الرئيسية » الهدهد » “AUKUS” هل هو اتفاق يتجاوز التعاون الأمني وما هي تداعياته على دول الخليج؟

“AUKUS” هل هو اتفاق يتجاوز التعاون الأمني وما هي تداعياته على دول الخليج؟

وطن- أثار اتفاق ” AUKUS” الموقع بين بريطانيا وأمريكا وأستراليا، ضجة واسعة، لما ستكون له من عواقب وتداعيات، ستؤثر على العالم وهيكل الناتو بصفة خاصة.

وحسب مجلة “أتلايار” الإسبانية التي تحدثت عن الاتفاقية الجديدة، أشارت في تقريرها إلى الحرب الباردة التي انتهت رسمياً بسقوط جدار برلين في 9 نوفمبر 1989، والتي كانت نقطة تحول مركزية في اختفاء الحاجز غير المرئي، الذي قسم العالم إلى أنظمة رأسمالية وشيوعية.

وخلال ثلاثة وثلاثين عامًا من سقوط الجدار، انبثق نظام الاتحاد الروسي، على أنقاض رماد الاتحاد السوفيتي السابق بمعية فلاديمير بوتين، الذي شدد في خطابه الأول على أن “روسيا تأسست كدولة فائقة المركزية منذ البداية، وهذا متأصل في شفرتنا الجينية وتقاليدنا وعقلية الناس”. وفق ترجمة صحيفة “وطن”.

وهكذا، أصبحت الفرضية القائلة بأن الحرب الباردة، انتهت بسقوط جدار برلين بعيدة أكثر فأكثر عن الواقع، خاصة إذا نظرنا إلى النظام الدولي الحالي.

وفي الواقع، بعد ما يقارب من ثلاثة عقود، تبيّن أن الحرب الباردة مجرد اسم لا أكثر، كما أن  ظهور الصين كممثل رئيسي على منصة القوى العالمية، غير المشهد السياسي وقلب موازين القوى في العالم.

وعلى الرغم من توغل الصين، التي ظلت تنسج بطريقة صامتة ولكنها فعالة، نفوذا وقوة عظيمة في أقاليم عالمية شاسعة كما هو الحال في أفريقيا أو المناطق الآسيوية، إلا أن روسيا، التي كانت تفقد جزءا من نفوذها تدريجيا، ترى في العملاق الآسيوي، فرصة لمواصلة المنافسة للهيمنة على قوى العالم.

وعلى الرغم من أن الصين، أصبحت لأول مرة المنافس الرئيسي للولايات المتحدة، وهي دولة طورت منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، مجموعة من المذاهب والقواعد المتعلقة بالسياسة الخارجية، إلا أن هذا يؤكد أكثر على الوجود الكلي للولايات المتحدة، في أمريكا اللاتينية (قبل الثورات) وأوروبا، وفي الأجزاء الرئيسية جيواستراتيجيا من آسيا.

ومع ذلك، أرادت الولايات المتحدة أن تترك وراءها سياساتها التوسعية للتركيز على “أمريكا أولا” التي استعادها دونالد ترامب، أو هكذا بدا الأمر.

فتح جبهات جديدة من خلال اتفاقية AUKUS

إن أَحدث مثال على التنافس الدائم بين الغرب والشرق، كان توقيع اتفاقية AUKUS، وهي اتفاقية تاريخية جمعت بين أستراليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، للحفاظ على نسيج التسوية والردع في المحيطين الهندي والهادئ. هكذا استعاد بايدن، عن غير قصد تقريبا مصطلح “الردع”، الذي صيغ في سياق الحرب الباردة ، لتأطير صراع موجود ولم ينتهِ بعد.

الهدف من الردع، هو تهديد الخصم بطريقة غير مباشرة، حتى لا يفكر في شن  نزاع،  وبالتالي ستستمر هذه الاستراتيجية في العديد من المجالات، ولا سيما تلك المتعلقة بالأسلحة النووية.

في سياق متصل، تلتزم اتفاقية “AUKUS”، بتزويد الولايات المتحدة بالتكنولوجيا اللازمة،  لتصنيع وتطوير الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية إلى أستراليا. وهذه هي المرة الأولى منذ عام 1958، التي تقدم فيها الولايات المتحدة هذا النوع من المواد لتَصنيع الغواصات، التي تعمل بالطاقة النووية.

وبهذه الطريقة، ستصبح أستراليا الدولة السابعة التي تمتلك هذا النوع من الأسلحة، بعد الموقعين الأساسيين على الاتفاقية،  فرنسا والصين وروسيا والهند. البلدان التي لا تعتبر صغيرة الحجم، مقارنة بالموقع الجغرافي الذي تحتله أستراليا، التي  يحدها المحيط الهادي من الشرق والمحيط الهندي من الغرب.

وفي إشارة إلى مخاوف الصين الكبيرة، أصدر البيت الأبيض بيانا، قال فيه إن “الجهود التي نبذلها اليوم ستساعد في الحفاظ على السلام والاستقرار في منطقة المحيطين الهندي والهادئ”.

ومع ذلك، فإن هذه الاتفاقية لم تسبب فقط غضب الصين، وهي واحدة من أكثر الدول تضررا،  بل تأثرت فرنسا أيضا، وهي دولة أبرمت اتفاقا مع أستراليا لبيع 12 غواصة تعمل بالدفع النووي، بقيمة 50 ألف  مليون يورو، تأثرا مباشرا بالعملية الجديدة.

وعلى الرغم من أن اتفاقية AUKUS، ظهرت منذ  بضعة أيام، إلا أن الاتفاقيات من هذا النوع أقدم بكثير، وبعد أن كانت فرنسا العملاقة في مجال بيع الغواصات لعقود من خلال الشركة الفرنسية Naval، أصبحت مجموعة بـ Lockheed Martin، البديل بعد هذا الاتفاق والشركة المسؤولة عن تصنيع وبيع السفن.

وبعد تصريح وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان بشأن الاتفاقية، بأنه “قرارًا أحاديًا ووحشيًا لا يمكن التنبؤ به، كما أنه مشابه جدًا لما فعله ترامب”، ظل إيمانويل ماكرون في صمت دبلوماسي استمر 24 ساعة، ثم تقرّر بعد ذلك، إجراء مشاورات مع سفرائها في الولايات المتحدة وأستراليا بشأن هذا “الاتفاق الخطير”، حسب تعبيرهم.

وفي الحقيقة، إن دعوة دولة ما إلى التشاور مع سفرائها، هي الخطوة السابقة لقطع العلاقات رسميا، وقد لمحت فرنسا نوعا ما بهذا القرار. من ناحية أخرى، انضم الاتحاد الأوروبي إلى شكوك فرنسا، والذي تبين  بالفعل بعد تصريحات جوزيف بوريل بشأن هذه الاتفاقية.  بيانات  توضح الدور المحدود، الذي يلعبه الاتحاد الأوروبي في أي مجال من مجالات السياسة الخارجية.

إمكانية تعاون أوروبي خليجي

تسبب ميثاق AUKUS في ضجة عالمية، لأنه يعدّ أكثر بكثير من مجرد اتفاقية، إنه إعلان وتمثيل كامل لكيفية تنظيم النظام العالمي.

وبهذه الطريقة، صدرت أيضًا ردود فعل من دول الخليج والشرق الأوسط، اهتزت مؤخرًا بانسحاب القوات الدولية من أراضيها. بالإضافة إلى ذلك، تحتفظ منطقة الخليج بمناخ متوتر بسبب تهديد إيران، الخصم الواضح للولايات المتحدة، مما يعني أن للاتفاقية تأثير، على توجه الإستراتيجية الأمريكية في المنطقة.

أكد مراقبون دوليون بالفعل أن فرنسا ستكتشف، مثل دول الخليج العربية تماما، أن الولايات المتحدة، بغض النظر عن الرئيس الحالي، أنها “لا تمنح الأولوية إلا لمصالحها سواء أخذت في الاعتبار مصالح حلفائها أم لا “. بالإضافة إلى ذلك، أشاروا إلى أن فرنسا كانت ستكتشف بذلك أن “الإدارة الأمريكية الجديدة تستهدف مصالحها وأن التعامل في مجال تصنيع الغواصات ليس سوى واجهة لمعارك نفوذ أخرى، خاصة في القارة الأفريقية”.

وبهذا المعنى، يمكن أن تفترض الجامعة دعم جهود دول الخليج لمواصلة بناء تحالفات مع أوروبا، وبنفس الطريقة، يمكن للخليج أن يحقق مناخًا من المصلحة المشتركة يوازن بين “الأمن والاقتصاد” في المنطقة.

عدم الثقة في الغرب

من جانبه، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية، نيد برايس، في بيان رسمي لمواجهة ردود فعل فرنسا حول هذه الاتفاقية، حيث أرادت الولايات المتحدة طمأنة فرنسا، إنّ “فرنسا شريك حيوي وحليف قديم”.

ومع ذلك، فإن هذه الكلمات المطمئنة، لا تكفي لباريس. وبحسب لودريانو، لم تكن هناك دعوة للتشاور مع السفراء الإنجليز، وأكد في هذا السياق، “لسنا بحاجة للتشاور مع سفيرنا (البريطاني) لمعرفة ما يجب القيام به أو استخلاص النتائج”. في المقابل، أبدت كانبيرا، أسفها  بسبب قرار فرنسا باستدعاء سفرائها، التي تعتبرها أفضل بلد في العالم على صعيد العلاقات الدبلوماسية.

إلى جانب ذلك، ذكرت فرنسا في بيان أن “إلغاء المشروع والإعلان عن شراكة جديدة مع الولايات المتحدة، بشأن إمكانية التعاون المستقبلي، في مجال تصنيع الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية، يشكل سلوكًا غير مقبول بين الحلفاء والشركاء”. وأضافت أن تداعيات الاتفاقية “تؤثر بشكل مباشر على رؤيتنا لتَحالفاتنا وشرَاكاتنا  وأهمية منطقة المحيطين الهندي والهادئ لأوروبا”.

ختاما، قامت إتفاقية “AUKUS”، بالقطع مع الهيكل الحالي للعلاقات، لخلق المزيد من المنافسات والجبهات المفتوحة. كما أن هذه الاتفاقية الجديدة، برهنت للعالم مرة أخرى أنه بغض النظر عن الحلفاء والقوى العالمية، يوجد في النهاية زعيم واحد هو الذي يقود العالم.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.