطأ.
وقالت ويتسن: “على حلفاء السعودية الغربيين الكف عن التظاهر بأن لديها أجندة إصلاحية بينما يهدد النظام القضائي السعودي بإعدام منتقدي الحكومة السلميين”.