الرئيسية » الهدهد » المكان الدوحة والزمان عام 2013.. بداية التحول الجذري في مسار الأحداث الأفغانية والقصة من أولها

المكان الدوحة والزمان عام 2013.. بداية التحول الجذري في مسار الأحداث الأفغانية والقصة من أولها

وطن- كان لقطر الدور الأساسي والبارز في رسم خريطة السياسة على الساحة الأفغانية بشكلها الحالي، وكانت البداية في العام 2013 عندما قدم معممّون إلى الدوحة وتحدثوا أمام الكاميرات في يونيو من هذا العام، حيث كان ذلك بداية تحول جذري في مسار الأحداث الأفغانية.

مكتب طالبان في الدوحة

يومها أعلنت حركة طالبان إقامة مكتب سياسي في واحد من أرقى الأحياء بالدوحة، وأخذت الحكومة القطرية على عاتقها التقريب بين الحركة وواشنطن.

وفي كلمة ألقاها بهذه المناسبة، قال المتحدث باسم الحركة محمد نعيم إن افتتاح المكتب يندرج ضمن مساعي حركة طالبان لإنهاء الاحتلال وإقامة نظام إسلامي في أفغانستان.

ومع أن نعيم كان صريحا في أن طالبان لا تزال متمسكة بالخيار العسكري، فإنه التزم بأن حركته ستسعى لتحقيق أهدافها عبر الحوار مع الأطراف المعنية في الداخل والخارج.

ومن اللحظة الأولى، تنبه المراقبون إلى أن قطر تمتلك الأدوات الدبلوماسية الكفيلة بدفع الطرفين للجلوس على طاولة حتى يوضح كل منهما ما يطلبه من الآخر.

طالبان وأمريكا

وبعد جولات من اللقاءات غير المباشرة، نجحت الدوحة في إقناع حركة طالبان والحكومة الأميركية بالانخراط في لقاءات مباشرة، والدخول في مفاوضات جدية، وكان ذلك إنجازا كبيرا للدبلوماسية القطرية.

ولاحقا، أثمرت الجهود الدبلوماسية عن توصل الطرفين إلى اتفاق تاريخي وقعاه في الدوحة في 29 فبراير/شباط 2020.

انسحاب الجيش الأمريكي من أفغانستان

ونص اتفاق الدوحة على اكتمال انسحاب الجيش الأميركي من أفغانستان في 31 أغسطس/أب 2021، مقابل تعهدات من طالبان؛ أبرزها الدخول في مفاوضات سياسية مع حكومة كابل، ومنع أي حركة مسلحة من استغلال الأراضي الأفغانية لشن هجمات على الولايات المتحدة.

وكان اتفاق الدوحة حدثا بارزا على مستوى العالم، إذ حضر توقيعه العديد من وزراء الخارجية، وتصدر تغطية وسائل الإعلام الدولية.

ومع بدء الانسحاب الأميركي تعثرت المفاوضات السياسية بين الفرقاء الأفغان، واستولت طالبان على العديد من المدن الرئيسية في مختلف أنحاء البلاد.

انهيار القوات الأفغانية

وفي 15 أغسطس/آب الماضي، انهارت القوات الأفغانية بالكامل، ودخلت طالبان العاصمة كابل وسيطرت على القصر الرئاسي، في حين فرّ الرئيس أشرف غني وعائلته إلى دولة الإمارات.

ومع تسارع الأحداث وخروج حكومة كابل من اللعبة السياسية، برزت الحاجة مجددا إلى الوسيط القطري؛ فأخذت الدوحة على عاتقها مرة أخرى التقريب بين الغرب وطالبان وتبديد مخاف كل طرف تجاه الآخر.

ومن اللحظة الأولى لانهيار الحكومة الأفغانية، جددت قطر “موقفها الثابت والداعم للشعب الأفغاني وحقه في العيش بكرامة وتحقيق تطلعاته إلى الاستقرار والتنمية والازدهار”.

منبر الدوحة

ومن منبر الدوحة، عملت طالبان على طمأنة الداخل والخارج؛ فأرسلت وفدا لقطر “لإجراء محادثات حول تشكيل حكومة مستقبلية في أفغانستان”.

وجاء في بيان لحركة طالبان أن “الإمارة الإسلامية” شكرت “أمير قطر ووزير الخارجية والقحطاني على جهودهم وتعاونهم السلمي في حل مشاكل البلاد”.

وفي حديث لوكالة الأنباء الفرنسية، قال توبياس بورك الباحث في معهد “رويال يونايتد سيرفيسز” إن قطر “كانت في قلب هذا المسار الدبلوماسي لفترة طويلة، ولم يكن ذلك ممكنا من دون تقارب جيد مع كافة الأطراف”.

ورأى بورك أن “قطر ستبقى في قلب المحادثات السياسية حول أفغانستان”.

مطار كابل

وفي الأول من سبتمبر/أيلول الجاري، أرسلت الدوحة طائرة تقل فريقا من الخبراء لتقييم وإصلاح الأضرار التي لحقت بمطار كابل الدولي والعمل على إعادة تشغيله.

وفي اليوم التالي، وصلت طائرة قطرية ثانية تحمل خبراء فنيين لبحث إعادة تشغيل المطار.

وكشف رئيس هيئة الطيران المدني الأفغاني المولوي رحمة الله كلزار عن أن الفريق الفني القطري الذي وصل البلاد بدأ تقييم الأضرار التي لحقت بمرافق المطار، ووضع خططا لتشغيله قريبا.

وخلال مقابلة مع شبكة “سي إن إن” (CNN) الأميركية، أكدت مساعدة وزير الخارجية القطري أن مهمة الفريق الفني تحظى بدعم من الأطراف الدولية كافة.

وشددت المسؤولة القطرية على ضرورة إجراء حوار بنّاء ومسار لبناء الثقة بين حركة طالبان والمجتمع الدولي، كما دعت الشركاء الدوليين إلى الاستفادة من البراغماتية التي أظهرتها الحركة حتى الآن.

قطر أول وأكبر موقع إجلاء من أفغانستان

وكانت قطر لعبت دورا بارزا في عمليات الإجلاء من كابل مع تدفق عشرات الآلاف إلى المطار إثر سيطرة طالبان على مقاليد الحكم.

وقالت الخارجية الأميركية إن “قطر أول وأكبر موقع إجلاء من أفغانستان، وواحدة من أقرب الحلفاء العسكريين بالمنطقة”.

وأضافت أن “الولايات المتحدة ممتنة لتعاون قطر بشأن أفغانستان ودعمها الذي لا غنى عنه في عملية الإجلاء”.

ومن المقرر أن يزور وزير الخارجية الأميركي برلين والدوحة في وقت لاحق “لإعادة تأكيد التزام واشنطن بعلاقاتها القوية، والتعبير عن امتنانها للتعاون المستمر بشأن الأولويات المشتركة”.

وأوضحت الخارجية الأميركية أن بلينكن سيلتقي في الدوحة أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وكبار المسؤولين، لتقديم الشكر على دعم الدوحة للعبور الآمن للمواطنين الأميركيين والأفغان.

وقال بلينكن إن الفرصة ستتاح له في الدوحة و”رامشتاين”، لتوجيه الشكر للقطريين والألمان وجها لوجه على الدعم المتميز الذي قدموه في عملية الإجلاء من أفغانستان بأمان.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.