الرئيسية » تقارير » الاستيلاء على الأراضي والتداول من الداخل وشبهات حول حاشية محمد السادس.. تحقيق لوموند

الاستيلاء على الأراضي والتداول من الداخل وشبهات حول حاشية محمد السادس.. تحقيق لوموند

وطن– تسبب التحقيق في ملف مصادرة أراضي زراعية لصالح أصدقاء مقرّبين للملك محمد السادس، للصحفي المغربي عمر الراضي، بالسجن ستة أعوام في مارس/آذار الماضي. وهذا ما جعله اليوم يواجه تهم كيدية، لاسيما بعد مقابلة تاريخية في وسيلة إعلام جزائرية. لكن بعد محاكمته، واصلت منظمة القصص المحرمة ( L’organisation Forbidden Stories) تحرّياتها بهدف إكمال التحقيقات التي بدأ فيها الصحفي المغربي.

يعود تاريخ تسجيل هذه المقابلة إلى 22 ديسمبر 2019، على أمواج راديو إم، ذلك اليوم استقبل إحسان القاضي، مدير هذه الوسيلة الإعلامية الجزائرية المستقلة، عمر الراضي، وهو زميل مغربي اعتاد على التحقيق في الروابط التي تجمع بين السلطة والأعمال التي تحدث في المغرب. ولقد تحدث عن تحقيقاته في منطقة أولاد سبيتا دوار ببلدية سيدي بوقنادل قرب الرباط، حيث تم طرد السكان من أراضيهم الزراعية حيث كانت هناك غابة شاسعة. ولقد تم تجريف الغابة وتشييد ملعب غولف بدلاً عنها وتم خوصصة الشاطئ، بالإضافة إلى بناء مئات الفيلات والشقق الفاخرة. ثم سرعان ما بدأت هذه المشاكل تظهر لهذا الصحفي المعروف بصراحته.

بذخ محمد السادس.. صحفي في “بي بي سي” يكشف راتبه ومصاريف قصره اليومية!

وبحسب تقرير لصحيفة “لوموند” الفرنسية، عند عودته إلى المغرب، استدعته الشرطة للتحقيق. ولقد احتُجز بذريعة تغريدة معادية لقاضي. وبعد أسبوع وحملة دعم ضخمة أُطلق سراحه مؤقتًا. وقال حينها: “لقد عوقبت على كل ما قلته”.

مظاهرات نُصرة لعمر الراضي
مظاهرات نُصرة لعمر الراضي

ولم ينته الأمر هناك، ففي يونيو 2020، كشفت منظمة العفو الدولية ومنظمة القصص المحرمة أن برنامج Pegasus للتجسسس اخترق هاتف الصحفي. ثم تسارعت الأحداث، حيث تم الحكم عليهفي 3 مارس / آذار 2022، في الاستئناف بالسجن ست سنوات بتهمة تقويض الأمن الداخلي للدولة والتمويل الخارجي و الاغتصاب، وعلى الرغم من أنهما ملفان منفصلان، فإنه تم إصدار التعليمات والحكم عليه في هذه القضايا.

في الحقيقة، بالنسبة لقضية الاغتصاب، فلقد اتّهمته زميلة سابقة في صحيفة Le Desk باغتصابها في يوليو 2020، ولكنه شكك فيما قالته مؤكّدًا أن علاقته بها كانت توافقية. وفي القضية الأخرى، اتّهم على وجه الخصوص بأنه التقى بمسؤولين هولنديين اعتبرهم الادعاء ضباط استخبارات. وبعد ذلك، احتجت منظمة هيومن رايتس ووتش غير الحكومية على إدانته.

وفي هذا الشأن، قال أحمد بن شمسي، أحد المسؤولين التنفيذيين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالمنظمة: إن “تهم تقويض الأمن الداخلي للدولة غير مقبولة لأنها لم تستند إلى أي شيء حقيقي، أما فيما يتعلّق بقضية الاغتصاب، فيجب أن يكون هناك  محاكمة عادلة للمتهم والمشتكية على حد سواء. وفي الواقع، تدين العديد من المنظمات غير الحكومية والتحقيقات الصحفية استخدام السلطات المغربية قانون مكافحة العنف الجنسي لأغراض سياسية. من جهته، قدم عمر الراضي، الذي قضى بالفعل عامين في السجن، استئنافًا.

حيلة مجموعة الضحى لامتلاك الأراضي

لسائل أن يسأل هل هذه المشاكل التي تلاحق عمر الراضي، مرتبطة مباشرة بالتحقيقات التي أجراها حول نزع ملكية أراضي زراعية؟ في الحقيقة، واصلت منظمة القصص المحرمة التحقيق في دوار أولاد سبيتا، هذا الموقع الساحلي حيث تولّى مطور العقارات “مجموعة الضحى“، في خريف عام 2006، تطوير مشروع يسمى “شاطئ الأمم”.

ولقد تحدث أحد سكان القرية، محمد بودومة، على قناة فرانس 24، في فبراير 2017، قائلاً: “تم الاتصال بقبيلتنا من قبل ممثلي الدولة الذين أرادوا شراء الأجزاء الساحلية. ولقد وقع اختيار المندوبين الذين تفاوضوا نيابة عنا مع وزارة الداخلية المالكة لهذه الأراضي، وفق قانون موروث من عهد الاستعمار ولدينا الحق في استخدامه. وهكذا، خدعنا هؤلاء المندوبون بقولهم أن هذه الأراضي الواقعة على طول الساحل ستباع للملك. وفي الواقع، تم بيعها لشركة الضحى”.

يُذكر أن هذه الأراضي تتمتع بالفعل بمكانة خاصة، حيث صدر مرسوم ملكي بتاريخ 27 أبريل 1919 جعلها غير قابلة للتصرف وغير قابلة للتنازل وغير قابلة للتحويل، مع وضعها تحت إشراف وزارة الداخلية. وحدد المحامي أحمد بنديللا أنه “بإمكان الدولة بإشرافها حشد جزء من الأرض الجماعية لمشاريع ذات نفع عام”. ولم تتغير “القاعدة” التي سُنت في عام 1919 كثيرًا بعد الاستقلال. حتى أنها أصبحت أداة للمخزن (وفقًا للتعبير الذي يعين الإدارة وسلطة الدولة) لتشكيل قاعدة برية بتكلفة منخفضة. وعلى المستوى الوطني، فإن المناطق المعنية شاسعة، حيث تقدّر بحوالي 15 مليون هكتار، حسب تقديرات وزارة الداخلية المغربية، في عام 2013.

صحيفة فرنسية تزعم أن محمد السادس مصاب بمرض “مزمن” وتتحدث عن دور قادم لوريث العرش!

وأضاف السد باندللا: “مع التوسع العمراني، أخذت هذه الأراضي التي تم تخفيض قيمتها حيّزًا كبيرًا من الاهتمام، لكن، تظل إمكانية تحويل الأرض خاضعة لشرطين: إما أن يكون التغيير لصالح هيئة عامة، ولإقامة مشاريع المرافق العامة مثل إنشاء مدرسة ومباني إدارية وطرقات … “.

وأوضح: “في المقابل، اختفى هذا المطلب في عام 2019، بمناسبة مراجعة القانون. لكن عندما وضعت مجموعة الضحى، أنظارها على أولاد سبيتا، قبل ثلاثة عشر عامًا، لم تكن مراجعة التشريع قائمة بعد. كما أنه من المستحيل في ذلك الوقت أن يستعيد القطاع الخاص هذا المجال رسميًا على الأقل، وهذا ما ساعد الضحى على الفوز بالرهان.

الخطوات الأولى نحو امتلاك الأراضي

وهكذا، تم تمثيل القبيلة من قبل كاتب الدولة بوزارة الداخلية الذي سيبيع الأراضي نيابة عن إشراف الدولة إلى مؤسسة عامة، وهي صندوق الإيداع والإدارة. ثم في خطوة ثانية، باعت هذه الأخيرة الأراضي إلى مجموعة الضحى التي قامت في الواقع بدفع أموال الشراء.

وكانت هذه الطريقة الخفية في امتلاك الأراضي، على وشك ان يكشفها الصحفي عمر الراضي، مع العلم أنه في ذلك الوقت، كان الرئيس التنفيذي لشركة الضحى، وأحد أثرياء البلاد أنس الصفريوي، صديقًا قريبًا من الملك محمد السادس.

محمد السادس watanserb.com
العاهل المغربي محمد السادس

ووفقًا لما ترجمته “وطن“، لكي يدعّم عمر الراضي حجته، استظهر بوثيقة رسمية بتاريخ 29 أكتوبر 2010، موقعة من السيد الصفريوي، تذكر بمسار هذه العمليات بين جماعة أولاد سبيتا العرقية، الممثلة لوزير الدولة لشؤون الداخلية وصندوق الإيداع والإدارة، بشأن قطعة الأرض التي تبلغ مساحتها حوالي 355 هكتارًا.

كما تم تحديد أن العقار المعني “تم الاستحواذ عليه نيابة عن الشركة العامة المحدودة Douja Promotion Groupe Addoha التي رفعت سعر البيع بالكامل بشكل فعال. بشرط عدم الكشف عن هويتها، ويؤكد لنا مسؤول تنفيذي من وزارة المالية: “لعب صندوق الإدياع والإدارة كمؤسسة عامة، دور الوسيط. وغالبًا ما يتم هذا، لأنها وسيلة لتغيير الإجراءات عبر مخطط لنزع ملكية مجتمع قبلي من أرضه”.

الاشتباه في التداول بناءً على معلومات داخلية

في دراسة نشرت في مجلة Revue de la Régulation، كتب الباحثان محمد أوبينال وعبد اللطيف زروال أن صندوق الإيداع والإدارة، وهي مؤسسة تتمتع بالاستقلالية المالية تحافظ على علاقات مميزة مع المجموعات والشركات الخاصة المعروفة بقربها من السلطة السياسية. ومن بين هذه الشركات شركة الضحى. لكن، لماذا شارك الصندوق في عملية الشراء هذه؟ لم يُجب صندوق الإيداع والإدارة على السؤال وبالمثل لم تستجب مجموعة الضحى ولا محاميه لطلبات المقابلة التي أردنا إجراءها مع أنس الصفريوي. وفي السنوات الأخيرة، أصبح يُشاع أن هذا الأخير أصبح شخصًا غير محبوب في حاشية الملك، بحسب صحيفة “لوموند”.

فقد السيطرة على وحوشه (الإخوة زعيتر).. هل أصبح محمد السادس مثل “دكتور فرانكشتاين”؟

لكن القصة لا تنتهى هنا. فالسلطة الحاكمة في البلاد لها دور مهم في هذا الموضوع. ولفك هذا اللغز، يتعين علينا العودة إلى 11 نوفمبر 2006. في ذلك اليوم، كما كتبت وكالة أنباء المملكة: ترأس جلالة الملك توقيع مذكرتي تفاهم تتعلقان بالاستثمارات السياحية والعقارية في الرباط.

وتمت الموافقة على استثمار بنحو 11 مليار درهم/ ما يعادل 1 مليار يورو لبناء حديقة حيوانات (4.7 مليار درهم) وتطوير شاطئ الأمم (6 مليار درهم) بما في ذلك آلاف المساكن والعديد من الفنادق والمطاعم. علاوة على ذلك، أٌبرمت مذكرات التفاهم هذه بين الدولة ومجموعة الضحى. ولذلك، فإن إطلاق مشروع شاطئ الأمم، سيؤدي إلى طرد القبيلة، حتى قبل إبلاغها بذلك.

ومع ذلك، في 10 تشرين الثاني (نوفمبر) 2006، عشية التصريح بهذا المرسوم الملكي، ارتفعت قيمة سهم الضحى الذي كان صعد بالفعل بشكل حاد قبل شهور. وكتبت The Weekly Journal وهي وسيلة إعلامية مستقلة لم تعد موجودة الآن في هذا الشأن: “ساحة الدار البيضاء تغلي. ففي شركات البورصة، انخفضت طلبات البيع والشراء. كما أن سهم مجموعة الضحى تجاوز الـ2000 درهم، وهذا بفضل توقيع المجموعة على مذكرتي استثمار مع الدولة”.

رسم تخطيطي لعقارات مجموعة الضحى بالمغرب
رسم تخطيطي لعقارات مجموعة الضحى بالمغرب

وبحسب الصحيفة، لسائل أن يسأل، هل كان هناك أي مستثمرين على علم بالتوقيع القادم؟ في هذا الصدد كتبت صحيفة The Weekly Journal: “إذا لم يكن التداول من الداخل، فيبدو أن هناك خطب ما، لانه سرعان ما تم دفن القضية من قبل الشرطي البورصة المغربية أ, ما يعرف باسم مجلس أخلاقيات القيم المنقولة، حيث  تم استبداله منذ ذلك الحين بهيئة السوق المالية المغربية. لذلك من الضروري البحث بعمق للعثور على آثار بداية التحقيق.

ولكن من خلال دراسة التقرير السنوي لديوان المحاسبة لعام 2010، صادفنا انتقادًا للمحكمة المذكورة فيما يتعلق بآلية مجلس أخلاقيات القيم المنقولة. كان من شأن هذا أن يصنف بعض القضايا بأنها لا تحتوي على تحقيق شامل، وهي بعض الملفات المتعلقة بجرائم البورصة المحتملة. تلك المتعلقة بـ “قضية AD”، على سبيل المثال أو ما يُعرف بمجموعة الضحى. وبحسب قاضي الصلح بالمحكمة: لا نُظهر الأسماء في التقارير، لكننا نشير إلى المنظمة والسنوات. ومن خلال توخي الحذر، يمكننا الوصول إلى المتضررين.

أصدقاء الملك في ورطة

فتحت مجلس أخلاقيات القيم المنقولة ( CDVM) تحقيقًا. ولكن وفقًا للمحكمة، كان لهذا التحقيق شرف “المعاملة الخاصة”: لم تتم مناقشة القضية مع مجلس إدارة CDVM وقرر المدير العام لـ CDVM في 26 سبتمبر 2008، تصنيفها دون تحديد الأسباب. ثم اتصلنا بـدنيا طارجي، المدير العام لمركز CDVM وقت الأحداث ورفضت طلبنا لإجراء مقابلة  مشيرة إلى واجبها في الحفاظ على السرية. ومع ذلك، كتبت المحكمة أن خمسة أفراد تم تغيير أسمائهم، كانوا بالفعل يشتبه في قيامهم بالتداول من الداخل.

وفي الواقع، نظر مجلس أخلاقيات القيم المنقولة إلى الأشخاص الذين تربطهم صلة عائلية بالقادة أو يعملون مع الشركة الذين كانوا سيحققون مكاسب رأسمالية كبيرة تصل إلى ملايين الدراهم. وقدمت لهم ما يقرب من 200 مليون، و 2 و6 و11 و29 مليون تم تقديمها لآخرين.

يقول الصحفي المغربي أبو بكر جاما، مؤسس جريدة ويكلي جورنال، وهو في المنفى منذ عام 2007، وأستاذ العلاقات الدولية في معهد الجامعة الأمريكية في أكس في بروفانس: “لن تجد أبدًا هوية أولئك الذين حققت معهم لجنة CDVM”. بسبب القمع الذي يتعرض له الصحفيون والمبلغون والمعارضون في المغرب، فإن القلة من الأشخاص المستعدين للتحدث علانية بشأن هذه القضية القديمة، كما لا يفعلون ذلك إلا بشرط عدم الكشف عن هويتهم.

في تقرير لمجلس CDVM، تمت الإشارة فقط إلى موظفي الضحى أو أقارب السيد الصفريوي. ومع ذلك، وفقًا للسيد جاما، “كان هذا يخص بشكل أساسي حاشية الملك”. ويضيف هناك شخص آخر من العائلة المالكة: “في البداية، اشترى أقارب الملك الضحى، ثم صدرت هذه المراسيم التي قضت ببناء شاطئ الأمم وحديقة الحيوانات…”.

من جانبه، أعلن نور الدين الأيوبي، مدير عام الضحى، “هذه الأرض حصلنا عليها بـ 50 درهم للمتر المربع  أي 225 مليون درهم”.  وعلى موقعه، عرض الأراضي للبيع قطعًا بقيمة 350 يورو للمتر المربع، أي 70 مرة ضعف المبلغ الممنوح للسكان؛ قيمة مضافة هائلة، حتى مع الأخذ بعين الاعتبار العمل المنجز في الموقع.

ومن سخرية التاريخ، هذا المشروع لم ينته بعد، من جهته قال ميشال الفرنسي وصاحب فيلا منذ عام 2012: “كثير من الناس اشترو المنازل ولكنهم لا يعيشون في الموقع، يأتونها في الصيف أو يستأجرونها في العطل. كما أنه ممنوع إنشاء أعمال تجارية، ولا يوجد سوى محل بقالة صغير. نحن بعيدون جدًا عن الهدف الأولي للسكن في مثل هذا المكان، ولقد كانت رؤيتهم الاستشرافية للمنطقة معاكسة لما يوجد على أرض الواقع”.

“الإخوة زعيتر” وعلاقتهم بـ محمد السادس.. رجال عصابات أصبحوا قنابل موقوته تنذر بانفجار!

 

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.