الرئيسية » الهدهد » لماذا تكتسب الأحداث في تونس أهمية كبيرة؟

لماذا تكتسب الأحداث في تونس أهمية كبيرة؟

وطن- وقف الغرب صامتًا في الغالب بعد انتزاع رئيس تونس قيس سعيد للسلطة في انقلابه الأخير، ولكن للغرب مصلحة راسخة في ضمان الحفاظ على الديناميكية الدقيقة بين الإسلام السياسي والديمقراطية.

تحت هذه المقدمة نشر موقع “ميدل إيست آي” البريطاني، مقالاً للكاتب ماركو كارنيلوس الدبلوماسي الإيطالي السابق ومبعوث بلاده للسلام في سوريا والشرق الأوسط، تحدث فيه عن ما يجري في تونس.

ويقول الكاتب إن أحداث تونس تبدو اليوم أقل اهتماماً من قبل المجتمع الدولي، ولكنها لم تكن كذلك قبل عقد من الزمان بسبب أحداث ما يعرف بالربيع العربي.

ويضيف الكاتب كارنيلوس ” لقد زلزلت الثورة الشعبية المضادة الشرق الأوسط فثورة تونس ضد زين العابدين بن علي كانت بسبب الفقر  وغياب العدالة الاجتماعية والإحباط لدي فئة الشباب وضعف الحكومة فكانت النتيجة طرد الرئيس زين العابدين بن علي من الحكم، ولسوء الحظ فإن الانتقال السلمي للسلطة  في تونس أعقبه ثورات دموية في بلدان عربية أخرى كمصر و سوريا ،ليبيا، واليمن الثلاث دول الأخيرة اندلعت فيها الحروب الأهلية وكانت فتورتها مرتفعة من المدنيين “.

لبنان وتونس من أرقى المجتمعات

أما ما يخص لبنان و تونس- يقول الكاتب- فهما من أرقى  المجتمعات المدنية رقيا بين الدول العربية مما يساعدنا في فهم عملية الانتقال السلمي للسلطة في تونس عبر صناديق الاقتراع و دور حركة الإخوان المسلمين  ممثلة بحزب النهضة، الامر الذي كان له في عملية الانتقال السلمي الدور الكبير.

تونس الآن على مفارق طرق

من أوروبا وشمال أفريقيا و شرق المتوسط إن موقعها المتميز يساعدها لمراقبة التمرد عند جارتها ليبيا وتعاير من مكانها المجموعات المتنافسة ما بين الإسلام السياسي  و الديمقراطية.

وكانت تونس تبدو  كقصة فريدة لنجاح الربيع العربي فيها أما  الآن فقد تغير كل شيء بحلول شهر يوليو، فقد قام سعيد بانقلاب  داخلي حل خلاله البرلمان و فرض قوانين صارمة و استثنائية بعد شهور على خلفية ازدياد التوتر الشعبي بما يخص الوضع الاقتصادي وعدم رضا الشارع عن حكومة هشام مشيشي وعن رئيس البرلمان راشد الغنوشي رئيس حزب النهضة.

التوتر الداخلي في تونس

وقد برر قيس سعيد ، أستاذ القانون الدستوري ، قراره بالاستناد إلى المادة 80 من الدستور التونسي المعتمد عام 2014، لكن يبدو أن تفسيره وتطبيقه لتلك المادة قد ذهب بعيدًا ، في رأي العديد من  خبراء القانون التونسيين يتجاوز القصد الأصلي .

في هذه الأثناء كان التوتر الداخلي يزداد والانقلابيون لم يبدوا اي إشارة لإخمادها وقد ساعدهم في ذلك الوضع القائم في البلاد من تفشي وباء كورونا والانهيار الاقتصادي في ظل حكومة ضعيفة وانتشار الفساد إلى تفاقم الأزمة، وبقي سعيد و مؤيديه في السلطة.

لقد وقعت صدامات بين الرئيس والمعارضين لقراراته فلم تقدر المعارضة على أن تسامحه عن تصريحاته النارية ولا قراراته المستفزة كتمديد إجراءات الطوارئ اللامحدودة .

بالمقابل قدم الرئيس قيس سعيد حلولا لتخفيف التوتر القائم فقام بتعليق العمل بالدستور والدعوة إلى استفتاء شعبي لتعديل النظام السياسي.

وبالرغم من كل هذا فإن المجتمع الدولي والغرب على وجه الخصوص بما يدعيه من قيم لم يستطع الا تقديم الكلمات والتصريحات الفاترة بل حتى الصمت المطبق.

ويشير الكاتب إلى أن تطور الأحداث الحاصلة في تونس هي نتيجة الانحطاط السياسي على المدى الطويل وإنقسامات العالم العربي بسبب ما يسمى الإسلام السياسي.

هذه الانقسامات يقول الدبلوماسي الشهير ممثلة ب تركيا وقطر التي يراها البعض انها تدعم الإخوان المسلمين وتعارضهم بشدة دول مثل الإمارات والسعودية ومصر وأن المواجهات الدائرة في الصراع الليبي هي نتيجة هذا الانقسام.

وبمعنى آخر فإن آخر فقرة ممكنة لتسوية الحسابات كما حصل في مصر والذي لقي قبولا دوليا بالانقلاب عام 2013 وبعزل الرئيس المنتخب محمد مرسي أو بعبارة أخرى الإخوان المسلمين

سياسة الإلتفافات

ربما نشهد نحن قريبا في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سياسات التفافيه رئيسيه بعد انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من أفغانستان وسقوط كابول بيد طالبان الامر الذي سيؤدي إلى زلزال في المنطقة كلها.

ولكن بصرف النظر عن المناقشات الدستورية وردة الفعل الضعيفة على الانقلاب في تونس، وكذلك طبيعة المنطقة فإن تونس تتطلب منا اهتماما كبيرا خاصة وأننا نشهد فصلا جديدا من الفاشستية في المنطقة إلا أن التاريخ الحديث يعلمنا ان مثل هذه الأحداث ستؤدي إلى الإنفجار ولن تكون مفيدة لإدارة الأزمات.

إن إدراكنا أن المجتمع الدولي غير قادر وأن هناك غموض في ادائه بالتعامل مع انتشار الوباء بشكل واسع، وغيوم تعصف بالتضخم الاقتصادي والديون المتراكمة كلها مجتمعة في الأفق.

ويُعد حل الأزمة التونسية شرطًا أساسيًا مسبقًا للتعامل بشكل أفضل مع الوضع الصعب في ليبيا والوضع الأمني ​​الأوسع الذي يهدد منطقة الساحل ككل.

لذلك ، يجب على الاتحاد الأوروبي تحديد تهديداته الخارجية الرئيسية ، بدءًا من أولئك القريبين من الوطن جغرافياً – بشكل أساسي الجناحين الجنوبي والشرقي للاتحاد الأوروبي.

أخيرًا ، لدى الاتحاد الأوروبي ، مع تعداده الكبير من المسلمين ، مصلحة راسخة في ضمان أن الديناميكية الدقيقة بين الإسلام السياسي والديمقراطية على النمط الغربي تعزز نفسها من خلال صناديق الاقتراع بدلاً من الانقلابات العسكرية.

تونس  في نهاية المطاف ، تقدم هذه الفرصة المزدوجة، بالنسبة للاتحاد الأوروبي ، فإن ما يحدث هناك مهم أكثر بكثير من أي استراتيجية بين منطقة المحيطين الهندي والهادئ.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.