الرئيسية » تقارير » مهند بتّار يكتب لـِ”وطن”: أردوغان وكيد الأعراب

مهند بتّار يكتب لـِ”وطن”: أردوغان وكيد الأعراب

لو تعلق الأمر بإنهيار الشيكل الإسرائيلي لما كان من المستغرب أن يهرع البترودولار الأعرابي لإنقاذه، لكن الأمر يتعلق بالليرة التركية، وعليه فقد تجيشت الجيوش الأعرابية وراحت تحارب أردوغان وبلده وشعبه واقتصاده وعملته بكل ما أوتيتْ من شديد الكفر والكيد والكره والحقد والمكر .

 

ودون أن ينتظروا الإشارة الآمرة بالهجوم على أردوغان أو غير أردوغان من سيدهم في البيت الأبيض فإن هؤلاء الأعراب ومن فرط نقاقهم يتبرعون له بخسيس الأفعال وشنيع الأقوال كما لو أنهم يفهمونه (على الطاير) ، فلا يحتاج ترامب لأن يأمرهم: إفعلوا كذا، حتى يفعلون ويزيدون، أو : أحجمو عن هذا، حتى يحجمون ويزيدون، ذلك لأن من طبيعتهم الدونية النفاقية الممسوخة أن يغالون في الإمتثال، ويتسابقون على الإنخذال، إلى جانب عن ذلك وقدر تعلق الحال بكراهيتهم اللامحدودة لتركيا الدولة المسلمة فإنك إن كررتَ إسم أردوغان على مسامع أحدهم ثلاث مرات فستعتريه رعشة حُمّى نفسية تفوق رعشة الحُمّى البدنية، وها هي، قبائح أفعالهم وتصريحاتهم ومقالاتهم وتغريداتهم وتهويشات ذبابهم الإلكتروني بحق تركيا تدلّك على سواد قلوبهم وعفونة عقولهم وخبث سرائرهم، وعندما تفتش عن الأسباب الكامنة وراء هذا الحقد الأعرابي المتأصل على التجربة الأردوغانية فستكتشف التالي:

 

1 ـ أردوغان يقود حزباً إسلاميا معتدلاً (حزب العدالة والتنمية) أوصلته صناديق الإقتراع إلى سدة الحكم في تركيا لأكثر من دورة إنتخابية، ما يعني أن (الإسلام السياسي) يمكنه أن يتسلم زمام الحكم ويتقيد بمبدأ التداول السلمي للسلطة بما يتوافق والتقاليد والقيم والأعراف الديمقراطية العالمية، وهذا بحد ذاته باعث جوهري على الرعب والكراهية لدى أنظمة عربية معروفة تحظر بالمطلق مصطلح (الأحزاب) على مواطنيها، فكيف إذا ما كان هذا الحزب ذو طبيعة إسلامية ؟!. الجواب تعكسه الحملات الهستيرية الهوجاء على التجربة الأردوغانية في دول التمركز الإستبدادي الطاغوتي كإمارات الحكم المشيخي الشمولي وسعودية الحكم الملكي المطلق ومصر الطغمة العسكرتارية التي تصنع الأحزاب الصّورية الكارتونية كما تصنع البيادة لتخلصَ على مقاس أقدامها .

 

2 ـ مع التزامه ببنود الدستور التركي ذي التوجه القومي العلماني فإن حزب العدالة والتنمية يتخذ من العلمانية الديمقراطية سبيلاً طالما كانت هذه العلمانية من العدالة بحيث تحظر تغوّل الدولة على الدين، والعكس صحيح، وهذا الإجتهاد قائم في التجربة الأردوغانية ومعمول به دون إخلال لا بأركان الإسلام الحاكمة ولا بالقواعد العلمانية الناظمة، وتلك معادلة توازنية دقيقة تفتقدها ذات الأنظمة الأعرابية أعلاه لأنها أضاعت المشيتين، فغدت أنظمة مشوهة (بنيوياً) لا تعرف لها رأساً من أرجل، وهائمة (مسلكياً) لا تجد لها في شروحات (فلسفة الحكم) تعريفاً إستدلالياً مؤطراً يرشدك إلى هويتها الشخصية ، بإستثناء ما يفيد بديكتاتوريتها المقيتة ، وهذا بالطبع ما يجعلها تقف على النقيض من التجربة التركية الديمقراطية بوجهها الأردوغاني الكاشف عن عوراتها .

 

3 ـ أردوغان قاد تركيا (اللابترولية) إلى نهضة إقتصادية تصاعدية نقلتها بزمن قياسي من القاع إلى مصاف مجموعة الدول العشرين، فقدّم بذلك للدول العربية والإسلامية، بل لدول العالم الثالث نموذجاً صحياً وصحيحاً وشفافاً للرقي الإقتصادي الواعد، وهو النموذج الذي يفضح عيوب وأمراض وفساد الإقتصاد الريعي ويقترح بديلاً ناجحاً عنه .

 

4 ـ مع أن تركيا عضو في حلف الناتو، إلا أنها تنتهج سياسة مستقلة ونديّة قد تختلف فيها وتتعارض مع سياسات هذا الحلف حيثما تتطلب مصالحها الوطنية، ولقد رأينا ذلك في العديد من المواقف التركية التي تناقضت حتى مع سياسات قائد هذا الحلف (أمريكا) ، وهي ذات أمريكا التي تتبعها دول الخضوع الأعرابي تبعية العبد القانع الطائع الخانع لسيده الآمر الحاكم الناهي .

 

5 ـ عشية التحضير التآمري الرباعي لغزو قطر في حزيران العام المنصرم بادرت تركيا آنذاك إلى التفعيل الآني لإتفاقياتها العسكرية الموقعة مع الدوحة فسارعت إلى إرسال ثلة من جنودها إلى قطر كبرقية إستباقية تحذيرية (كثيفة المعنى وراسخة المبنى، رمزياً ومعنوياً وعملياً) إلى المعنيين بالأمر، وكان من شأن هذا الموقف التركي الحازم أن يشارك بفاعلية مشهودة في إحباط تلك المؤامرة الرباعية الخاسئة .

 

6 ـ بينما تتهم الأنظمة الأعرابية زوراً وبهتاناً تركيا الأردوغانية بالمزايدة في الموقف من القضية الفلسطينية، وبالأخص منها موضوع القدس، فإن ذات الأنظمة إياها تتخاذل حتى عن مجاراة هذا الموقف التركي ولو شكلاً دون المضمون، بل إنها تذهب بدلاً من مباركته إلى الحط من حقيقته كموقف تركي أصيل، لأنه ببساطة يفضح مخازيها القومية، والدوافع وراء ذلك معروفة، وكلها تندرج في إطار الخنوع الأعرابي الطوعي لسيد البيت الأبيض، الصهيوني العقل والقلب .

 

أخيراً ، وإذا أضفنا إلى ما تقدم (بالنظر إلى ما تقدم ) تلك الشعبية الجارفة التي يتمتع بها أردوغان في المحيطين العربي والإسلامي، سنصل إلى أن نعطي الحق لهؤلاء الأعراب في شديد حقدهم عليه .

قد يعجبك أيضاً

رأيان حول “مهند بتّار يكتب لـِ”وطن”: أردوغان وكيد الأعراب”

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.