تحليل: تصعيد المقاومة في الضفة .. جيل جديد فقد الثقة بأي مسار سياسي وبات يحتضن السلاح

وطن/الأناضول- يقول خبراء فلسطينيون، إنّ تصاعد المقاومة بالضفة الغربية خلال الأسابيع الأخيرة، مؤشر على إمكانية اندلاع مواجهة جديدة بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

وأوضح الخبراء في أحاديث منفصلة مع وكالة الأناضول، أنّ الجيل الجديد فقد الثقة بأي مسار سياسي، وبات يحتضن المقاومة المسلحة.

ومؤخّراً، نفّذَ الجيش الإسرائيلي عمليات اعتقال فلسطينيين في نابلس (شمال)، وفي بلدة سلواد شرقي رام الله (وسط)، وسط اشتباكات مسلحة، ومواجهات مع مئات الفلسطينيين.

ووفق مصادر إسرائيلية، أُصيب مستوطنان إسرائيليان، في 30 أغسطس/آب المنصرم، أحدهما بجراح خطيرة، بعد إطلاق النار عليهما بمنطقة نابلس بعد محاولتهما التسلل لموقع “قبر يوسف”.

وبعد ساعات من العملية حاصر الجيش الإسرائيلي منزلاً في بلدة “روجيب” القريبة من موقع الحادث، واعتقل 3 فلسطينيين بعد اشتباك مسلح.

ومنذ بداية العام الجاري، ينفّذ الجيش الإسرائيلي سلسلة عمليات تركزت في مدن نابلس وجنين وطوباس، قتل خلالها عدداً من الفلسطينيين، واعتقل آخرين.

جيش الاحتلال ينفذ مداهمات في الضفة
جيش الاحتلال ينفذ مداهمات في الضفة

وتعرّض الجيش الإسرائيلي في تلك العمليات لإطلاق نار من قبل مسلحين فلسطينيين، وواجَه مئات الفلسطينيين الذين رشقوا آلياته بالحجارة والعبوات الحارقة.

قلق إسرائيلي

المحلّل العسكري لصحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، رون بن يشاي، قال إن “موضوعاً واحداً الآن يشغل الجيش الإسرائيلي، وجهاز الشاباك (الأمن العام) أكثر من الاتفاق النووي الإيراني، وحتى أكثر من تحذيرات أمين عام حزب الله اللبناني حسن نصر الله”.

ونقل الصحفي عن مصدر أمني رفيع، قولَه: “نلاحظ أن حالة الغليان تتزايد في الضفة الغربية خاصة في شمالها، والتي قد تتطور وتتحول لانتفاضة شعبية عنيفة، وعلى المؤسسة الأمنية أن تستعد لمثل هذه التطورات، ومحاولة منعها”.

الضفة.. ساحة متفجرة

محمد أبو علان، الخبير الفلسطيني والمختص بالشأن الإسرائيلي، قال إن “مشهد تطور المقاومة وخاصة المسلحة في الضفة الغربية، يتصدر المشهد الإسرائيلي بحسب ما تنقله وسائل إعلام إسرائيلية”.

وأضاف في حديث للأناضول، أن “مستويات أمنية إسرائيلية ترى في الضفة الغربية وخاصة شمالها بالساحة المتفجرة والأكثر قلقاً”.

وأردف: “المؤشرات تشير إلى أن إسرائيل ستطلب من دول عربية الضغط على الفلسطينيين لمنع حالة التصعيد، خاصة أن القراءة الإسرائيلية ترى أن الضفة ستشهد موجة من الاحتجاجات والمواجهات مع الجيش”.

وأرجع ذلك إلى أن “الجيل الفلسطيني الجديد لا يخشى قوة إسرائيل، ولم يعش الانتفاضة الفلسطينية الأولى ولا الثانية”.

عرين الأسود
عرين الأسود

وتابع: “تعمل إسرائيل على ردع الفلسطينيين عبر الاعتقالات وخاصة الإدارية (دون محاكمة)”.

واستطرد قائلاً: “هناك ارتفاع في عدد الاعتقالات الإدارية، وهي احترازية تلجأ إليها إسرائيل في محاولة لمنع تنفيذ هجمات”.

وزاد: “تواجه المؤسسة الأمنية تحديّاً في مواجهة العمليات الفلسطينية، كونها غير منظمة، حيث يصعب تتبعها من قبل أجهزة الأمن”.

واستدرك: “في إسرائيل يقولون إن الجيل الجديد فقد الثقة بأي عملية سلام مع إسرائيل، وحتى فقد ثقته في المستوى السياسي الفلسطيني”.

نقطة ضعف إسرائيل

يرى بلال الشوبكي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة “الخليل”، أن “التقديرات الأمنية الإسرائيلية بأن الضفة الغربية هي النقطة الأضعف لإسرائيل أمنياً، بحكم أنه ليس من السهل السيطرة عليها في حال اندلاع انتفاضة”.

وتابع للأناضول، أن “السبب يعود إلى الاحتكاك المباشر مع الوجود الإسرائيلي بحكم وجود المستوطنين والنقاط العسكرية وما إلى ذلك”.

مقاتلو القسام في جنين
مقاتلو القسام في جنين

وأردف: “أيضاً من الواضح أن سياسية الترويض الاقتصادي التي مورست على مدار سنوات ماضية لم تُؤتِ أُكلَها، وباتت صور الفشل تظهر في أكثر من بقعة وتحديداً في شمال الضفة”.

وزاد: “إسرائيل ترى خطورة كبيرة في شكل المقاومة الفلسطينية والتي لا تبدو في صورة منظمة يمكن تتبعها، وبالتالي التحدي الأكبر لسلطات الاحتلال كيفية تتبع الأعمال في ظل عدم وجود سلسلة تنظيمية يمكن من خلالها التقليل من الهجمات وإحباطها”.

واعتبر أن “حالة الانتفاض بالضفة، والتي قد تصل إلى مواجهة أكبر تشكل عقبة في تنفيذ المخطط الإسرائيلي اليمني الذي يرى في الضفة الغربية جزءاً من إسرائيل، وامتداداً طبيعياً له وغير معني من الانسحاب منها”.

ولفت إلى أن “المستوى الأمني الإسرائيلي يتخوّف من حالة التعاطف الشعبي مع المقاومة الفلسطينية، على حساب مسار التسوية السياسية”.​​​​​​​

دوافع للعمل المسلح

يرى مدير مركز “يبوس” للدراسات السياسية (خاص)، سليمان بشارات، أن هناك مجموعة دوافع تشير إلى إمكانية تحول الضفة الغربية إلى ساحة مقاومة مجدداً.

مقاومون في نابلس
مقاومون في نابلس

وأوضح أن أبرزها “غياب الأفق السياسي الذي يقوم على منح الفلسطينيين حقوقهم، وبالتالي لم يعد هناك أمل شعبي بهذه المرحلة، وبدأت هذه الحالة تنتقل لصفوف المثقفين والنخب والتنظيمات حتى أبناء حركة (فتح) الذين يؤمنون بمبدأ عملية السلام وينخرطون في السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية”.

وبيّن في حديث للأناضول، أن “الواقع الأمني المتردي، الناجم عن عمليات الاقتحام اليومية للمدن الفلسطينية، وكذلك الحال اقتحامات المستوطنين كما هو الحال في قبر يوسف بنابلس، تخلق حالة تحدٍّ من جانب، ومن جانب آخر خوف دائم يدفع الأجيال الفلسطينية الصغيرة للبحث عن قوة تواجه هذه الانتهاكات”.

وأضاف أن “انغلاق الأفق المستقبلي لدى الشباب الفلسطيني المتمثل في عدم توفر فرص العمل والتعليم والتوظيف، أمر يخلق حالة اجتماعية مركبة يمكن أن تعزز البيئة الدافعة لتفريغ الضغط الداخلي الذي يولّده الاحتلال”.

وذكر أن “الضفة الغربية تحتل أهمية كبيرة ضمن المعادلة الأمنية لدى السلطات الإسرائيلية نتاج مجموعة من المحددات”.

ولفت إلى أن أول تلك المحدّدات “التركيبية الجغرافية المتداخلة مع الوجود الإسرائيلي تحديداً المستوطنات المنتشرة على امتداد الضفة، والأمر الثاني المستقبل التوسعي الديموغرافي لإسرائيل حيث تعتبر الضفة الغربية إحدى منافذه”.

وأوضح أن المحدد الثالث هو “التماس المباشر مع المدن الإسرائيلية المركزية مع الضفة وإمكانية أن ينتقل أي عمل مقاوم منظم لداخل هذه المدن وبالتالي العودة لأحداث الانتفاضتين الأولى والثانية”.

وأشار بشارات إلى أن المحدد الرابع يتمثل في “إعادة مفهوم المقاومة المسلحة من مسلحة فردية مقتصرة على مجموعات إلى عمل منظم تنخرط به شرائح وتنظيمات تمّ تحييدها عنه منذ قرابة 17 عاماً”.

قد يهمك أيضاً

تعليقات

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

تابعنا

الأحدث