رصد تقرير صحافي حالة من الاستياء والغليان داخل المناطق الشيعية في لبنان التي فقدت العديد من أبنائها الذين دفع بهم "حزب الله" للقتال في سوريا، وعادوا إلى ديارهم جثثا هامدة، فيما تتصاعد التساؤلات من قبل الأمهات عن مصير أولادهن المغيبين منذ شهرين.
ويقول التقرير الذي نشرته صحيفة المستقبل اللبنانية إن "الصراع في سوريا لم يعد شأناً داخلياً، إذ إن الأدوار هناك تطورت وتوزّعت على محاور أصبحت تُسمّى بالمحاور السنيّة – الشيعيّة بفضل تورّط “حزب الله” في هذه الحرب، وما يتكشّف تباعاً أن الصدام بين الثورة والنظام السوري بدأ يتجاوز طاقات مقاتلي الحزب".
ويضيف التقرير أن "جثث القتلى التي تتوافد إلى الضاحية وقرى البقاع والجنوب، بدأت بدورها تثير بلبلة إضافية داخل “البيئة الحاضنة”، وما الأمهات اللواتي بدأت صرخاتهن تعلو خلال الفترة الأخيرة مع سقوط كل مقاتل للحزب في سوريا، سوى دليل إضافي على صحة ما تناقله البعض عن تلك الوالدة التي رفضت زيارة ضريح ولدها إلا في حال جرى تسليمها الوصيّة التي تؤكد أنه تركها لدى أحد مسؤولي الحزب في القرية قبل أسبوع من مقتله".
ويشير التقرير إلى "تلك المرأة العجوز التي دخلت منذ أشهر قليلة إلى منزل شيخ يُعد أحد أبرز قادة “حزب الله” في بعلبك، لتسأله إذا كان ولدها الذي سقط في سوريا يُعتبر شهيداً أم لا؟!"، ويقول التقرير: يبدو أن تلك المرأة "أصبحت مثالاً يُحتذى به بين أمهات أخريات تُطالعهن في كل يوم أخبار عن سقوط أبناء لهن في سوريا تحت حجج متعددة أبرزها الدفاع عن مقام السيدة زينب كون قيادة الحزب تُدرك تماماً ماذا يعني هذا المقام بالنسبة إلى معظم أبناء الطائفة الشيعية وتحديداً النسوة اللواتي يعتبرنها قدوة لهن في الصبر على كل ابتلاء يحلّ بهن".
ومن بين تلك النسوة، يضيف التقرير، "والدة قائد في مقاومة “حزب الله” من مدينة بعلبك كان سقط منذ أقل من شهر تقريباً في ريف القصير السورية تُدعى الحاجة رُقيّة، فهذه السيدة أبلغت مسؤول الحزب في المنطقة التي تسكنها منذ مدة بأنها تريد مقابلة الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصر الله في مسألة بالغة في الأهمية، إلا أن أجوبة المسؤول المتكررة لم تكن تُعطيها أملاً في حصول لقاء كهذا".
وإزاء ذلك، "قررت (الحاجة رقية) النزول من البقاع باتجاه الضاحية الجنوبية علّها تفلح في لقاء السيد رغم المعوّقات التي وضعها بعض الأقارب للحؤول دون تحقيق مطلبها، لعلمهم المُسبق بكل ما تختزنه في نفسها خصوصاً أنها لم تترك شتيمة كبيرة أو صغيرة إلا ووجّهتها لقادة الحزب عشية دفن ولدها".
وتُخبر السيدة أقرباءها، أنها لم توفّق بلقاء “سيد الضاحية”، فالأبواب كانت توصد في وجهها في كل لحظة كانت تظن فيها أنها اقتربت من تحقيق غايتها، “لم أترك منطقة في الضاحية إلا ودخلتها، خمس ساعات أمضيتها وأنا أتنقّل على طرقاتها وبين مناطقها من دون فائدة”، لكن يبدو أن دم الوالدة قد برد اليوم نوعاً ما، وما كانت تسعى اليه أصبح ماضياً لأن اللقاء بحد ذاته لا يُقدّم ولن يؤخّر، لكن السؤال الذي يشغل بالها والذي تردده على مسامع زوارها: “هل أن جواد نجل نصر الله موجود على الجبهة السورية كما كان يتواجد نجله هادي على الجبهة الجنوبية، أم أنه يعلم أن من يسقط في تلك الحرب ليس شهيداً؟".
ويصف التقرير تورط حزب الله في سوريا بأنه "تورّط فاضح أقدم عليه “حزب الله” تحت حجة الدفاع عن المقامات الشيعيّة في سوريا، ليُثبت أن الزج بالشباب الشيعي في أتون هذه المعارك ليس سوى خدمة للمشروع الإيراني – السوري خصوصاً أن عدداً لا يُستهان به من العلماء الشيعة يؤكدون أن قبر السيدة زينب غير موجود في سوريا …".
ويخلص التقرير الذي كتبه "علي الحسيني" إلى أن "صرخات كثيرة لأمهات قتلى سقطوا دفاعاً عن نظام الأسد، بدأت تؤرق قيادة “حزب الله”، ومن الواضح أن هذه الصرخات سوف تتصاعد بشكل أكبر في ظل التكتّم الواضح الذي يُبديه الحزب حول حقيقة مقتل هؤلاء الشبان، والأخطر من هذا، الحركة الاحتجاجية التي قام بها عدد من الأهالي أمام مجلس شورى الحزب في الضاحية الجنوبية منذ أسبوعين يسألون فيها عن مصير أولادهم المغيّبين منذ شهرين بحجة إخضاعهم لدورات عسكرية في منطقة “الأحواز” الإيرانية".