هولندا تُجيز “القتل الرحيم” بحق هذه الفئة من الأطفال.. ما القصة؟

وطن- سمحت السلطات الهولندية بتوسيع قانون ما يعرف “بالقتل الرحيم” بحقّ الأطفال الصغار، الذين يعانون أمراضًا مستعصيةً تتسبب لهم بمعاناة لا تطاق، لتشملَ الأعمار المسموح بها الـ3 سنوات.

“والقتل الرحيم” المزعوم -وفق تعريف أصحاب هذا القانون- هو فعل أو مُمارسة للحدّ من آلام الأشخاص الذين يُعانون من مَرضٍ مؤلمٍ وغير قابل للشفاء، أو عجز في الجسد، مثل منع العلاج عن المريض ممّا يؤدي إلى موته.

القتل الرحيم للأطفال في هولندا

ووفق القانون الذي ينظّم هذه العملية قبل تعديله، فإنه يمكن للقاصر بين سن 12 وسن 16 أن يطلب المساعدة على الموت، مع ضرورة موافقة الوالدين أو الوصي. في حين أنه يمكنه اتخاذ القرار منفرداً منذ بلوغه سن 18.

وفي هولندا، سيكون من الممكن للأطفال الذين تقلّ أعمارهم عن 12 عامًا الحصول على شكل من أشكال القتل الرحيم. بعد صدور قرار من الحكومة الهولندية بذلك. فقط الأطفال الذين يعانون “بشكل غير محتمل” و”لا أمل في التحسن بحالتهم” يحقّ لهم الحصول على العلاج. كان هذا ممكناً في بلجيكا منذ عام 2014.

ويأتي القرار بعد سنوات من الجدل، حتى أنه واجهَ معارضة داخل الائتلاف الحاكم، برئاسة رئيس الوزراء “مارك روته”، والذي يضمّ حزبين أصحاب تأثير مسيحيّ.

وقالت صحيفة “vrt.be” الهولندية، إنّ هولندا أصبحت في عام 2002، أول دولة في العالم تقنّن القتل الرحيم، وإن كان ذلك في ظلّ شروط صارمة.

والآن، بعد أكثر من 20 عامًا، تمّ توسيع قانون القتل الرحيم الهولندي، ليشملَ الأطفال الذين تقلّ أعمارهم عن 12 عامًا، حيث بات لهم أحقية الحصول على القتل الرحيم إذا كانوا مصابين بأمراض مميتة.

وزير الصحة الهولندي “إرنست كويبرز”، شدّد في رسالة إلى البرلمان على أن المساعدة على الموت ستكون ممكنة “عندما يكون ذلك البديل المعقول الوحيد للطبيب لوضع حدٍّ لمعاناة الطفل الشديدة والتي أصبحت لا تطاق”.

وأشارت الصحيفة في التقرير الذي كتبته “لوك لوكويز”، إلى أنّ قانون القتل الرحيم ركز حتى الآن بشكل أساسي على “البالغين” الذين يريدون إنهاء حياتهم.

بالإضافة إلى ذلك، يحقّ للأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن اثني عشر عامًا الحصول على القتل الرحيم، بشرط أن يكونوا يعانون من حالة طبية مع عدم وجود أمل في التحسّن. بالإضافة إلى ذلك، يجب استشارة طبيب مستقل ثانٍ لتأكيد التشخيص.

واختار ما يقرب من 3000 شخص في هولندا القتل الرحيم العامَ الماضي، وفق القانون الذي بات معروفاً بشكل متزايد.

وتابع المصدر أنه بالنسبة للأطفال الذين تقلّ أعمارهم عن عام واحد، يمكن للأطباء إعطاء جرعة قاتلة من الأدوية في ظلّ شروط صارمة للغاية، منصوص عليها في “بروتوكول جرونينجن”، بالتشاور مع الوالدين، من أجل وضع حدٍّ لمعاناة ميؤوس منها ولا تطاق.

ولفترة طويلة لم يكن هناك إطار قانوني للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 1 و12 عامًا، لكن هذا يتغير الآن. في حالة معاناة طفلهم التي لا تطاق، يمكن للوالدين فقط انتظار موت طفلهم، أو اختيار التخدير الملطّف (إعطاء الدواء لوضع المريض في النوم وتقليل الألم، وليس إنهاء الحياة).

هولندا تسمح بالقتل الرحيم للأطفال
هولندا تسمح بالقتل الرحيم للأطفال

الخلاف السياسي

ووفق إحصائيات رسمية نشرها المكتب المركزي الهولندي للإحصاء عام 2012، فإن 3% من حالات الوفيات في هولندا هي نتيجة الموت الرحيم أو المساعدة على الانتحار، و7% منها وقعت دون طلب صريح من المريض.

وقد ارتفعت النسبة بشكل لافت بعد ذلك لتبلغ 10% سنة 2017.

وبينما كشفت عدة تقارير، أنّ النظام الصحي الهولندي قد قدّم دعماً بنسبة 85% لعيادات الموت الرحيم والمساعدة على الانتحار، فإنّ هدف ذلك يعود بشكل أساسي إلى احتواء مصاريف العلاج الباهظة التي تتسبب فيها الأمراض المزمنة أو الأمراض والإعاقات المترتبة على محاولات انتحار فاشلة.

وتجعل المادتان 293 و294 من قانون العقوبات الهولندي كلّاً من القتل الرحيم والانتحار بمساعدة غير القانونيين، حتى اليوم.

ومع ذلك، نتيجةً لقضايا قضائية مختلفة، لن تتمّ مقاضاة الأطباء الذين يقتلون المرضى بشكل مباشر أو يساعدون المرضى على قتل أنفسهم طالما أنهم يتبعون إرشادات معينة. بالإضافة إلى المتطلبات الحالية المتمثلة في أن يقوم الأطباء بالإبلاغ عن كل قتل رحيم، وفاة بمساعدة الانتحار إلى المدعي العام المحلي.

وفي الأوساط السياسية، كانت القضية أكثر صعوبة. ويقول وزير الصحة إرنست كويبرز للمصدر، إنه بعد شهور من الجدل السياسي، توصّلت الحكومة الهولندية أخيرًا إلى اتفاق. مضيفاً أنّ هناك لائحة في البلاد يمكن بموجبها لفريق العلاج، مع جميع متطلبات الرعاية الواجبة، المضيّ قدمًا في إنهاء مثل هذه الحياة”.

وبحسب الوزير، “لحسن الحظ، يتعلق هذا فقط بمجموعة صغيرة جدًا من الأطفال: نحو خمسة إلى عشرة أطفال في السنة”.

القتل الرحيم للأطفال أصبح متاحا في هولندا
القتل الرحيم للأطفال أصبح متاحاً في هولندا

القانون البلجيكي والموت الرحيم

في بلجيكا المجاورة لهولندا كان من الممكن تنفيذ القتل الرحيم للقاصر منذ عام 2014. وبموجب القانون البلجيكي، يمكن اعتبار القتل الرحيم للقاصر، إذا كان الطفل مصاباً بمرض عضال ويعاني بشكل لا يطاق، وفي حال كان الطفل قادرًا على اتخاذ قراراته بنفسه وقد قدّم طلب القتل الرحيم بشكل متكرر وطوعيّ ولا توجد حلول أخرى لمعاناة الطفل.

ويجب دائمًا الموافقة على القتل الرحيم للقصر من قبل فريق من الأطباء، بما في ذلك طبيب نفساني للأطفال. بالإضافة إلى ذلك، يلزم الحصول على موافقة الوالدين أو الممثل القانوني.

وبعد إعادة تقييم القواعد الحالية، قرّرت الحكومة الهولندية بدورها توسيع خدمات المساعدة على إنهاء الحياة “لتشمل الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين سنة واحدة و12 عامًا”.

ومن المتوقّع نشر القواعد الجديدة هذا العام، وفق الحكومة، على أن تخضعَ لتقويم بعد بضع سنوات من دخولها حيز التنفيذ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى