درس في القانون لرئيس لجنة المالية بالبرلمان

By Published On: 9 ديسمبر، 2017

شارك الموضوع:

عندما سمعت رئيس اللجنة المالية الشعبي الوطني يبرر ما لا يمكن تبريره ، على خلفية إلغاء مادة في قانون المالية تلزم رجال المال بدفع ضريبة على الثروة ، تأكدت أنه لابد من ثورة حقيقية لتصحيح المسار في الجزائر .

السيد طورش الذي سبق لي أن التقيت به  عندما كنت أتربص عند أحد المحامين و هو صديقه ، يرى أنه من غير المعقول أن نحدث مادة كهاته من دون أن يعطينا وزير المالية إحصائيات عن هؤلاء الأثرياء بأسمائهم و قيمة ثروتهم ( و رب عذر أقبح من ذنب !)

طبعا أنا لا اشكك في نية الرجل ، بل أنا متأكد من أنه يكذب على كل الشعب الجزائري ، و لم يقل لهم الحقيقة التي نعرفها جميعنا و لا تخفى على أحد .

الحقيقة أن لجنته الموقرة تلقت تهديدات و ضغوطات من رجال المال الفاسد ، حتى لا يتم إلغاء هذه المادة التي تفضحهم أكثر مما تلزمهم بدفع الضريبة على الثروة التي سلبوها من خزينة الشعب .

و مع هذا ، كان من واجبي أن ألقن السيد طورش درسا في القانون ، حتى يعلم أن شعب يقرأ هو شعب لا يستغبى، و أبدأ من تعريف بسيط لمعنى كلمة قانون :

فالقانون يا سيدي ، هو مجموعة من القواعد التي تحكم وتنظم سلوك الأفراد في الجماعة وتوفق بين مصالحهم والتي يفرض على مخالفها جزاء توقعه السلطة العامة و له طبعا خصوصيات حصرية و هي :

1/ إنها قاعدة سلوكية

إن هدف القاعدة القانونية هو تنظيم السلوك،  فهي قاعدة تقويمية يراد بها توجيه السلوك وجهة معينة ، وهذا التوجيه قد يكون بطريقة مباشرة عندما تتضمن القاعدة أمرا أو نهيا (كما هو الحال بالنسبة للمادة التي ألغاه صديقنا البرلماني بمعية أقرانه) ، أو بطريقة غير مباشرة حيث تضمن القاعدة تعريفا أو تنظيما فيكون الالتزام بها بمطابقة السلوك لأحكام هذا التنظيم .

2/ إنها قاعدة عامة ومجردة :

يقصد بعموم القاعدة القانونية أن تكون القاعدة غير مخصصة فيما تضعه من أحكام بشخص أو أشخاص معينين بذواتهم (عكس ما يرى حضرة النائب بوجوب إحصاء أسماء أصحاب الثروة قبل إصدار القانون) ، ويقصد بالتجريد أن خطاب القاعدة القانونية لا يوجد إلى شخص بعينه أو واقعة بذاتها و إنما العبرة فيه تكون بعموم الصفة وبتحقق بشأنها الشروط بحيث تنطبق على كل واقعة تتحقق بشأنها الشروط المتطلبة وعلى كل شخص اجتمعت فيه الصفات المستلزمة ، لذلك يضطرد تطبيق القاعدة القانونية على كل حالة تنشأ في أي وقت وتتوفر فيها شروط انطباقها.

3/ إنها قاعدة اجتماعيه :

إن الحاجة إلى قواعد القانون لا تبدوا إلا مع قيام الجماعة حيث تظهر الحاجة إلى تنظيم علاقات أفراد هذه الجماعة بعضهم البعض ،فالحياة الاجتماعية تقتضي ضبط علاقات الأفراد وإخضاعها للقيود التي ترمي إلى تحقيق التوازن بين الجانب الفردي والجانب الاجتماعي لتحقيق الاستقرار والسلام في الجماعة وهذا دور القاعدة القانونية، لأن رجال المال طغوا و تجبروا و أصبحوا يتحكمون في مصدر القرار .

والقاعدة القانونية وفق هذا المعنى هي قاعدة اجتماعية فيجب أن تتواءم مع ظروف المجتمع وعاداته وتقاليده ومعتقداته ، فإذا انحرفت القاعدة عن هذه الأسس ولم تراع المثل العليا لذلك المجتمع قدر لها أن تفشل في حكم وتوجيه سلوك أفراد الجماعة .

4/ إنها قاعدة ملزمة ومقترنة بجزاء :

ويقصد بذلك أن للقاعدة القانونية جزاء ماديا يفرض على مخالفها ، تتولى توقيعه السلطة العامة ومرد ذلك هو الغاية من القاعدة ذاتها( و هذا ما يرفضه الأثرياء الجدد ، لأنهم يرون أنفسهم فوق القانون) ،فالقانون يهدف إلى إقامة النظام في المجتمع وحكم سلوك أفراده وهو ما لا يتأتى إن ترك أمر الانصياع إلى حكمه لتقدير المخاطب بأحكامه بل إن قواعد القانون هي قواعد إجبارية ومن شأن مخالفتها ترتيب الجزاء .. .انتهى الدرس !

شارك هذا الموضوع

Leave A Comment