الرئيسية » الهدهد » العالم بين القوة والحقيقة.. أين ومن يقرر تغيير منحنى وشكل الحياة؟

العالم بين القوة والحقيقة.. أين ومن يقرر تغيير منحنى وشكل الحياة؟

وطن-لا شكّ في أن الأحداث العالمية الأخيرة، مثل: وباء كوفيد-19 والحرب في أوكرانيا، كانت بمثابة صمامات انطلقت منها التوترات العالمية الحالية، لاسيما الاقتصادية التي أثّرت بشكل كبير على بلدان العام بأسره، ما تسبّب في تغيير منحنى الحياة وانقلاب موازين القوى.

استهلّ العالم عام 2023 بالقمة الأيبيرية الأمريكية لرؤساء الدول في جمهورية الدومينيكان، وقريبًا سينعقد اجتماع بين الاتحاد الأوروبي وأمريكا اللاتينية في يوليو/ تموز الجاري. بالإضافة إلى ذلك، هناك دول تطمح للانضمام إلى الناتو، وهو إنجاز حققته فنلندا مؤخرًا.

وبحسب موقع “أتلايار” الإسباني، تناقش هذه المنتديات الدولية هذه الأيام التغييرات التي يمكن أن تغيّر معايير الحياة. فمثل هذه التحولات والتوترات لها علاقة بـ “حقائق” العالم الجديد الآخذ في الظهور، ففي فنزويلا والصين وأوكرانيا، تبرز العديد من هذه التوترات.

وفي هذا السياق، استضاف الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو المؤتمر الدولي حول العملية السياسية في فنزويلا في أبريل الماضي. وفي اجتماع حلف الناتو في يوليو في ليتوانيا، سيسعى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى انضمام بلاده إلى الحلف، وهو أمر يبدو الآن غير متوقّع.

انعقاد اجتماع حلف الناتو في يوليو في ليتوانيا،
العالم بين القوة والحقيقة

كما تتضاعف الاجتماعات بين القادة الروس والصينيين واليابانيين وأمريكا اللاتينية، حيث يتبادلون الأفكار حول الضوابط والتوازنات بشأن الموارد والشؤون المالية. وبالنسبة للفيلسوف الإيطالي ماوريتسيو لازاراتو، فإن هذا السيناريو العالمي يُعرف باسم الصراع بين الإمبراطوريات. وهذا يتطلب بالتوازي تعريف الحقائق الجديدة التي بموجبها سستغيّر الحياة وسيصبح هناك عالم جديد.

“سؤال الحقيقة”

تُعتبر أحداث مثل الوباء والحرب في أوكرانيا بمثابة صمامات انطلقت منها التوترات الحالية؛ إنها صراعات بين عالم يريد البقاء وقوى أخرى تسعى إلى أن تصبح القوة الحقيقة الجديدة التي تؤسس لمفاهيم حياتيّة أخرى كيف ما تريد.

ووفقًا لما ترجمته “وطن“، فإن الأفراد يعيشون اليوم على أساس هذه المعتقدات، إذ تتحكم فيهم المفاهيم الحديثة المتعلقة بالعمل والتعليم والأسرة والجنس.

وبحسب ما شرحه ميشيل فوكو في كتابه “Microphysics of Power “أنظمة الحقيقة”. هذا يعني أنه لا توجد حقيقة واحدة، بل سلسلة من الحقائق (الأنظمة) التي تقاتل بعضها البعض لجعل خطابات معينة تصل إلى نطاق من الصدق، لتتحكّم في الحياة عن طريق امتثال الأشخاص لقوانينها.

يُذكر أنه بين القرنين السابع عشر والتاسع عشر، كان المجتمع التأديبي يراقب الناس عن طريق حبسهم في مؤسسات مثل السجن والمصنع والمدرسة والأسرة. ومع ذلك في “مجتمع السيطرة” الحالي يتم تطبيق ذلك في سياقات مفتوحة، تمامًا مثلما، تلعب تقنيات الاتصال دورًا رئيسيًا في سجنك فكريًا وجسديًا.

القمة الأيبيرية الأمريكية لرؤساء الدول في جمهورية الدومينيكان
القمة الأيبيرية الأمريكية

وتجدر الإشارة إلى أن ظهور طرق جديدة للسيطرة على العالم لم يبطل بشكل مفاجئ الطريقة السابقة، إذ حدث انتقال تدريجي، بحيث لا يزال من الممكن ملاحظة بعض سمات المجتمع التأديبي حتى يومنا هذا. وبالنسبة للفيلسوف الفرنسي جيل دولوز، كانت نهاية الحرب العالمية الثانية لحظة أساسية في هذه العملية.

وكل هذا لا يقتصر على السياسة أو الاقتصاد أو الشؤون الدولية، بل على العكس من ذلك، فهو يؤثر على أجساد الناس، وفي حياتهم اليومية. علاوة على ذلك، الحقائق الجديدة تغزو حياتنا يومًا بعد يوم، ويتم دمجها تدريجيًا ويقبلها الناس دون كفاح من أجل أفكارهم. وهكذا، قامت التقنيات الحديثة ووسائل الإعلام بتداولها، ما ساعد على إثبات صحتها وأهميتها. على سبيل المثال: وجود الهاتف المحمول.

وفي الحقيقة، لا شكّ أن التواصل هو إحدى استراتيجيات التحكم التي أطلق عليها مايكل هاردت وأنطونيو نيغري “الأثير” في كتابهما “Imperio”. البعض الآخر سماها بـ”القنبلة” (تطوير الأسلحة والتقنية) و “المال”. ومع كل هذا يتم ممارسة السلطة الحيوية، أي السلطة على الحياة نفسها.

من سيكون له القوة في العالم الجديد؟

بالنسبة للمؤتمرات الدولية وما تمثله من وجهات النظر، له علاقة بهذه الحقائق، ما من شأنه أن يساعد على ظهور عالم جديد، وبالتالي إعلان من سيكون لديه السلطة لتأسيس منحنى جديد وشكل آخر للحياة. وهذا ما أوضحه انقلاب الموازين وتحالف الصين وروسيا، كما هو الحال في السيناريوهات بين فنزويلا وأوكرانيا والولايات المتحدة الأميركية. وهكذا، تسعى إمبراطورية جديدة “مسلحة” بحقائقها المعادية للغرب إلى الظهور بينما يستمر الغرب في الكفاح من أجل البقاء.

أخيرًا، انعقاد القمة بين الاتحاد الأوروبي وأمريكا اللاتينية في بروكسل في يوليو؛ يعني أن النضال من أجل الحقيقة سيكون محورًا جديدًا في عالم تائه بين القوة والحقيقة.

تسعى إمبراطورية جديدة "مسلحة" بحقائقها المعادية للغرب إلى الظهور بينما يستمر الغرب في الكفاح من أجل البقاء.
التحالف بين روسيا والصين

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.