الرئيسية » تحرر الكلام » لماذا الخوف من النظام الرئاسي؟

لماذا الخوف من النظام الرئاسي؟

وطن- لماذا يخاف الشعب التونسي من النظام الرئاسي؟ لأن ابن علي وبورقيبة حكمَا البلاد بالنار والحديد عبر هذا النظام السياسي؟

أَيْ أخي، “هولوند” “وساركوزي” “وماكرون” وغيرهم حكموا في نظام شبه رئاسي وأتوا بالديمقراطية ورحلوا بها!

خمسة وأربعون رئيسا في أميركا حكموا عبر نظام شبه رئاسي ولم يتجنّى رئيس على من خلفه.

الرئيس “آلاسان واتارا” رئيس البلاد اللي أعيش بها، والتي تُدار بنظام سياسي رئاسيّ بحت، أنشأ حزبا موحّدا وقام بمصالحة شاملة، حتى مع الذين بلغ بهم الأمر إلى أن خربوا قبر أمه وأخرجوها من هجعتها الطويلة من خصومه السياسيين (الوحوش منهم طبعا)، أتى بالديمقراطية، وحاز على ثلثَي البرلمان في نظام رئاسي عيّن فيه وزيرا أوّلَ وأمسك بالسلطة التنفيذية بيد واحدة (خارجية دفاع داخلية تعليم تربية إلخ إلخ)، وكل وزير يخطأ أو يتراخى أو يتلكّؤ يصدر في شأنه أمرا يرفعه إلى وزيره الأول بعزله!

كل الوزراء يهابون زَأْرَةَ “واتارا” لأنهم يعلمون أنه رئيس صارم لا تلين له قناة.

مع كل يوم تحصل ساحل العاج على قروض ومنح وعقود مشاريع، الحكومة حققت 2,2 نسبة نمو في زمن الكورونا الذي لم يبقِ إلا على الحجر.

في بداية السنة الراهنة حصلت ساحل العاج على تصنيف ائتماني من مؤسسات دولية يعتد بها مثل poor and standard ” AAA+  بآفاق مستقرة”.

عبر النظام الرئاسي وفي مناخ متروك للمعارضة لكي تنشط بكل حرية بجرائدها وقنواتها، إستطاع “واتارا” خفض نسبة الفقراء من 55% عام 2011 إلى 39% عام 2019، ولن تنهي مدته إلا وقد ترك نسبة 25% من العائشين تحت خط الفقر حسب ما جاءت به وعوده الأخيرة خلال افتتاح اللجنة المحلية للإستراتيجية الوطنية 2020-2023 التي رسمها، ونعتقد جازمين بأن الوتيرة التي تسير عليها ساحل العاج سوف تقضي على نسبة أكبر من الفقراء مقارنة بالمعلن عنه.

الثورة التونسية والنظام السياسي

تعالوا نرى الآن كيف قضى التونسيون عشر سنوات من الثورة بالنظام السياسي الذي يدافع عنه أهل “الشرعية” هذه الأيام

الوزير الفلاني يناطح رئيس الحكومة (المسؤول عنه مباشرة) ويدخل معه في معارك كسر عظم، رغم السلطة التي لدى الثاني على الأول، ولا غرو في ذلك مادام مقربا من زعيم حركة النهضة وحزامها البرلماني ومادام قد عُيّنَ بتعليمات من “شيخ التكتيك” راشد الغنوشي.

نعرفُ معتمدا (مسؤولا على مقاطعة تتبع محافظة) كان معيّنا في إحدى معتمديات البلاد لم يحصل على ثانوية عامة، لأنه صديق  لأحد “مهندسي السياسة الكبار” أيام التوافق المغشوش بين نداء تونس وحركة النهضة وأيام “طارت تونس بجناحين”، فقط لأنه عمل بكد الكادحين في انتخابات 2014، كافؤوه في اطار المحاصصة الحزبية التي شلت دواليب الدولة التونسية على امتداد هذه الفترة من عمر البلاد!!

في عشر سنوات سقطت نسبة النمو في تونس من 3,2 % عام 2012 إلى -8% في 2021.

البنك المركزي سوف يبدأ في طباعة الأوراق المالية التي لا تملك تونس قيمتها من الذهب، يعني ورقة لا تضاهي شيئا سوف تنطلق في الإنتشار في السوق التونسية!

سلطة مقسمة بين زمرة من القردة والأنعام لا يعنيهم سوى ما يجنونه في سلتهم من البيض، الجثث ملقاة على جنبات الطريق جراء الكوفيد 19 وسياسيونا يناقشون في وصلات ردحهم البرلمانية إمكانية الإنتقال إلى حكومة سياسية بوصف أن القانون يسمح للحائز على الأغلبية بتشكيل حكومة تمثل كثرته في مجلس الشعب.

النائبة (صفة ووصفا) عبير موسي لم تخرج بعد من لحاف أبطال روتانا سينما ووراءها قطيعها يهتف أن “واصلي يا منقذة” والنائب سيف مخلوف “يرشرشها بماء زمزم” حتى تنزل علينا بركات “سيدنا حوس” كما نزلت علينا من قبلها بركات “الشيخ العزام”، كل هذا وأحد زملائه يمرر المشهد مباشرة على صفحة كتلتهم الرسمية في مشهد يبعث على الغثيان أو يحيلنا في هزله الجاد إلى أبيات الشاعر “مظفر النوّاب” شفاه الله: “معزة على غنم.. مضرطة لها نَغَم”، أو بيت الشاعر التونسي الساخر الحزين “المنصف المزغني” حين ما قال “علّوش في البرلمان”.

ولا يعرف قصة “العلوش” إلا نائبة الصراخ الدائم “سامية عبو” أو البكاء الدائم “المنجي الرحوي”، أو كما وصفه الكاتب التونسي المعروف “عادل بن عبد الله” “المنجي الرخوي قيْءُ اليسار الثقافي التونسي”.

مجلس نيابي ينظر رئيسه “شيخ التوافقات المغشوشة والنتوءات الفاسدة” إلى وصلات ردح هؤلاء من تحت نظارته بصمت العاجزين الخائفين على كرسي القيصر الذي يجلسون عليه، بينما يقضي رئيس الحكومة المحمي من الحزام البرلماني بقيادة الشيخ “الويكند” في أحد نزل جهة الحمامات السياحية، مرتديا قميص Tommy hilfiger في الوقت الذي يرفل فيه الشعب في الجحيم ملتزما بالحظر الشامل الذي فرضه سيادته، سادرا إلى حليفه الثاني في الحزام البرلماني، رجل الأعمال الفاسد نبيل القروي الذي اعتمد على “لوبييست” إسرائيلي في حملته للإنتخابات الرئاسية بـ1 مليون دولار، والذي أوقف مؤخرا يشق الحدود الجزائرية التونسية خلسة فارا من العدالة.

أقول على نفسي وديني: أبول وأسكر على هذه الشرعية، تونس ليست بلادا تتناطح فيها أضاحي العيد أو تتحكم في مصيرها مجموعة من الأنعام تنفذ أمر المانح الدولي عن يد وهي صاغرة.

النظام الرئاسي في تونس

تونس تستأهل نظاما رئاسيا يجمع السلطات ويكون بمستشارين، يحافظ على الحقوق ويحفظ الحريات وإن لم يجعل لذلك سبيلا سوف لن يجد إلا النار مصبوبة، سيُجابه بسيل هادر من المدنيين في الشارع، والشارع له على أهبة الإستعداد، والرئيس قيس سعيّد يعلم علم اليقين أن منطق الدكتاتورية الذي استحكم في البلاد 53 سنة لم ينفع مع التونسيين تماما كعلمه بأننا لن نقبل بالعودة إلى وراء ولو ذُبحنا على حجر.

عشرُ سنوات قوّضت الدولة التونسية بالنظام البرلماني، فلتسقط شرعية التجويع والترويع، حان وقت التغيير وكفى لعبا.. كفى لعبا فإن البلاد مريضة وليس بشرب الماء تنطفئ الحُمّى.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.