الرئيسية » أرشيف - المجلة » صور| “مجول المصرب” شيخ القبيلة الذي أتقن أكثر من لغة وتزوج من دوقة انجليزية

صور| “مجول المصرب” شيخ القبيلة الذي أتقن أكثر من لغة وتزوج من دوقة انجليزية

(خاص – وطن / وعد الأحمد) تناقلت صفحات ومواقع الكترونية ومنها “وطن” منذ أيام قصة الدوقة الإنجليزية “جين دغبي” التي عاشت في الشرق، وتزوجت شيخ قبيلة في بادية حمص لتعيش معه أربعين عاماً قبل أن تموت بمرض الكوليرا، وتُقام لها مراسم تشييع مهيبة حضرها العديد من قناصل الدول الأوربية في دمشق أواخر القرن الثامن عشر.

 

غير أن جانباً آخر من القصة تم تغييبه والمتعلق بزوجها الذي ربطتها به قصة من أقوى قصص الحب وأكثرها غرابة وإدهاشاً في الشرق وهو الشيخ “مجول المصرب” الذي كان أحد أشهر أمراء البادية السورية في أواخر القرن التاسع عشر وأبرزهم في قوة شخصيته وثقافته الواسعة التي كانت شيئاً نادراً بين أبناء البدو أواخر القرن الثامن عشر إضافة إلى اتقانه لأكثر من لغة.

 

وينتمي “مجول المصرب” إلى قبيلة (السبعة) التي تتفرع إلى فرعين (العبدة) و(البطينات)، والمصرب من البطينات المعروفين أيضاً بـ- القمصة- ” وكانت هذه القبيلة في ذلك الوقت تسيطر على الطريق من حمص ودمشق إلى تدمر، وتتكفل بحماية السياح الأجانب لقاء أجر.

 

وكان مجول الولد الثاني من تسعة أولاد لشيخ هذه القبيلة، أرسله أبوه إلى المدينة ليدرس اللغتين الفرنسية والتركية وتاريخ سوريا وبخاصة تاريخ الآثار والأوابد ليكون دليلاً للسياح وعلماء الآثار الذي يرتادون الصحراء، وكان مجول جميل الطلعة، ذكياً، سريع البديهة، حاضر النكتة، يتصف بكل ما يتصف به العربي من كرم ونبل وشجاعة وفصاحة وحب المغامرة وولع بالمغازي، وكان الوحيد من أبناء قبيلة السبعة الذي يجيد القراءة والكتابة، وتكتب عنه (بروتون) زوجة القنصل الانجليزي في سوريا في مذكراتها التي تعتبر ذات قيمة تاريخية مرموقة بالنسبة للحوادث التي كانت تجري آنذاك “كان مجول ذا شخصية قوية جذابة، كما كان يفرض احترامه على كل مجتمع مهما كان لونه وقد أعجب به كل الأجانب الذين تعرفوا إليه.

 

وكان الشيخ “مجول” مضرب المثل لدى الأجانب، فالدكتور “فتزشتاين” المعاصر لهذه الفترة يقول في مقالة له عن أسواق دمشق: “أول قادم نحونا كان رجلاً فارع الطول جميلاً يتلفت بعينيه الواسعتين البراقتين، إنه يشبه الشيخ (مجول العنزي) الذي تزوجته (جين دغبي) وتعيش معه في جنة دمشقية”.ويضيف فتزشتاين: “وهي معذورة إذ ضحت من أجله بأوروبا، وصالوناتها، ومسارحها، وجوقاتها” .

 

كانت (جين دغبي) ابنة الجنرال (هنري دغبي) سليلة عائلة ارستقراطية كبيرة في بريطانيا، بدأت حياتها بسلسلة من المغامرات العاطفية فتزوجت أولاً من سياسي بريطاني نبيل وانتهى هذا الزواج بعد سبع سنوات أثر فضيحة مدوية لم يشهد لها المجتمع الانجليزي مثيلا، إذ عشقت أميراً نمساويا كان موظفا في السفارة النمساوية في لندن، كما وقع في حبها ملك بافاريا ( لودوبغ الأول) ثم تزوجت أحد البارونات الألمان وأنجبت منه طفلين، ثم طلقت منه بعد فضيحة جديدة انصرفت بعدها إلى حب جديد مع البطل الألباني الحاج بطرس.

 

وعلى ذلك يحق لبلزاك الأديب الفرنسي الذي تعرف إليها في باريس وكان من رواد صالونها الأدبي أن يشبه عواطفها بالعواطف الهوجاء التي تجتاز الصحارى المحرقة.

 

ويبدو أن عواطفها اجتازت الصحراء حقيقة هذه المرة عندما قررت أن تقطع كل صلة لها بما مضى وحزمت حقائبها ميممة صوب الشرق في رحلة تبدأ ببيروت وتخترق بادية الشام بطريق تدمر نحو بابل بحجة اقتناء الخيول العربية، وشاءت الأقدار أن يكون (مجول المصرب) هو رفيقها في هذه الرحلة، لأن الأجانب كانوا يستعينون بمرافقين من البدو لحمايتهم من اللصوص وقطاع الطرق.

 

في طريق البادية كانت (جين دغبي) و(مجول) يتقدمان القافلة ويلهوان بالطراد وبالقنص، وهو يقص عليها قصصاً مسلية عن حياة البادية، وعن وقائع العربان وطرائف الآثار وهي تضحك ملء قلبها لمزاحه اللطيف. و “في أجواء البادية الشاعرية البني نما الإعجاب الذي كان مدخلاً إلى الحب، وكان الأمر يحتاج إلى شرارة، وسرعان ما اتقدت هذه الشرارة فقد داهم القافلة غزو من قبيلة شمر، فجزعت جين جزعاً شديداً وأبدى مجول بسالة فائقة في رد الغزو” كما يقول الدكتور “عدنان البني” في كتابه “نساء على دروب تدمر”.

 

وهكذا بدأت قصة الحب الجديدة وكان آخر حب وأقواه بالنسبة إلى جين التي طلبت الزواج من مجول دون خفر أو حياء، فرفض بإباء، وبعد تمنع وشروط من الطرفين ومداولات، ذهبت إلى أثينا وحصلت على الطلاق وجلبت أموالها وعادت إلى سوريا خفية، هرباً من قنصل بلادها في دمشق. وفي البادية تزوجت مجول على طريقة البدو أمام شيوخ العشيرة. ويقال أنها مهرته بهدية (25) ألف إسترلينية.

 

أقام مجول مع زوجته في حمص الفترة من 1867 إلى 1872 ثم انتقلا إلى دمشق، وهناك ابتاعت بستاناً وبنت فيه سبعة منازل خصت نفسها بأحدها، ووهبت الباقي لرهط من العلماء الذين اهتموا بتعليمها اللغة العربية وتدريب مجول على قراءة القرآن الكريم، وتفهم معانيه، وبقيت مخلصة لزوجها أربعين عاما لم تراسل خلالها أحداً من أهلها سوى شقيقها.

 

وكانت جين تمضي أيام الشتاء في دمشق، وأيام الصيف في البادية، وأحبها أبناء قبيلة السبعة وأطلقوا عليها اسم “أم اللبن” لشدة بياض بشرتها. وكانت جين تقوم بكل ما تقوم به نساء القبيلة من حلب للنوق، وخدمة للزوج، وزادت على ذلك أنها كانت تمتطي حصانها وتحارب مع رجال القبيلة.

 

وباء الكوليرا :

في عام 1881 انتشر في دمشق وباء الكوليرا، وفر منها أكثر السكان، ولا سيما الأجانب منهم، وأبى مجول الفرار، واضطرت جين أن تبقى إلى جانبه فأصيبت بالوباء الفتاك، وتوفيت عن أربعة وسبعين عاماً، وحضر مأتم جين في الكنيسة جميع أعضاء السلك الدبلوماسي وكان زوجها مجول في صدر المكان، ولما بدأ رجال الدين تراتيلهم بدا الضيق والاضطراب على وجه زوجها الذي لم يألف هذه الطقوس أبداً، وإذا به يهرول راكضاً بقوامه الفارع وبعباءته السوداء من صدر الكنيسة إلى بابها، ويخرج راكضاً.

 

وسرعان ما ظهر مجول مع حصان جين المفضل عند القبر ليودعا الراحلة العزيزة. ولما أُهيل عليها التراب سحب زوجها الحصان الأسود الحزين وسار بخطى ثقيلة مطأطئ الرأس وهو يكفكف دموعه المنهمرة بغزارة فأثار دموع المشيعين.

 

ويذكر أن المخرج العالمي “أنور القوادري” أخرج منذ سنوات مسلسلاً تلفزيونياً بعنوان (سحر الشرق) تناول فيه قصة مجول المصرب وجين دغبي وأدى دور الشيخ مجول الفنان “جمال سليمان” وعُرض المسلسل على العديد من الفضائيات العربية .

قد يعجبك أيضاً

رأيان حول “صور| “مجول المصرب” شيخ القبيلة الذي أتقن أكثر من لغة وتزوج من دوقة انجليزية”

  1. دوقة هبله وخايبه تترك نعيم وترف واجواء لندن واوروبا وتفضل المعيشة مع بدوي مليان قمل وبراغيث وجو حر وقر .. ياما في الدنيا خايبين

    رد
  2. السلام عليكم ورحمة اللة
    أما بعد نشكر لكم كتابة جوانب من تلك القصة الخالدة التى تعبر عن الحب الذي لا يعترف بالحدود أو أختلاف الثقافات حينما تنبت أشجارة في القلوب وتورق مزهرة بالغرام الذي يجعل من المحال حقيقة

    رد

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.