وطن- صدق الله تعالى حين قال: “ولتجدنّهم أحرص الناس على حياة ومن الذين أشركوا يودّ أحدهم لو يُعمّر ألف سنة”، وصدق جلّ جلاله: “أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيّدة”.
ولكن كيف تقنع هؤلاء المجانين؟
حتى الآن اشترى في أمريكا ما يقرب من ألف ثري مخابئ محصّنة تحت الأرض تحسّباً للكوارث المستقبلية والحروب النووية وكوارث انقراض الحياة، فقط من مجموعة فيفوس في كاليفورنيا وحدَها.
وكل مخبأ تبلغ مساحته ١٠ آلاف قدم مربع.
أول المخابئ التي بنتها مجموعة فيفوس يقع في ولاية أنديانا في أمريكا؛ حيث صُمّم ليتحملَ هجوماً نووياً بقوة ٢٠ ميجاطن. الآن تقوم نفس الشركة بتحويل قبو سبق وأن بناه الاتحاد السوفييتي في روثنشتاين في ألمانيا الشرقية آنذاك تحت الأرض، وذلك إلى مأوًى فاخر مع حديقة ومخزن للكنوز وبنك للبذور فيما لو انتهت الحياة فوق الأرض.
ولم يكن هذا الجنون مرتبطاً بالغرب، فقد انتقل إلى دبي أيضاً؛ حيث بدأت تعمل شركة أوبيدوم السويسرية في نفس المجال، ولكن ما يتوافق مع أذواق أثرياء العرب، حيث يتراوح سعر المخبأ بين عشرة ملايين دولار إلى ١٠٠ مليون دولار.
لم تعلن مجموعة فيفوس ولا شركة أبيدوم عن أسماء زبائنها، وحتى مؤلف كتاب: “بقاء الأغنياء: الهروب من الأوهام”، دوغلاس روشكوف لم يذكر أسماء أيٍّ من هؤلاء لأسباب ملحّة منهم، ولكنه ذكر أنّ اثنين ممن تحدّث إليهم من المليارديرات، وذلك حين سافر إلى منتجع فاخر جداً في رحلة رسومها تساوي ثلث راتبه السنوي كأستاذ جامعي، وذلك كي يقدّم لهؤلاء الأثرياء المشورة حول كيفية النجاة من انهيار الحضارة، وتحدّث بألم في كتابه عن كوابيس هؤلاء الأثرياء، والذي قال إنهم يعادون المجتمع بشكل عميق، وإنهم يفضّلون تحسين مخابئهم بدلاً من العمل على تجنّب نهاية العالم أو وقف الحروب. كلا الشركتين تقول إنّ الطلب على هذه المخابئ في ازدياد، ولعلّ الحرب الروسية الأوكرانية والمخاوف مما سينتج عنها سيزيد جنون هؤلاء الأثرياء جنوناً، وربما سيحمل بعضهم للانتقال إليها.
في زمن مضى فتّش ابن نوح عن الحل، فاختار جبلاً فوق الأرض وما أغناه شيئاً.. الآن هؤلاء وجدوا الحلّ في جحور فاخرة في بطن الأرض، ولن تغنيَهم شيئاً أيضاً، لكنّه الوهم والوسواس الذي تحدّث عنه دوغلاس روشكوف.