اعلام Take away!: كأن خبر اعدام الفلسطيني وحده لا يكفي كخبر، وكأن الاحتلال وحده لا يكفي كسبب!

من من مِنْ وسائل الاعلام الفلسطيني عرف او كتب عن الموعد الفعلي لاطلاق الرصاصة الاولى،  من اهتم بالفترة الزمنية التي بقي فيها الشهيد الشريف ممدا ينزف على الارض قبل اعدامه بالرصاصة الثانية، من عرف موعد اطلاق الرصاصة الثانية تحديدا، أو المسافة بين القاتل والقتيل حين اطلاق النار، من عرف تحديدا متى استدعي الجندي القاتل الى مشهد الجريمة على اهمية معلومة كهذه، والتي وردت في يديعوت فقط ( ولا اتكلم عن جماعة اللصق والقص هنا)، فيما كانت هارتس الوحيدة التي اوردت خبر ان المستعمر المتطرف ميرتزل، رئيس كاخ الارهابية سابقا، مثلا، وزع البيتزا مجانا فرحا بالجريمة، من انفرد بتحليل ونشر ما احتوته صفحة الجندي القاتل على فيسبوك، ومدى الكره والعنصرية التي احتوتها، هناك شهيدان وقاتلان او ثلاثة، فمن  ركز على هذه القضية وطالب بمحاكمة القتلة؟

من قام مِنْ وسائل الاعلام الفلسطيني بتحليل مشهد الجريمة، من منها ربط الارهاب الذي يمارسه جيش الاحتلال الاسرائيلي يوميا بالتعبئة العنصرية في المجتمع الاسرائيلي لتصريحات مسؤوليه الداعشية على المستويين السياسي والديني، والتي تصل الى حد الدعوة الى قطع رؤوس الفلسطينيين، ويرد القليل منها في الاعلام الفلسطيني بشكل منتقى جدا وعلى شكل اخبار عابرة ومفردة وسريعة كخبر المطالبة باعادة توطين الفلسطينيين في السعودية، هل هي مشكلة عدم معرفة الكثير من الصحفيين والمحررين لللغتين الانجليزية والعبرية؟ من أثار اسئلة استنكارية على هامش كل العدوان اليومي لجيش الاحتلال الاسرائيلي عما يفعله في قلب المدن الفلسطينية؟ وكيف يحمي جيشُ نتنياهو القاطنينَ في تل ابيب ومستعمرات الجولان والشمال من قلب المدن والقرى الفلسطينية ومن بين اطفال في طريقهم الى المدرسة او من نقطة عسكرية على باب كنيسة او جامع؟ “انهم يقومون بحمايتنا”، هو التصريح الذي ادلى به زعيم وزراء دولة الاحتلال لمحاولة الالتفاف على الجريمة الواضحة لاعدام الفلسطينيين، ومنهم الشريف، فلماذا يمر دون اثارة، ولماذا يفلت تصريح كهذا من اقلام رسامي الكاريكاتور والصحافة الساخرة؟ من تحدث او اشار الى عنصرية نجمة داود في تقديم الاسعاف للضحايا لكونهم فلسطينيين فقط وهي ذات العنصرية الابارتهايدية في جنوب افريقيا وربطه بالخبر الذي ورد عابرا عن عنصرية جديدة في مستشفيات الاحتلال باقسام الولادة بالتزامن، رغم ان خبرا كهذا سيعتبر صيدا ثمينا للاعلام الاسرائيلي لو حدث العكس؟

من مِنْ وسائل الاعلام الفلسطيني ركز وربما أشار الى ان الجندي طبيب عسكري ايضا، ومن قام بالكتابة حول سبب اختيار رئيس كتيبة الاعدام طبيبا عسكريا من الكتيبة، وليس جنديا عاديا لتنفيذ المهمة،  رغم ان بعضهم كان أقرب الى الشهيد من القاتل، وكل ما يثيره ذلك من اتهامات لجيش الاحتلال بان التعليمات بالقتل واضحة بشكل لا يحتمل هامش  الخطأ واعادة المحاولة؟

لماذا يتم تناقل الموضوع كخبر فقط في اعلامنا؟ أين هو الدور الاستقصائي والتحقيقي والاخباري للاعلام؟ هل اعلامنا ضعيف واعلام نقل وقص ولصق فقط؟

لماذا يكتفي البعض في اعلامنا بسؤال اهل الشهيد: ما شعوركم؟ او استخدام الجيش الاسرائبلي بدل جيش الاحتلال في تقاريره؟ لماذا يصر الغالبية على تبني الرواية الاسرائيلية، واستخدام المصطلحات الاسرائيلية مثل أحبط بدل قتل وحيد بدل اطلق عليه الرصاص وشل حركته وغيرها الكثير؟ ولماذا يصر على اضافة جملة “….. على خلفية محاوله طعن….. ” والتي اصبحت كليشيها جاهزا لا يُستغنى عنه في صياغة الخبر الفلسطيني البسيط، وكأن خبر اعدام الفلسطيني وحده لا يكفي كخبر، وكان الاحتلال وحده لا يكفي كسبب؟ ولماذا يصر بعضهم ممن يعمل مع مؤسات احنبية على تصوير منظر “السكين” بجانب جثة، لارساله الى المؤسسة التي يعمل بها، ومن على مشاهد القتل التي تخفى خلف ادعاءات الآخر!!!!

هل اعلامنا مقصر؟ لماذا اذا لا توجد مادة فلمية مصورة عن فظائع عصابات الهاجاناه واتسل وليحي، وكل ما يوجد على الشبكة العنكبوتية بالعبرية والانجليزية يبيض صفحة هذه العصابات ويشكل يثير التعاطف معها،( فضلا عن وجود مواد مترجمة)؟ هل نفس الاعلام الفلسطيني قصير لكثرة القضايا ام لانه يعتقد ان تناول اي قضية هو مسألة كتابة خبر فقط، ام لاسباب أخرى، وبهذا فقط يعتقد أنه يصبح سلطة رابعة او أنه بهذا يدخل بلاط صاحبة الجلالة؟ كيف يتم الدفع باتجاه مركزة الاعلام كسلطة رابعة؟ ما الذي ينقص الاعلام الفلسطيني في هذا الاتجاه، وكيف نفسر مسألة أن الغالبية العظمى من اعلامنا بالنهاية هو اعلام ناطق بالعربية، بمعنى اننا نتحدث الى انفسنا، وان اي تحليل للمضامين الاخبارية والمصطلحات المستخدمة في الاعلام الناطق بالانجليزية حاليا يحتاج الى وقفة طويلة؟

هل ننصف انفسنا وحراكنا الوطني اذا ما قلنا بأنه عنددما يكون الاعلام  قويا، فان كل شيء يتحرك بطريقة صحيحة، القضايا التي يثيرها الاعلام، وحدها التي يتم حلها، الغائب لا يحضر الا بقدر الاهتمام، فمن الذي جعل شعار المرحلة “اعلامTake away” “، واعلام المقابلات والتصريحات والمؤتمرات بالعربية؟

هذه الاسئلة وغيرها حضرت بقوة خلال عملنا على اعداد ملف خاص عن اعدام الاحتلال الاسرائيلي للشهيدين الشريف والقصرواي، والذي نشر سابقا على موقع وزارة الاعلام.

هي اسئلة للاعلام الفلسطيني على طاولة البحث، هي اسئلة تشكل الاجابة عليها تشخيصا للاعلام الفلسطيني وطريقة تناوله للاخبار، ومرتكزا للانطلاق باعلام يمثل ضرورة للمرحلة، وللمشروع الوطني برمته.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى