الرئيسية » أرشيف - الهدهد » ظلام وكهوف وعطش.. غزة تعود للعصر الحجري

ظلام وكهوف وعطش.. غزة تعود للعصر الحجري

“أسبوع مضى على استهداف الطائرات الحربية الإسرائيلية، لمحطة توليد التيار الكهربائي الوحيدة بقطاع غزة، ولا زال القطاع يعيش بلا “كهرباء” أو “ماء” وهو ما أعاد القطاع إلى العصور الحجرية وأصبح اعتماد المواطن الغزاوي على الأدوات المعيشية البدائية.
وعقب القصف الإسرائيلي لمحطة توليد التيار الكهربائي، انقطعت المياه عن معظم محافظات غزة، نظرًا لتوقف عمل آبار المياه الجوفية، القائم على الكهرباء.
وتؤكد مراكز حقوقية فلسطينية ودولية، أن انقطاع التيار الكهربائي عن قطاع غزة، بالتزامن مع انقطاع المياه، يهدد القطاع بكارثة إنسانية قد تطال جميع مناحي الحياة بغزة، خلال الأيام القليلة القادمة.
وفي 29 يوليو الماضي، توقفت محطة توليد الكهرباء الوحيدة في قطاع غزة، عن العمل بشكل كامل، بعد أن استهدفت الطائرات الإسرائيلية خزّان الوقود الرئيس المزوّد للمحطة.
وقال أحد المواطنين بغزة إن القطاع يمر أيام عصيبة جدا فنحن عدنا إلى ما أشبه الحياة في العصر الحجري بعد أن اكتفينا بالقراءة عنه في كتب التاريخ ولكن سكان غزة لم يعرفوا أن بعد آلاف السنين سيعيشونه واقعا بعد أن دمرت الحرب الإسرائيلية المتواصلة كل شيء يحيا به الإنسان في الألفية الثالثة .
وأضاف “يوم بأكمله وعدة ساعات أخرى عشت فيها من دون هاتف بعد أن خلا هاتفي الجوال من الشحن بسبب انقطاع التيار الكهربائي وعدم وجود أي بديل لشحن احتياجاتي، بل إن كل سكان غزة يعيشون في ذات المعاناة وإن كان ذلك بدرجات متفاوتة، ومهما تحدثنا عما تتسبب به الكهرباء من أزمات خانقة ومتعددة الأوجه فلن نستطيع إحصاءها”.
وتابع “كانت لحظات غضب تنتابني، تعبر عن مدى يأس الإنسان بعد فشله في التواصل مع عمله وفشله في ممارسة مهنته المحبذة إليه، كما أنها تعبر عن غيظ في قلبي لعدم تمكني من معرفة أخبار غزة التي أعيش فيها كما الآلاف من أبناء شعبي وكأننا نعيش في بلدة أخرى لا نسمع سوى أصوات الصواريخ وما تحدثه من انفجارات عنيفة ولا نعرف أي مكان تضرب وتصيب سوى ما نراه من بعض الدخان المتصاعد من مناطق الاستهداف”.

مأساة كبيرة تلك التي يعيشها السكان في غزة، فلا كهرباء ولا ماء وحتى الاتصالات تُقطع بشكل كبير في غالبية الأوقات، والإنترنت قُطع نهائيا عن مناطق كبيرة من شمال وجنوب القطاع، ولا يمكن لي أو لأي فلسطيني آخر معرفة مصير أقربائه بعد أن صارت شبكة الاتصالات في غيبوبة طويلة قبل أن نفاجأ بعودتها إلى هواتفنا إن توفر فيها بعض من الشحن الكهربائي.

وأضاف “بعد كل هذا العناء من دون هاتف جوال، نجحت بشحنه كهربائيا عند أحد الأصدقاء الذي يملك صالونا لحلاقة الشعر، فشحنته ساعة واحدة ثم فتحته ليفاجئني خبر من رسالة نصية من شقيقتي مفاده أن نجلها أصيب بجروح متوسطة في غارة استهدفت منزلا مجاورا لمنزلها في بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة”.
صدمت جدا كيف أن لهذه التكنولوجيا البسيطة أن تفقدني التواصل مع العالم الخارجي حتى مع أقرب الناس لي، كيف أصبحت بعيدا عن العالم وانقطعت تماما عن كل شيء وكأنني أعيش في صحراء البادية في عصور الجاهلية بل في العصر الحجري الذي تعيشه غزة واقعا بفعل انقطاع الكهرباء وحتى المياه ومياه الشرب والخضار والمعلبات وحليب الأطفال، ناهيك عن القتل اللحظي كل دقيقة مع تواصل الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة من شماله إلى جنوبه.

فتحت هاتفي الجوال وما أن فتح حتى استقبلت عشرات الاتصالات من أقربائي وأصدقائي الذين كانوا يحاولون الاتصال بي طوال تلك الفترة للاطمئنان علي وعلى عائلتي، كانوا يجهلون مصيري لمعرفة ماذا حل بي وبعائلتي. ولكنهم لم يعرفوا أو لم يفكروا لحظة واحدة هي رغم أننا في عام 2014 إلا أن تصرفات العهد الحجري البربرية ما زالت تعشعش في عقل عدو لم يرحم أطفالنا ولا نساءنا ولا شبابنا ولا كبارنا بل أفقدنا معنى الحياة بكل ما فيها من جمال.

وأعربت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة عن تخوفاتها من حدوث “كارثة إنسانية” في مستشفيات قطاع غزة، في حال استمر انقطاع التيار الكهربائي لمدة (24) ساعة يومياً، كما قال مدير عام الشئون الإدارية والمالية في الوزارة، أحمد علي.
وحذّر أحمد علي من نفاد كميات الوقود الاحتياطية، المشغّلة للمولدات الكهربائية، داخل مخازن وزارة الصحة.
وأضاف :”مخزون وزارة الصحة من الوقود يكفي لتشغيل الكهرباء في مستشفيات قطاع غزة لمدة (4-5) أيام فقط”.
وكانت مستشفى شهداء الأقصى، في مدينة دير البلح، جنوب قطاع غزة، في 31 يوليو الماضي، قد توقف التيار الكهربائي عنها بشكل كامل لمدة (9) ساعات، بسبب تعذر وصول الوقود الكهربائي إلى المستشفى لتشغيل المولدات الكهربائية هناك، كما قال علي.
كما تعطّل المولد الكهربائي الرئيس للمستشفى الأوروبي في مدينة خانيونس، جنوب قطاع غزة، في 2 أغسطس الجاري، وتعذّرت إمكانية صيانته بسبب الأوضاع التي يمر بها قطاع غزة.
وتؤكد وزارة الصحة أن التيار الكهربائي بات منقطعاً عن كافة مستشفيات القطاع لمدة (24) ساعة يومياً، وأنها تعتمد بشكل كلّي على المولدات الكهربائية التشغيلية.

وناشد علي المنظمات الدولية المعنية بالقطاع الصحي، والمنظمات الحقوقية بتوفير شبكة أمان تحمي الطواقم الطبية، والمستشفيات من الجرائم الإسرائيلية.
كما يشدد يوسف أبو الريش، وكيل وزارة الصحة بغزة، أن أقساماً كاملة مُهدّدة بالتوقف عن العمل بشكل كامل بسبب انقطاع التيار الكهربائي عن القطاع.
وتابع”:” الوضع لا يحتمل غياب الكهرباء ولو لدقائق، فنحن أمام آلاف المرضى، والمصابين الذي يحتاجون إلى عمليات عاجلة”.
وكانت وزارة الصحة في قطاع غزة، قد حذّرت مسبقا، من تقليص خدماتها المقدمة للمواطنين بسبب النقص الحاد في الوقود اللازم لتشغيل المولدات الكهربائية.
وينظر الغزيّون، خاصة من أهالي الجرحى والمصابين، بعين من القلق على الأوضاع الصحة لذويهم المتواجدين داخل مستشفيات قطاع غزة.
وعبّرت المواطنة سميّة النجار (27) عاماً عن قلقها على حياة طفلها المقيم في إحدى حضانات مسشتفى الشفاء (قسم الأطفال الخدّج)، إذ يعيش حالياً على الأجهزة الكهربائية.

وتسبب انقطاع التيار الكهربائي عن قطاع غزة، انقطاع المياه وتعذّر وصولها للسكان الغزيين في محافظات القطاع المختلفة.
وحذّرت بلدية غزة من كارثة بيئية وصحية “حتمية” ستصيب قطاع غزة، في حال استمرّ انقطاع التيار الكهربائي لأيام قليلة، متوقعةً غرق أحياء سكنية كاملة بمياه الصرف الصحي (العادمة)، نتيجة انقطاع التيار الكهربائي المشغل للمضخات تصريف تلك المياه، بشكل كامل.
وقال نزار حجازي، رئيس بلدية غزة:” المولدات الكهربائية تحتاج لأكثر من 15 ألف لتر يوميا من الوقود لتشغيلها، وضخ المياه، وهذا ما تعجز عنه البلدية من توفيره في ظل الحرب على القطاع”.

كما أعلنت المحطات التجارية المختصة بتعبئة المياه “الحلوة” الصالحة للشرب، عن توقف تقديم خدماتها للمواطنين، نتيجة انقطاع التيار الكهربائي وعدم وصول المياه من البلدية.
وفي السياق ذاته، أعرب موزعو المياه “الحلوة” التجارية عن تخوفاتهم من التجول في شوارع قطاع غزة بسبب الاستهداف الإسرائيلي المتكرر لسيارات التعبئة، مما شكّل هذا الخوف عائقاً يحول دون توزيع المياه.
ومن جانب آخر، عطّل انقطاع التيار الكهربائي عن معظم محافظات القطاع، شبكة الاتصالات الخلوية في بعض المناطق، مما أثر على تواصل الغزيين مع بعضهم، وانقطاعهم عن الأخبار التي تدور حولهم.
كما أثّر تعطل شبكة الاتصالات الخلوية على عمل وزارة الصحة بغزة، بحيث انقطع تواصل الوزارة مع المستشفيات الواقعة في المناطق الجنوبية، بشكل فاقم من معاناة تواصل الوزارة مع الطواقم الطبية هناك.
ويحتاج قطاع غزة، لطاقة بقوة نحو 360 ميغاوات، لتوليد الكهرباء وسد احتياجات السكان منها (حوالي 1.8 مليون نسمة)، لا يتوفر منها سوى قرابة 200 ميغاوات.
ويحصل قطاع غزة على التيار الكهرباء من ثلاثة مصادر، أولها إسرائيل، حيث تمد القطاع بطاقة مقدارها 120 ميجاوات، وثانيها مصر، وتمد القطاع بـ 28 ميغاوات، فيما تنتج محطة توليد الكهرباء في غزة ما بين 40 إلى 60 ميجاوات.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.