الرئيسية » أرشيف - الهدهد » الأناضول: لهذه الأسباب.. صدم المصريون “السيسي”

الأناضول: لهذه الأسباب.. صدم المصريون “السيسي”

عشية يوم “الصمت الانتخابي” في 23 مايو الجاري، وفي حوار له مع 5 قنوات فضائية مصرية خاصة، أعرب المرشح الرئاسي المشير عبد الفتاح السيسي عن تمنياته بمشاركة 40 مليون ناخب في الانتخابات الرئاسية.

 

وذهب عدد من مؤيديه، حينها، إلى أن الرقم الذي يتمناه المشير ليس مستبعدا، في ظل ما يقدرونه بخروج أكثر من 30 مليون مصري في تظاهرات 30 يونيو من العام الماضي.

 

 لكن جاءت الأرقام المعلنة عن حجم المشاركة دون ذلك بكثير، إذ وصل إجمالي المشاركين في انتخابات الرئاسة الأسبوع الجاري، بنسبة 47% من إجمالي عدد الناخبين (حوالي 25 مليون ناخب)، كما أعلنها عبد العزيز سالمان الأمين العام للجنة العليا للانتخابات.

 

وإذا سلمنا بأرقام المشاركة المعلنة من قبل لجنة الانتخابات رغم تشكيك المعارضة والمرشح المنافس حمدين صباحي بصحتها ونزاهة العملية الانتخابية في مجملها، فإن هذه الأرقام تبقى بعيدة عن ما تمناه السيسي بفارق نحو 15 مليونا.

 

وفي محاولة للبحث عن الأسباب التي أدت إلى عدم تحقق أمنية السيسي، رصد محلل وكالة “الأناضول”، 11 سببا هي:

 

1- الحشد الإعلامي الذي يسوق الشعب:

 

تعاملت صحف وقنوات تليفزيونية في دفعها الناخبين للمشاركة في الانتخابات الرئاسية مع القضية بمنطق ” الإعلان ” وليس  ” الإعلام “، وشتان فرق بين الاثنين.

 

فالإعلان يقوم بدوره على ” الإلحاح “، بينما الإعلام يركز على “الطرح”، بمعنى الاكتفاء بطرح الفكرة وأهميتها والثقة في عقل الجمهور وقدرته على الاستيعاب واتخاذ القرار الأفضل وفق ما تم طرحه، وهو ما لم يفعله الإعلام.

 

وكرست 54 قناة تليفزيونية خاصة وحكومية جهودها على الحشد بمنطق الإعلان، وشاركتها نفس الأمر أكثر من 25 صحيفة يومية وأسبوعية، وترك ذلك أثرا سلبيا، وفق آراء محللين وكتاب.

 

والتفت الكاتب أيمن الصياد إلى هذا الدور السلبي الذي لعبه الإعلام، وقال يوم الثلاثاء الماضي في تصريحات لبرنامج “يحدث في مصر”، الذي يُعرض على فضائية “إم بي سي مصر”، الخاصة، “الإعلام كان يسوق الناس سوقًا للذهاب للانتخابات.. وهذا كان السبب في ضعف المشاركة “.

 

واتفق معتز عبد الفتاح، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، مع هذه الرؤية، وقال إن أساليب الحشد الإعلامية التقليدية أصبحت أقل تأثيرا بمرور الوقت، كما أن الحشد المبالغ فيه من جانب وسائل الإعلام كان له تأثير عكسي.

 

وأضاف عبد الفتاح، خلال تقديمه لبرنامجه على قناة المحور المصرية الخاصة، الثلاثاء الماضي: “الحقيقة أن الإعلام أعطى لنفسه حجما أكبر من حجمه.. واللعبة التي لعبها في 30 يونيو، لا تصلح مره أخرى الآن، والناس قالت انتم تلعبون في دماغنا.. ليس كل مره .. ولسنا تحت الريموت كنترول الخاص بكم.. فنحن لنا إرادة مستقلة ونحن من نقرر النزول وليس أنتم”.

 

2- فزاعة الإخوان السمجة:

 

يرتبط بالسبب السابق سبب ثان، وهو التركيز على استخدام ” فزاعة الإخوان ” بشكل مبالغ فيه.

 

فمن بين الأساليب التي استخدمها الإعلام في دفع الناس للمشاركة هو تخويفهم بأن الإحجام عن المشاركة قد يؤدي لعودة جماعة الإخوان المسلمين إلى الصدارة مجددا، كما أنه قد يؤدي لمزيد من العنف والإرهاب.

 

ودرجت السلطات الحالية في مصر على تحميل الإخوان مسؤولية كثير من الأزمات التي تمر بها مصر، ومنها “أزمة الكهرباء”، كما يتم اتهامهم في أغلب قضايا العنف والإرهاب، وهو الأمر الذي أصبحا ” سمجا “، حسب معتز عبد الفتاح.

 

وقال عبد الفتاح في برنامجه على قناة المحور “الثلاثاء”: “فزاعة الإخوان التي تتبناها بعض وسائل الإعلام أصبحت سمجة بالنسبة لبعض المواطنين، وبدأ تأثيرها يتراجع، فلم يعد الإخوان يمثلون تلك (الفزاعة) في عقول الكثير من الناس”.

 

والسماجة تعني القبح والجلافة.

 

3- عزوف الشباب:

 

وفي تفسير أسباب ضعف المشاركة، تبرز فئة عزوف الشباب، حيث أعلنت عدة أحزاب سياسية وحركات شبابية قبل الانتخابات الرئاسية مقاطعتها للعملية الانتخابية، ومنها “حركة 6 إبريل” و”الاشتراكيين الثوريين” و”جبهة طريق الثورة”، و”التيار المصري” وحزب “مصر القوية”.

 

 

 

وظهر هذا العزوف بشكل واضح في استفتاء الدستور خلال يناير 2014، وتأكد في المشهد الأخير، حيث غلب علي الصفوف كبار السن والنساء.

 

ويقول هذا القطاع وهو من مؤيدي تظاهرات 30 يونيو: “تظاهرنا طلبا لانتخابات رئاسية مبكرة نتخلص فيها من حكم الإخوان.. ولم نتظاهر من أجل إملاء خارطة طريق علينا”.

 

4- مقاطعة تحالف دعم الشرعية والإخوان:

 

جاءت دعوة “التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب” المؤيد للرئيس المعزول محمد مرسي، للمقاطعة، بنتائجه، خاصة أنه يضم قرابة 14 حزبا وحركة سياسية، منها حزب البناء والتنمية (الذراع السياسية للجماعة الإسلامية)، وحزب الوسط، وحزب الاستقلال، والحزب الإسلامي (الذراع السياسي لحركة الجهاد)، وغيرها، كما غاب عن المشهد الانتخابي جماعة الإخوان المسلمين.

 

وهو ما يعني غياب 5 مليون ناخب، وفق تقديرات لقدرة الحشد الانتخابي للتيار الإسلامي.

 

وإذا كان أقل تقدير لهذا الحشد 5 مليون، وهي الأصوات التي حصل عليها مرسي في الجولة الأولى من الانتخابات السابقة، فإنها تمثل 20% من أعداد المصوتين في الاستحقاقات الانتخابية، والمقدرة بحوالي 25 مليون.

 

كما استخدم التحالف لتحفيز قواعده، الفتاوى المحرمة للمشاركة في الانتخابات، في مواجهة الفتاوى الموجبة.

 

5- حوارات السيسي الواقعية أو الصادمة:

 

في حوارات المشير السيسي خلال فترة الدعاية، تحدث الرجل بلهجة وصفها البعض بأنها ” صادمة ” ووصفها البعض الآخر بأنها كانت ” واقعية “، عندما طالب العمال بالكف عن التظاهر لقلة الموارد، قائلا مقولته الشهيرة ” أنا مش قادر أديك” (لا استطيع منحك المزيد).

 

وتحدثت الكثير من التقارير أن المواطن المصري الذي كان ينتظر أملا يمنحه له المشير، رد بشكل معاكس في الانتخابات، وقال : ” وأنا أيضا مش قادر أديك”.

 

كما أن عدم إعطاء المشير وعودا للشعب بتحقيق انجازات، سببا في العزوف، خاصة إنه كان دوما يطالبهم ببذل الجهد واقتسام الخبز من أجل الوطن.

 

6- النظر للانتخابات علي أنها تحصيل حاصل:

 

منذ قرر المشير السيسي ترشيح نفسه في الانتخابات، وكل التقارير الإعلامية تذهب إلى انه صاحب الحظ الأوفر في الفوز بالانتخابات، وهو ما ظهر في استطلاعات الرأي وعلي رأسها استطلاع بصيرة (مستقل) الذي قال إن منافسه حمدين صباحي سيحصل على 2% فقط من أصوات الناخبين.

 

وظهر ذلك – أيضا – في لقاءات المشير مع الإعلاميين، والذين تعاملوا معه على أنه “رئيسا ” وليس “مرشحا”.

 

وتسبب هذا الشعور أيضا في إصابة مؤيدي السيسي بالتكاسل عن العمل والحشد له، أو الذهاب للصناديق والتصويت لمرشحهم، وأصاب رافضيه أيضا بحالة من اليأس واعتبار مشاركتهم في الانتخابات لا تأثير لها، فلجئوا إلي المقولة السياسية التي تقول “إذا كان الأمر محسوما قبل الصناديق فلا تضيع صوتك ولا تضيع وقتك”.

 

وأثر كل ذلك على نسبة المشاركة، وتكاسل قطاع من مؤيديه عن الذهاب للتصويت للثقة في نجاحه، التي صدرتها لهم وسائل الإعلام، وذلك بحسب تصريح أحمد ناجي قمحة، رئيس وحدة الرأي العام بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية للأناضول أول أمس الأربعاء.

 

7- الملل من كثرة الاستحقاقات الانتخابية:

 

الانتخابات الرئاسية الحالية كانت هي الاستحقاق الانتخابي السابع منذ عزل الرئيس الأسبق حسني مبارك (7 استحقاقات في حوالي 40 شهرا)، وهو ما ولد لدى مصريين شعورا بالملل والتعب من تكرار العملية الانتخابية.

 

فضلا عن أن قطاع من المصريين “كفر” بالانتخابات؛ لشعوره أن الاستحقاقات الانتخابية الخمسة التي سبقت عزل الرئيس السابق محمد مرسي، ما كان ينبغي إلغائها دون الرجوع إليه.

 

8- العناد والإبطال في مواجهة التهديد بالغرامة:

 

بعد ملاحظة أن الإقبال على صناديق الاقتراع لم يكن بالشكل المأمول، بدأت تصريحات مسئولي الحكومة تأخذ منحى تهديدي في اليوم الثاني للانتخابات، باستخدام مادة في قانون مباشرة الحقوق السياسية تقر غرامة 500 جنيه على الممتنعين عن التصويت، وفقا لتصريح طارق شبل، عضو اللجنة العليا للانتخابات.

 

وساعدت وسائل الإعلام وكذلك بعض المسيرات التي نظمها حزب النور السلفي، على نشر هذا التهديد، غير أنه ترك أثرا سلبيا، وفق تقارير صحفية تحدث فيها مواطنين عن أن الغرامة استفزتهم كثيرا.

 

وتسبب هذا التهديد في استجابة قسم من الشعب خوفا من الغرامة، إلا أن كثير منهم أبطل صوته لرفضه التصويت تحت التهديد، وهو ما يفسر ارتفاع نسبة الأصوات الباطلة إلي مليون و29 ألفا تقريبا بنسبة 4% من الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم.

 

فيما ازداد قسم آخر في عناده، مبررا هذا العناد بصعوبة تحصيل هذه الغرامة، وتنفيذ العقوبة، حيث يصعب تحصيل مبلغ 14 مليار دولار (2 مليار دولار تقريبا) من 29 مليون لم يشاركوا في الانتخابات، خاصة أنها لم يتم تطبيقها من قبل، وفقا لتقرير أعده “الأناضول”.

 

وقالوا: “التهديد جعلنا نسرف في العناد.. وقررنا عدم الذهاب مهما تكن العواقب ” .

 

9- منح إجازة من العمل قدم إجازة من التصويت:

 

وكما استخدمت السلطة التهديد لدفع الناس للتصويت، استخدمت – أيضا – أسلوب الترغيب بمنح الناس إجازة من العمل في اليوم الثاني للتصويت.

 

وحفل موقع التواصل الاجتماعي ” فيس بوك ” بتعليقات كثيرة كشف أصحابها عن أن المواطنين استغلوا الإجازة في السفر وقضاء بعض المهام الخاصة بهم، لكنهم لم يستغلوها في التصويت.

 

وكشف تقرير نشرته وكالة الأناضول في نفس يوم الإجازة، عن أن كثير من المواطنين هجروا لجان الاقتراع وذهبوا إلى شواطئ المدينة للاستمتاع بالإجازة.

 

10- أداء الحكومة في الفترة الانتقالية:

 

خلال ما يقرب من عام على عزل الرئيس السابق محمد مرسي، لم يشعر المواطن أن الحكومة الحالية نجحت في حل مشاكله الحياتية والتي كانت أحد أسباب اعتراضه على مرسي؛ حيث ظهرت أزمات الوقود من حين لآخر، واستمر الانقطاع المتكرر للكهرباء.

 

ويعتبر كثير من المصريين السيسي الحاكم الفعلي للبلاد منذ ازاحة مرسي من الحكم.

 

ويرى مراقبون أن ذلك ولد شعورا باليأس لدى المواطن، انعكس في عدم الإقبال بكثافة على صناديق الاقتراع.

 

11- درجة الحرارة :

 

ولم تتبن المبررات الرسمية أيًا من هذه المبررات العشرة، بل كان المبرر الصادر عن اللجنة العليا للانتخابات في اليوم الثاني للانتخابات هو ارتفاع درجة الحرارة التي وصلت حينها إلى 42 درجة مئوية.

 

وجاء هذا التبرير في بيان اللجنة الذي تحدثت فيه عن مبرراتها لمد التصويت ليوم ثالث، حيث قالت “نظرًا لموجة الحر الشديدة التي تجتاح البلاد، يقبل الناخبين على التصويت في الفترة المسائية، وحيث أن مواعيد التصويت كانت تنتهي في التاسعة مساءً، كان يصعب مدها لأوقات متأخرة من الليل لعدم إجهاد القضاة”.

 

لكن في اليوم الأول والثالث للانتخابات، كانت درجة الحرارة في معدلاتها الطبيعية. 

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.