في هذا الوطن يا ماريا …
علمونا بأن الشعر لا يطعم خبزا ….
بأن الشعراء ليسوا إلا ….
ماسحي أحذية على أبواب الخليفة ….
طفيليات على مائدة الخليفة …
أبواق تجّعر في مدح الخليفة ….
حتى و إن كان قوّادا ….
ما دام بيت المال بين يديه …
فكل شيء مباح …..
حتى النباح ….
في هذا الوطن يا ماريا ….
علمونا بأن القصيدة كي تعيش …
عليها العمل في الدعارة ….
عليها أن تلبس الثياب القصيرة ….
و تتغاوى حتى تظهر عورتها ….
و لا مانع إن رفعت ساقيها ….
( فالغاية يا ماريا تبرر الوسيلة )
و في سبيل المتعة …
كل شيء يهون …..
في هذا الوطن يا ماريا…
علمونا بأنه علينا الخوف من الكلمات …
لأنها مصابة بمرض نقص المناعة المكتسبة …
فأنتجنا أجيالا ….
تمارس الصمت في العلن …
و العادة السرية في عقلها ….
أجيالا …
تثرثر في داخلها …
و حين فاض الزمن …
غرقنا في الثرثرة ….
في هذا الوطن يا ماريا …
علمونا بأن الشاعر الحرّ …
مصيره السجن …
و فقأ العين ….
و قطع اللسان …
لأن القانون يقول :
مسموح لك ممارسة البصر …
و يعاقب بالموت حيا …
كل من مارس البصيرة ….
في هذا الوطن يا ماريا …
أرادوا لنا أن نكون حمقى …
لأن القاعدة تقول …
من عرف خفايا الماضي …
سيعرف المستقبل ….
و صفقنا لهم …
خشية التعب من التفكير …
و بهذا تحولنا يا ماريا …
من أمة تنتج الحضارة ….
إلى قطيع حمير …