الرئيسية » تقارير » دريد لحام.. “غوار الطوشة” خدرَّ السوريين بأعماله النقدية وغدر بأقرب أصدقائه

دريد لحام.. “غوار الطوشة” خدرَّ السوريين بأعماله النقدية وغدر بأقرب أصدقائه

وطن – تعتبر حياة الفنان السوري “دريد لحام” أشبه بخلطة كيميائية في تركيبها وتحولاتها، إذ بدأ من الصفر وأصبح فوق القمة، ودرس الكيمياء فحقق معادلة النجاح، وعزف على وتر الوطنية والحرية والكرامة. ليتضح أن الأمر بالنسبة له مجرد كذبة كبرى بعد أن تنكر للبسطاء وانحاز لمن كان السبب في قتل وتشريد الملايين من السوريين مروراً بتنكره لأقرب أصدقائه الفنانين والمبدعين الذين كانوا سبب شهرته وانتشاره.

بدأ راقصاً وممثلاً في مسرح الهواة

بدأ الممثل والمخرج السوري دريد محمد حسن لحام، المولود في حي “الأمين” بدمشق القديمة عام 1934 حياته في فقر نسبي، ودرس الكيمياء في جامعة دمشق ودرس فيها المادة فيما بعد.

ودرس الرقص والكلارينيت ومثل في مسرح الهواة واشتهر فيما بعد كواحد من أشهر الممثلين في الوطن العربي منذ فترة الستينات، واختار فيما بعد التفرغ للعمل في المسرح وترك الجامعة رغم معارضة الكثير من أصدقائه وأهله واقترحت أسرته تغيير لقبه بعدما بات مستعدًا بشغف لتكريس حياته للتمثيل.

توجه دريد لحام إلى الكوميديا السوداء والنقد الاجتماعي الجاد والهجاء السياسي

سحر دمشق

وكان “لحام” من أوائل الذين عملوا في التلفزيون السوري عندما بدأ في دمشق عام 1960. واستعان به المخرج صباح قباني شقيق الشاعر المعروف نزار قباني، ليعمل في التمثيل آنذاك من خلال مسلسل قصير بعنوان “سحر دمشق” إلى جانب الفنان نهاد قلعي الممثل المسرحي المعروف.

وأصبح الاثنان فريقًا فوريًا ، دريد ونهاد ، ثنائي كوميدي وغالبًا ما قورن اسمهما معاً في سلسلة من المسلسلات والمسرحيات، إلى أن أحيل الثاني إلى التقاعد عام 1976، ليقابل من “غوار الطوشة” وهو الاسم الذي عرف به دريد لحام بالجحود والنكران.

دريد لحام ونهاد قلعي في مسلسل “سحر دمشق”

توجه دريد لحام إلى الكوميديا السوداء والنقد الاجتماعي الجاد والهجاء السياسي

وفي عام 1965 ابتكر الشخصية الكوميدية “غوار” لمسلسل صغير، مقالب غوار المخادع الشرير، وسرعان ما أصبح غوار الشرير المحبوب اسمًا مألوفًا في سوريا وفي جميع أنحاء العالم العربي.

وترمز شخصية “غوار” إلى الشخص السوري العادي الذي كان يكافح من أجل لقمة عيشه ويتحدث عما يصادفه من مشاكل في حياته كلها، وقد أبدع الفنان دريد لحام في تجسيد هذه الشخصية التي اقتبسها من شخصية “كارلوس” عازف الجيتار المكسيكي. وكان لهذه الشخصية الشهرة الأكبر والأوسع على مستوى الوطن العربي.

لكن غواراً هذا لم يكن لقمةً سائغة بل كان أيضاً شخصية ساخرة ومتصرفة، وواصل “لحام” تمثيل وتوجيه وكتابة سيناريوهات شخصيته غوار حتى عام 1981.

وبحسب موقع الجامعة الأمريكية في تعريفها بمشاهير العالم العربي فإن أفلام دريد لحام التي كتب أغلبها صديقه الشاعر محمد الماغوط، احتوت منذ عام 1981 على رمزية وتلميحات سياسية.

ففي فيلم “الحدود” عام 1987، جسد لحام شخصية مسافر عربي يفقد جواز سفره ويضطر للتخييم على الحدود بين دولتين عربيتين. لن يسمح له أي من البلدين بالدخول. يفقد بلده وهويته.

وقال لحام إن “الفكرة كانت السخرية وتبديد فكرة العروبة”. وفي فيلم آخر يُقتل موظفًا مدنيًا أمينًا يرفض الرشوة ويقرر الإبلاغ عن فساد رؤسائه في مباراة كرة قدم، بينما ترفرف أوراق تقريره في جميع أنحاء الملعب.

أعماله النقدية لم تكن سوى مخدر وامتصاص لغضب السوريين

في مقابلة سابقة مع صحيفة “نيويورك تايمز” قال دريد لحام إنه يفضل مصطلح “التعليق القومي” باعتباره أكثر أمانًا من “التعليق السياسي”. ومع ذلك ، فإن النقد الاجتماعي الذي لا هوادة فيه لمسرحياته وأفلامه لم يفلت من رقابة السلطات الحكومية. لكن عندما تم تهديده بالسجن، قام حليف قوي ، وزير الدفاع السوري آنذاك، حافظ الأسد ، بحمايته.

وفي عهد حافظ الأسد ونجله بشار، اتضح للملايين من متابعي ومحبي “غوار الطوشة” أن أعماله النقدية لم تكن سوى “إبر بنج” وامتصاص للاحتقان الذي عاشه السوريون منذ تولي البعث قيادة البلاد.

وخاصة بعد أن عادى دريد لحام ثورة السوريين ضد نظام الأسد، كما عادى كل القضايا العربية العادلة ووقف إلى جانب القتلة من مليشيا حزب الله وإيران. مما دفع الكثيرين إلى القول إن الرجل الذي عرفوه – غوار الطوشة- قد مات منذ زمن طويل وما هو موجود اليوم هو نسخة مزيفة منه.

وفي هذا السياق يقول الصحفي السوري “محمد منصور” في مقالة بعنوان “الآن يا دريد لحام”، إن دريد لحام لم يقف للحظة مع ضميره ليقول: “أنا عشت مع هذا النظام وأعرف فساده جيداً… من حق هذا الشعب أن يعيش.. من حقه أن يصرخ بأعلى صوته صرخة الماغوط التي مثلتُها في مسرحية (كاس يا وطن): مو ناقصنا يا أبي إلا شوية كرامة”.

وأضاف أن “دريد لحام قرر أن يلعب الدور النقيض… الدور الذي يلائم نفسية العبد الذليل التي تحيا داخله، حين يخلع عباءة الفنان، وعباءة المثقف، أو حتى نصف المثقف، كي يبرر لسيده الظالم كل أفعاله ويقول له منذ البداية: معك حق… هؤلاء تكفيريون… وهذه مؤامرة… وهذه المظاهرات مدفوعة الأجر!”

وتابع منصور أن “هذا الكلام وسواه، هو من سهّل للنظام – مع عوامل أخرى طبعاً- أن يشرّد أطفال سورية، وأن ييتمهم، وأن ييبتوا في العراء… كي يأتي دريد لحام في النهاية ليذرف دموع التماسيح عليهم، ويعرض شروال غوار في المزاد لأجل أن يرسل لهم الدفء”.

كرسي غوار الذي أصاب حسني بورظان

وعلاوة على تخليه عن قضايا الشعب التي لطالما زعم دفاعه عنها، تنكر دريد لحام كذلك لأقرب المقربين منه، ممن كان لهم دور كبير في نجاحه وصعوده وأولهم قرينه الفنان الراحل “نهاد قلعي”-حسني بورظان- الذي توفي جراء تلقيه ضربة بكرسي على رأسه في مطعم عائلي بأحد أسواق دمشق القديمة على يد شبيح “مبكر” تابع لسرايا الدفاع التي أسسها سيىء الصيت “رفعت الأسد” فأصيب بشلل ثم مات موتاً بطيئاً.

تنكر دريد لحام لصديقه نهاد قلعي بعد إصابته بالشلل

وعلى أثر هذه الضربة أصيب الفنان قلعي بالشلل وقضى بقية عمره طريح الفراش، هجره أصدقاؤه ورفاق دربه وأولهم صديقه “دريد لحام”.

وفي حين نال دريد لحام تكريماً واحتفاءاً من نظام الأسد قوبل نهاد قلعي بالإهمال والجحود حتى بعد محنته المرضية. فقد منح حافظ الأسد بعد مسرحية غربة (1976) وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى للفنان دريد لحام، في حين منع مثل هذا التكريم الرسمي عن نهاد قلعي الذي شهدت عروض مسرحية (غربة) ذاتها، محنته المرضية التي أنهت بشكل أو بآخر- مسيرته الفنية قبل أوانها.

بشار الأسد يكرم دريد لحام بوسام الاستحقاق من الدرجة الأولى

دريد لحام ومحمد الماغوط

وشابت علاقة دريد لحام بالشاعر الكبير محمد الماغوط الكثير من الالتباس والغموض ووصلت إلى حالة النزاع بينهما بسبب الكتابة المسرحية.

وعندما سُئل الماغوط عن ذلك، صرح أن غرور لحام كان السبب، وأنهم لطالما شكلوا فريقاً رائعاً وكانت تلك الفترة أفضل محطات حياته.

توترت العلاقة بين دريد لحام ومحمد الماغوط بسبب الكتابة المسرحية

يذكر أن الماغوط غادر البلاد لسنوات طويلة، ثم عاد واستقر بها، واكتُشف مرضه بالسرطان لاحقاً، فعانى من تداعيات المرض حتى وفاته في 2006.

والقصة ذاتها تكررت مع الفنان رفيق السبيعي شريك لحام في الكثير من المسرحيات والأفلام الناجحة. وكان سبيعي قد اتهم رفيقه دريد لحام ببيع مسلسل “حمام الهنا” إلى أكثر من دولة عربية، دون أن يحصل هو على حقه من هذه الصفقة، رغم أنه شريكه.

دريد لحام وبشار الأسد
توترت العلاقة بين دريد لحام ورفيق السبيعي لأكثر من 30 عاما

واستمرت الخلافات لمدة 30 سنة ولم تنجح العديد من محاولات الصلح بينهما، حتى وصلت إلى عدم تعزية لحام لزميله سبيعي بوفاة نجله “عامر سبيعي”.

والقصة ذاتها تكررت مع لحام في مسرحية شقائق النعمان التي تمكن من الاستحواذ على نجاحها وإعطاء الآخرين النذر اليسير.

قد يعجبك أيضاً

رأي واحد حول “دريد لحام.. “غوار الطوشة” خدرَّ السوريين بأعماله النقدية وغدر بأقرب أصدقائه”

  1. كلهم نعال عسكر إحتلال مثله مثل المشخصاتي محمد صبحي والبلياتشو عادل إمام والأراجوز المملوك حسين فهمي

    رد

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.