الرئيسية » تقارير » هل حان وقت سقوط الدولار من على عرش الهيمنة العالمية؟

هل حان وقت سقوط الدولار من على عرش الهيمنة العالمية؟

وطن- لأكثر من نصف قرن، يُواصل الدولار الأميركي إحكام قبضته الصارمة وهيمنته الفردية على المعاملات التجارية وشبكات التمويل واحتياطات البنوك المركزية حول العالم.

واقعٌ، حاولت أنظمة وشخصيات سياسية حول العالم انتقادَه والتشكيك في فعاليته طيلة تلك الفترة دون أيّ تغيّر يُذكر في مجرياته لأسباب، لعل أهمها القوة الاقتصادية الهائلة لواشنطن، وثانيها الضعف الاقتصادي أو السياسي للأنظمة التي طالب بنزع هيمنة الدولار.

مؤخراً، بدأت الصين فعلياً فيما يشبه “نزع الدولرة” عن الاقتصاد العالمي في سبيل تحجيم أساسات الهيمنة الأمريكية. وهي خطوة على جرأتها وأهميتها، إلا أنها لن تُسقط الدولار عن عرشه، على الأقل في السنوات القادمة.

هل تنتهي هيمنة الدولار الأمريكي؟

تُظهر بيانات نشرتها دراسة لصندوق النقد الدولي، إلى أنّ الدولار يهيمن “على النظام المالي العالمي والتجارة العالمية”، فيما يرجّح استمرار احتفاظه بـ”الهيمنة كعملة للاحتياطي” الأجنبي في الدول المختلفة حول العالم.

وفي هذا السياق، يقول تقرير لمجلة “إيكونوميست“، إنّ التحولات الهيكلية التي شهدها “النظام النقدي الدولي” طيلة العقود الماضية أصبحت اليوم مؤثرة على “هيمنة الدولار الأميركي”.

حيث تشير بيانات وزارة الخزانة الأميركية، إلى أنّ حصة الدولار من “الاحتياطيات لا تزال نفسها منذ ثلاثة عقود.. وبقيت أعلى من 50 في المئة”، من مجمل الاحتياطيات الأجنبية حول العالم.

وفي المقابل، تقول المجلة، فقد تسبّبت معدلات التضخم المرتفعة، والتوترات السياسية، والعقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة وحلفاؤها على دول مثل روسيا، في زيادة أصوات المتشككين في الدولار مرة أخرى.

وترى “إيكونوميست”، أنه فضلاً عن الدعوات المتزايدة لتنفيذ معاملات تجارية بعملات غير الدولار، فقد أثار ارتفاع أسعار الذهب وانخفاض حصة الدولار في الاحتياطيات العالمية أصواتَ متشككين آخرين، قد يشيرون إلى مقولة وزيرة الخزانة الأميركية، جانيت يلين، التي قالت إنّ استخدام العقوبات بمرور الوقت “يمكن أن يقوّض الهيمنة”.

ومع ذلك، فإنّ تشكيكات هؤلاء “منفصلة عن الواقع”، لأنّ العملة الأميركية لا تزال قوة جذب قوية في الاقتصاد العالمي ولم تضعف حتى لو ظهرت عقبات حقيقية أمام تفوّقها، فنحو ثلث إلى نصف الفواتير التي يتمّ تحريرها لمبادلات التجارة العالمية تتمّ بالدولار، وهي نسبة ظلّت مستقرة نسبياً.

كما أنّ نحو 90 في المئة من معاملات الصرف الأجنبي تتمّ بالدولار، ونحو نصف الديون عبر الحدود مقوّمة بالدولار.

انتهاء هيمنة الدولار الأمريكي

انخفاض حصة الدولار من احتياطيات البنوك المركزية

رغم أنّ حصة الدولار من احتياطيات البنوك المركزية قد انخفضت، فهي لا تزال تمثّل قرابةَ 60 في المئة منها.

وفي الوقت الحالي، لا توجد أيّ علامة على حدوث تغيير جذري في الآونة الأخيرة، باستثناء أنّ البنوك المركزية أعادت تقييم محافظها المالية لمراعاة تحركات أسعار الصرف وأسعار الفائدة المرتفعة في الولايات المتحدة.

ولا توجد عملة أخرى تتمتع بجاذبية هذه العملة من ناحية توفير أصول آمنة للمستثمرين، فمنطقة اليورو هشة، ولا يمكن للصين أن تلبي الطلب العالمي على الأصول الآمنة طالما أنها تسيطر بشدة على تدفقات رأس المال وتدير فوائض الحساب الجاري.

والدولار، بصفته العملة المهيمنة، يستفيد من فكرة أنّ الناس يريدون التعامل بالعملات التي يستخدمها الجميع.

ومع ذلك، تقول “إيكونوميست”، إنّه رغم أنّ الدولار “لا يزال ملكاً”، فإنّ أولئك الذين يريدون التهرب منه يجدون طرقاً للقيام بذلك، مثل روسيا التي رغم تضررها من العقوبات، لم يتعرّض اقتصادها للشلل، ويرجع ذلك جزئياً إلى أنّ 16 في المئة من صادراتها تُدفع الآن باليوان.

انخفاض حصة الدولار من احتياطيات البنوك المركزية
انخفاض حصة الدولار من احتياطيات البنوك المركزية

دول البريكس تهديد خطير للدولار

يمكن لتقنيات المدفوعات الرقمية الجديدة، والعملات الرقمية للبنوك المركزية، أن تجعل من السهل حتى الآن نقل الأموال حول العالم دون تدخل أميركي.

ولم تفرض واشنطن عقوبات على دول مثل الهند، التي لا تزال تقيم معاملات تجارية مع روسيا رغم العقوبات، لأنها تخشى ردّ الفعل العكسي الذي قد ينتج عن ذلك.

وعلى الرغم من أنّ التحوّل إلى نظام متعدد الأقطاب للعملات ليس وشيكاً، فإنه قد يحدث في وقت لاحق من هذا القرن، إذا انخفضت نسبة حصة الولايات المتحدة في الاقتصاد العالمي.

لكن مثل هذا النظام، “سيكون أقلّ استقراراً من نظام يتمحور حول الدولار، لذلك لن يكون من مصلحة الولايات المتحدة، ولا العالم، تسريع هذا التحول”.

إلى ذلك وفي مقابل المحاولات الأمريكية لتحويط قدرات الدولار عبر فرض هيمنته المتواصلة على الاقتصاد العالمي، تستمرّ جهود عدد من الاقتصادات الكبرى والصاعدة حول العالم لتقويضه.

حيث تخطط دول البريكس (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا) لإنشاء عملتها الخاصة لتمويل بورصاتها، وقد طورت الصين بالفعل نظام التسوية الإلكترونية الخاصة بها بين البنوك، وهي توفّر بديلاً لنظام سويفت (Swift) التعاوني الذي يسيطر عليه الغرب.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.