الرئيسية » تقارير » مهند بتار يكتب: الإنحدار السعودي .. من زمن سعود الفيصل إلى زمن سعود القحطاني

مهند بتار يكتب: الإنحدار السعودي .. من زمن سعود الفيصل إلى زمن سعود القحطاني

مَرّ على المملكة السعودية زمن يُستدَل فيه على ملامحها من خلال شخصية وملامح الأمير (سعود الفيصل) ، والآن فإن الوزير (سعود القحطاني) هو الذي يعكس بدقة متناهية صورة المملكة السعودية ، وهذه مفارقة جسيمة جسامة الإنطباع المريع الذي ستتركه فيك مقارنتك (الظالمة) بين هذين الإسمين .

 

وسواءً إتفقت أو إختلفت مع نهج وزير الخارجية السعودية المرحوم سعود الفيصل فإنك لا تستطيع إلا أن تكن لشخصه الإحترام ، فحتى الأقوياء من خصومه كانوا يجدون فيه نداً كفوءً ومعتبراً ووازناً ، والحديث هنا يتعدى مهمته الرسمية كوزير للخارجية إلى شخصيته الكاريزمية ، وكيف أنها كانت ذات حضور كبير قوامه الرزانة والجدّية والكياسة واللباقة والحنكة الدبلوماسية ، ولنا أن نسجل له أنه حتى في أشد أيامه مرضاً لم يعجز عن تمثيل بلده خير تمثيل ، وبإختصار شديد فقد إستحق سعود الفيصل بسيرته المتميزة أن يكون رمزاً وعنواناً لمرحلة سعودية كاملة امتدت لأربعة عقود .

 

أما الآن ، فهي محض مجازفة لا منطقية أن نسترشد بالوزير عادل الجبير إذا أردنا سعودياً تقييم مرحلة ما بعد سعود الفيصل ، ذلك لأنه كمن دُفع عنوة إلى الظل ، ولا مكانة له لا بالعير ولا بالنفير ينزوي ممثل الخارجية السعودية عادل الجبير في قوقعة التهميش دون أي شأن له على الإطلاق بصورة بلده ، سلباً أو إيجاباً ، شكلا أو مضموناً ، وهذا في الواقع لا يعود إلى فقر في شخصيته حتى وإن كانت هذه لا تنطوي حقيقة على عُشرِ كاريزمية سعود الفيصل ، ولكنه يعود إلى تراجع المكانة التي كانت تحتلها تقليدياً وزارة الخارجية السعودية ذاتها في سُلّم المؤسسات الحكومية كنتيجة طبيعية لتقدم أدوار مؤسسات أخرى على حسابها ، وهنا بالضبط يبرز دور مؤسسة الديوان الملكي السعودي ممثلة بإحدى أكثر شخصياتها إثارة للجدل ، أجل ، إنه سعود القحطاني ، المستشار في الديوان الملكي السعودي برتبة وزير والمشرف على مركز الدراسات والشؤون الإعلامية ، فهذه الشخصية الإشكالية تتصدر الآن مشهد سعودية محمد بن سلمان ، ومع أنها في الحسابات القياسية الكاريزمية والوجاهية والدبلوماسية والسياسية تقترب من درجة الصفر إلا أن شخصية سعود القحطاني تستمد طغيانها المعنوي والمادي من قوة وسعة صلاحياتها التي يمنحها لها ولي أمرها ، ولنا في صفحة تغريداته التويترية (التي يسميها شخصية) أقرب مثال على مدى تأثير المستشار القحطاني في الساحة السعودية ، أفقياً وعامودياً ، فكما لو أنها تعليمات وتوجيهات فوقية ملكية تكاد التغريدات القحطانية (الشخصية) تكتسب الصفة الرسمية التعميمية على سائر المؤسسات الهرمية الحكومية ، فتجد الكل السعودي من الخفير إلى الوزير يلتزم بها حرفياً ، وترى الصحف الورقية والإفتراضية ومعها الصفحات التويترية الإنتلجنسية والذبابية الإلكترونية تتغنى بها جماعياً في آن معاً ، لا بل إن وكالات أنباء عالمية مرموقة لا تتردد أحياناً بنشر تغريداته (وليس تغريدات وزارة الخارجية السعودية) بإعتبارها أخباراً مهمة تكتسب مصداقيتها من قوة ونفوذ صاحبها المقرب جداً من الملك المقبل محمد بن سلمان .

 

هكذا يكتسي وجه سعودية محمد بن سلمان ملامح وجه سعود القحطاني ، وعلى النقيض من مرحلة سعود الفيصل تعكس مرحلة سعود القحطاني خللاً فاضحاً ومزرياً في الأداء على مختلف الأصعدة السعودية ، داخلياً وخارجياً ، مظهراً ومحضراً ، وهنا بوسع المراقب أن يصل إلى تقييم  شامل لهذه المرحلة بمجرد إستعراض تغريدات القحطاني ذات التأثير الأوسع نطاقاً في قلب وجنبات المملكة على المستوى الرسمي قبل وأكثر من غيره ، وقد يكون بالتوقف عند أحدث تغريداته ما يضعنا في تفاصيل الصورة التي تبدو عليها السعودية الحالية ، إذ يكتب القحطاني من موقعه الإستشاري الملكي مماحكاً جيرانه القطريين : ( كمواطن ، انتظر بفارغ الصبر والشوق تفاصيل تطبيق مشروع قناة جزيرة شرق سلوى ، هذا المشروع العظيم التاريخي الذي سيغير الجغرافيا في المنطقة . تغيير الجغرافيا لا يقدر عليه في كوكب الأرض إلا قادة هذه البلاد الطاهرة العظيمة . حفظ الله مولاي خادم الحرمين الشريفين وسمو سيدي ولي العهد) .

 

بمثل هذه الكلمات المهلوِسة ، الموغلة في شغب المناكفات الصبيانية العابثة ، قد لا نحتاج بالضرورة إلى خبراء سايكولوجيين حتى نصل إلى تشخيص سريري لحالة سعود القحطاني ، فعلاوة على علة (جنون العظمة) الفاقعة ثمة هناك علة (الهستيريا) الناصعة ، وتندمج هاتان العلتان لتشكلان معاً علة ثالثة هي التي تتطلب تدخلا من الخبراء السايكولوجيين لا لشيئ إلا لكي يتفقوا على الإسم التصنيفي العلمي المناسب لها ، وحتى ذلك الحين ولأنها تطبَع المرحلة السعودية الراهنة بطابعها الفارق ، فلا بأس من تسميتها : (علة المرحلة السعودية القحطانية) ، وعندما يقال أنها علة تطبَع المرحلة السعودية الراهنة فليس اعتباطاً ولكن لأنها (هي أو فوبياها) تعتري الكثيرين من أعلام الساحة السعودية ، من مثقفين وصحفيين وكتاب وأكاديميين ودعاة دينيين ، لا يجد جلهم بُدّاً من إعادة التغريد بما يتفتق عن علة سعود القحطاني من شطحات تغريدية هرائية أو حتى التنويع عليها والتنظير لها في نتاجاتهم المقروءة والمسموعة والمرئية ، وكل ذلك بعضه خوفاً ، وتلك مصيبة ، وبعضه تزلفاً ، وتلك مصيبة عظيمة ، وبعضه الآخر توافقاً ، وتلك المصبية الأعظم … ورحم الله زمن سعود الفيصل .

 

مهند بتار

قد يعجبك أيضاً

رأيان حول “مهند بتار يكتب: الإنحدار السعودي .. من زمن سعود الفيصل إلى زمن سعود القحطاني”

  1. على الأقل كان سعود الفيصل يعترف بأخطاء مملكته ضمنا،فقد وقف في ندوة صحفية مشتركة مع الأمريكان موبخا أياهم بطريقة لبقة حيث خاطبهم قائلا:نحن سعدناكم في غزو العراق ثم هاأنتم الآن نراكم تسلمون العراق على طبق من ذهب لإيران؟!.فهل بقدرة المعتل بالجدب والقحط القحطاني أن يعترف بأخطاء حقبته القحطانية والتي هي كمايلي:
    -1 دخولهم في حرب غير محسوبة في اليمن.
    -2 حصارهم لقطر وجنودها تقاتل من أجلهم في الساحة اليمنية.
    3- اتخاذهم شيطان العرب واعظا وناصحا بما ظهر ولي عهده أنه ولي بلا ولي فحق على شيطان العرب أن يكون وليه وبذلك أصبح الشيطان ولي من لا والي له.
    5-اعطائه الملايير لترامب متوهما ظانا منه ان ترامب يأتيه بإيران مكبلة يضعها بين يديه.
    6- تنصله من عهده بدعم المعارضة السورية حتى الحصول على رأس الأسد حيا أو ميتا.
    7- اعتقال سعد الحريري بطريقة صبيانية منافية لأبسط قواعد اللباقة الديبلوماسية.
    8- تبنيه لصفقة القرن وظهوره بمظهر العراب لها في وقت لم يكن في الواقع بقادر على فرض أي شيء في القضية فلسطينيا و إقليميا ودوليا بحكم أن خيوط القضية أمتن وأعقد وأوكت من أنامله الناعمة التي ألفت مداعبة الجالات لا مداعبة السنان ولا الرماح ولا البنادق ولا حتى حفر الخنادق قبل ظهور الخوارق.
    9- تبنيه للانقلابي المصري رغم خيانته له في ملفات ايران واليمن و سوريا وغيرها.
    10-اتخاذه تركيا عدوا في وقت كان من الأحرى اسلاميا اتخاذها صديقا وسندا.
    11- الترخيص بقيادة المرأة للسيارة في وقت يعتقل من كان يناضل من أجل ذلك ردحا من الزمن.
    12- الارتجال والعجلة في اتخاذ القرارات ثم النكوص عنها بطريقة أعجل وما الخلاف مع كندا إلا دليلا بينا.
    13- اعتقاده أن القنابل النووية يمكن أن تكسب أو تصنع في الندوات الصحفية.
    14- تصويته كرويا على أمريكا خاذلا المغرب الشقيق وما جلب ذلك من بغض المملكة عربيا واسلاميا.
    16- سفهه لتعاليم الإسلام واستعمال أشباه العلماء كبطانة سوء مفقدا صدقية وتاريخ العلماء المعروفي حيث أضحى العوام يحتقرونهم ويبهدلونهم جهارا نهارا وفي المساجد(السديس مع المعوق الجزائري نموذجا).
    17- التشهير بالأمراء و تأميم الممتلكات وفرض المكوس في وقت أعطى ترامب وصهره وكريمته حمل بعير بلا مقابل.
    18- ظهوره بمظهر معاداة الصفويين ثم السعي للأذرع الصفوية العاملة في العراق مستقبلا ومكرما ومبجلا لهم في باحة قصوره المشيدة وبيره المعطلة……إلخ

    رد
  2. لا وجه للمقارنة أبدا! سعود الفيصل وزير خارجية وابن وزير خارجية و بعدها ملك وهو الملك فيصل! له خبرة وباع كبير في السياسة شئنا او أبينا ! مرحلة عالمية وليست إقليمية ترك فيها بصمته ! ظل رئيسا للدبلوماسية السعودية زمن 4 ملوك : خالد وفهد وعبدالله وسلمان! وقتها السعودية قوة نفطية ودينية وعربية وإسلامية! اليوم مرحلة الحضيض ! والأفول ! ملك مريض و ولي عهد متهور ووزراء مغمورين القحطاني وآل الشيخ والجبير ووو ! كأنهم شلة عادية تجلس في أحد الاستراحات وليس رجال يديرون دولة لها وزنها الإقليمي ! هكذا هي النهايات!

    رد

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.