الرئيسية » الهدهد » دعاء الحرم بطعم إنجازات ابن سلمان.. “السديس” شيخ برتبة مخبر من الدعاء بالهلاك لقطر إلى سؤال الله البركة لـ”ترامب”

دعاء الحرم بطعم إنجازات ابن سلمان.. “السديس” شيخ برتبة مخبر من الدعاء بالهلاك لقطر إلى سؤال الله البركة لـ”ترامب”

سلط الكاتب والمدون المصري محمد بن فتوح في مقال جديد له الضوء، على ظاهرة علماء السلاطين في المملكة وتحولهم الصادم لـ(التطبيل) لولي الأمر خوفا من بطشه أو طمعا في سلطة ومال تتطلب التزلف والنفاق، مستشهدا بالنموذج الأبرز على الساحة السعودية في هذا الشأن الشيخ عبد الرحمن السديس إمام وخطيب المسجد الحرام.

 

وفي أحدث مقالاته بمدونات “الجزيرة” وتحت عنوان “شيخ برتبة مخبر.. السديس وتسييس منبر المسجد الحرام”، أكد “بن فتوح” بالأدلة والشواهد أن خطب السديس المنبرية تأتي بالتطابق مع آراء الملك السياسية والتي ما يفتأ أن يعلنها على منبر المسجد الحرام ويُشَرعنها للناس.

 

وأضاف:”مما يعني أن السديس ليس مجرد داعية، وإنما هو متحدث ديني باسم المملكة، ولسان ديني مُعبرعن ولي الأمر، فالسديس يُوظف منبر المسجد الحرام دوما للسياسة أكثر منه للوعظ، إذ لا يترك مناسبة إلا واستغلها للتأكيد على الولاء للملك والموافقة على قراراته.”

 

ولفت إلى أنه منمذ أن عين “السديس” قارئا وخطيبا في المسجد الحرام بأمر من الملك فهد ما يبرح أن يصف فهد بـ “المدرسة التي استقى منها” وهو ما سيتكرر مع كل الملوك اللاحقين.

 

وأعاد الكاتب المصري للأذهان واقعة “يخلف صلاح الدين” الشاب الجزائري الذي هاجم السديس بأحد مساجد العاصمة السويسرية جنيف، وقال: “بدت كلمات صلاح ارتجالية ومُحملة بأسى بالغ، أسى تشكل مع كل فتوى سُلطانية خرجت بطعم الدم لتُضفي شرعية دينية على الاستبداد والقتل والتشريد.

 

وكان “السديس” قد فوجئ عقب المحاضرة بشاب جزائري يتوكأ على عكاز يصرخ فيه: “كيف أميركا والسعودية تقود دول العالم نحو السلام، وهي تركب الشعوب في سلام؟! كيف تُكلموننا على الأمن وأنتم تحاصرون وتُجوّعون إخوانكم في اليمن وفي قطر؟! كيف وقد ساندتم انقلاب 92 في الجزائر وانقلاب مصر وانقلاب تركيا.. وقفوهم إنهم مسؤولون.. أنتم يا دعاة البلاط.. يا دعاة البلاط، أنتم مسؤولون يوم القيامة!”.

 

وعلق الكاتب بقوله:”لم يكن هذا المشهد التوبيخي هو الوحيد مع السديس في جنيف؛ فحين هَمّ السديس بالانصراف تابعه رجل مغربي مستفهما عن تأييده كعالم دين لحصار السعودية لقطر. أجابه السديس: ليس هناك حصار. تابع الرجل: ولماذا التصويت لأميركا في المونديال بدلا من المغرب؟! لم يجب السديس هذه المرة واكتفى بالخروج من المسجد!”

 

وفضح الكاتب المصري مواقف عبدالرحمن السديس القديمة، والتي منها انقلاب مصر بقيادة عبدالفتاح السيسي في 2013 وكذلك حصار قطر العام الماضي.

 

وقال:”منذ الانقلاب الذي موّلته السعودية والإمارات بمصر عام 2013 وقف السديس خطيبا في المسجد الحرام يُثني على موقف الملك، وقد عبّر السديس عن موقف الملك من الانقلاب بوصفه “نبراسا يرسم الطريق لسالكيه، وموقفا تاريخيا يبيّن الحق لطالبيه، وبلسما ناجعا يضمّد الجراح، ويُواسي أهل الكَلم والأتراح، ويجدد الآمال والتفاؤل والأفراح”.

 

وتابع فيما يخص حصار قطر:”أما في حصار السعودية والإمارات لقطر لم يستطع السديس الصمت طويلا؛ فخرج بتصريحات تصف قرارات المملكة بالسديدة، حتى دعا العاملين في الإدارات السعودية للالتزام بالتوجيهات التي أصدرتها المملكة. بيد أن السديس لم يكتف بتأييد الملك في موقفه من قطر، إذ أخذ يُحذِّر من التواصل مع من سماهم الفئة الضالة الإرهابية ومن يمت لهم بصلة، وإلا فالمحاسبة بالقانون هي الرادع لكل من تهاون معهم، وهو ما يعكس الحماسة التي عند الرجل في دفاعه عما تبناه الملك ورضيه.”

 

واستطرد الكاتب في هجوم ناري على شيخ البلاط السلماني:”لا يتوقف ولاء السديس للملك على حد اللهج باسمه في الخطب المنبرية، أو على التغريدات التي يُطلقها القائمون على أعماله الإلكترونية من فترة لأخرى لتجديد البيعة لولي الأمر، فالأمر تعدى ذلك كله إلى استخدام منبر الحرم في الدعاية للملك وقراراته بصفة متصلة حتى في دعاء رمضان. وهذا السلوك هو ما اعتبره سعد الفقيه تأليها لآل سعود، إذ وصف الفقيه أدعية السديس بأنها أدعية بطعم إنجازات الملك.”

 

وتابع:”ففي دعاء السديس يختلط التضرع إلى الله بذكر إنجازات الملك من رفاه العيش وسعة المواطنين وخدماته للأمة الإسلامية في المشرق والمغرب، ولا يقتصر السديس في الثناء على ولي الأمر، بل يتعدى الأمر حتى يصل إلى الدعاء على خصوم الملك السياسيين مباشرة.”

 

واكمل:”مع هذا الحضور الدائم والمستمر لتوظيف المنبر باعتباره أداة سياسية تُخدّم على قرارات الملك؛ يحرص السديس على منع المخالفين من الحديث السياسي في الحرم أو استخدام المساجد لنشر الأفكار السياسية، وكأن الدعاية السياسة وقفت حكرا عليه.”

 

وأضاف موضحا:”ففي خطبة عرفة أفتى السديس بحرمة استخدام الشعارات السياسية أو النبرات الطائفية، إذ يخالف ذلك قدسية الحج، وهو على العكس تماما من ممارسات السديس العملية. ولم يكن هذا هو التناقض الوحيد للسديس؛ ففي الخطبة ذاتها دعا السديس إلى لم الشمل وتقوية الأمة العربية والإسلامية؛ وهو ما لم يلتزم به السديس ذاته ونقضه بعد أشهر يسيرة في موقفه العدائي الحصار، والتي استخدم فيها منبر الحرم ومحرابه للدعاء على مخالفيه.”

 

كما لفت الكاتب في سرد لفضائح الداعية السعودي إلى أن “السديس” لم يُغفل تصريحات “ترامب” الانتخابية وحسب، وإنما تغافل كذلك عن المضامين من وراء هذه الزيارة، والتي كان على رأس أولويتها إتمام صفقة القرن مع إسرائيل والاعتراف بحق إسرائيل في القدس، فضلا عن التفاهمات الاقتصادية التي عُقدت بين ابن سلمان وترمب والتي بلغت قيمتها 280 مليار دولار تتكبدها السعودية، بالإضافة إلى 110 مليار دولار صفقات للسلاح.

 

وتابع أن المثير في الوقت ذاته أن دعم السديس لترمب يأتي في الوقت الذي يُنتقد فيه ترمب على مستويات واسعة أوروبية وأميركية، حتى من داخل البيت الأبيض ذاته، والتي توصف سياسته بالحمقاء والخرقاء والداعية للعنف والكراهية والداعمة للحرب وليس رجل السلام وراعيه! فقد حقق كتاب “نار وغضب” سقف المبيعات الأكثر في الولايات المتحدة الأميركية، وهو الكتاب الذي خرج ينتقد ترمب ويكشف سذاجته في عامه الأول من السلطة ويسلط الضوء على محدودية قدرات الرجل الذهنية والإدارية، بيد أن هذا كله ليس له اعتبار عند السديس ما دام الملك قد رحّب به في المملكة!

 

واختتم محمد بن فتوح مقاله بالقول “غياب هذا كله عن ذهن عبد الرحمن السديس لم يكن عن قناعة فكرية أو مناورة سياسية، وإنما كان لسبب وحيد على حد تعبير سعد الفقيه وهو ترحيب الملك بترمب واستقباله له في المملكة، وهو ما يكفي عند السديس لينسى كل الخلافات بينهما ويقف ليعلنها: “فاليوم، المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية، وهما قطبا هذا العالم للتأثير، يقودان العالم والإنسانية إلى مرافئ الأمن والسلام بقيادة خادم الحرمين الشريفين وأيضا الرئيس الأميركي دونالد ترمب.. ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُسدد الخُطى ويُبارك في السعيّ!”.

 

وتابع:”هذا هو دعاء السديس لترمب، وهو الدعاء الذي حرم من السديس كل خصوم الملك والذين دعا عليهم من ساحة الحرم رأسا. فمن الدعاء بالهلاك على قطر ومصر ومخالفي الملك في اليمن وسوريا إلى الدعاء لترمب بالبركة والخير والسلام تتجلى شخصية وزير الملك لشؤون الحرمين، عبد الرحمن السديس، ويتجلى لماذا خاطبه الجزائري يخلف صلاح الدين بهذا الأسى والحزن المختلط بالغيظ.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.