الرئيسية » تقارير » صحيفة “لي إيكو” الفرنسية: مصلحة فرنسا في دعم قطر .. السعودية أصبحت عميلاً لا يمكن الوثوق فيه

صحيفة “لي إيكو” الفرنسية: مصلحة فرنسا في دعم قطر .. السعودية أصبحت عميلاً لا يمكن الوثوق فيه

في إطار قراءتها الاقتصادية البحتة، دعت صحيفة “لي إيكو” الفرنسية حكومة بلادها بالوقوف مع قطر في أزمتها مع السعودية والإمارات، مؤكدة أنه إذا وجدت باريس نفسها مخيرة بين الرياض والدوحة فعليها أن تختار الأخيرة، لافتة إلى أنه بالرغم من أن حجم المبادلات الفرنسية مع قطر أقل مقارنة بنظيراتها مع السعودية والإمارات، إلا أن هناك العديد من العوامل الاقتصادية الأخرى التي تدفع بفرنسا للوقوف إلى جانب “الإمارة الصغيرة”، على حد قولها.

 

وقالت الصحيفة إنه بعد مرور شهرين تقريبا من بداية اندلاع الأزمة التي هزت الخليج، تبدو قطر الفائز الأول في حرب الاستنزاف، التي شنتها الجارتان الخليجيتان السعودية والإمارات، موضحة أن خير دليل على ذلك، المؤتمر الذي عقد في البحرين يوم 30 يوليو/ تموز 2017، بحضور السعودية والإمارات ومصر، حيث ألقوا خطابا وجيزا، كانت فيه مطالبهم أقل حدة من ذي قبل.

 

وأكدت الصحيفة على ان دول الحصار أجبرت بعد مرور ثمانية أسابيع من غلق المعابر البرية وفرض العزل الدبلوماسي، على الاعتراف بفوز قطر بالرهان من خلال توظيفها للحلفاء الذين أرادت السعودية إبعادهم، خاصة إيران وتركيا.

 

واشارت الصحيفة إلى ان السعودية قللت من شأن الشبكة الاقتصادية التي بنتها قطر منذ التسعينات، موضحة أن استغلال قطر لأكبر حقل غاز في العالم، واعتمادها لإستراتيجية الاقتصاد المتنوع في بناء علامة قطرية مميزة، جعل من هذه الإمارة شريكا اقتصاديا لا يستهان به لدى الدول الغربية، ومنها فرنسا، الدولة البارزة جدا في هذا التجاذب بين القطبين الخليجيين.

 

وأوضحت الصحيفة أنه من مصلحة فرنسا أن تطلب من الفريقين التخفيف من حدة التوتر، وتثبت نيتها في التفاوض معهما. وليس هذا من فراغ، وإنما سعيا منها للحفاظ على موطئ قدم لها في الشرق الأوسط.

 

واعتبرت الصحيفة أن قطر ليست الشريك الاقتصادي الوحيد لفرنسا في المنطقة ولا حتى الشريك الأول ، إذ بلغت المبادلات الفرنسية مع السعودية 7.9 مليار يورو سنة 2016، ومع الإمارات 4.66 مليار يورو، متجاوزة مبادلاتها مع قطر بملياري يورو، ورغم ذلك لا تعد مسألة تحديد الجهة التي ستساندها فرنسا بالأمر السهل، مؤكدة أنه بعد البحث والتدقيق “تبين لنا أن الوقوف مع قطر سيكون خياراً استراتيجياً هاماً جداً في العلاقة الفرنسية القطرية”.

 

ووفقا لما توصلت إليه الصحيفة، فإن ميزان المبادلات التجارية يشير إلى وجود تحاليل متباينة؛ فالأرقام سلبية من جهة السعودية فقد بلغ العجز التجاري 2.1 مليار يورو سنة 2015، وبلغ السنة الماضية 4 مليارات يورو. ولم يكن ذلك ليحدث إلا بسبب التوجهات التي اتبعتها السعودية بهدف معاقبة إيران، من خلال تخفيض سعر البترول عبر زيادة صادراته وضخ الكثير منه في السوق.

 

أما فيما يتعلق بالإمارات فقد تراجعت الصادرات الفرنسية، للسنة الثانية على التوالي بين 2015 و2016 بنسبة 5.9%، حتى بلغت 3.62 مليار يورو. في المقابل، حافظ الميزان التجاري على مستوى مرتفع بقيمة 2.58 مليار يورو رغم تراجع المبادلات منذ سنتين.

 

من الجانب القطري، يعتبر حجم المبادلات أقل بكثير مقارنة بالدول الخليجية، ولكن تعتمد فرنسا كثيراً على الميزان التجاري الذي يعرف انتعاشة بارزة، إذ بلغ 823 مليون يورو سنة 2014، و2.5 مليار يورو سنة 2015، و1.6 مليار يورو سنة 2016.

 

ويعود سبب هذا التراجع إلى الصفقة القياسية من مبيعات طائرات إيرباص، التي تمت مع شركة الطيران القطرية خلال السنة الماضية 2016 وبالتالي رفعت قيمة الصادرات الفرنسية في ذلك العام.

 

ولفتت الصحيفة إلى أن موقع فرنسا لدى الدول المتصارعة ليس على حد سواء، إذ يمكن ملاحظة أن فرنسا تحتل الموقع العاشر في تصنيف الشركاء التجاريين في السعودية، والمرتبة التاسعة في التصنيف نفسه في الإمارات، في حين تحتل المرتبة السابعة في قطر. لذلك، تعتبر فرنسا شريكاً استراتيجياً لقطر أقرب منه لدى السعودية.

 

في المقابل، تعد فرنسا ثاني أبرز وجهة تجارية لقطر بعد الإمارات. ففي نهاية المطاف، ساهمت الاستراتيجية المتبعة من قبل الأمير السابق لقطر، حمد بن خليفة آل ثاني، في الاستفادة من الموقع الاقتصادي الرائع الذي لم يسبق له مثيل على أرض فرنسا (من خلال ثروته من العقارات) عبر شركاته.

 

ومع ذلك، في حين أن الأرقام قد تشير إلى أنه من مصلحة فرنسا الإبقاء على سوقي السعودية والإمارات مع مواصلة استراتيجية تمدّدها في قطر، يبقى تجميع الحقائق السياسية لإثبات هذا أمراً صعباً.

 

ورأت الصحيفة أن السعودية أصبحت فاعلاً اقتصادياً يصعب توقع تحركاته، خاصة مع تلك المؤشرات الاقتصادية التي تنذر بالخطر بسبب تداعيات تصدير النفط بأسعار منخفضة جداً، ناهيك عن تراجع احتياطيها النقدي بعد الحرب التي شنتها في اليمن. ولا يُنسى قرارها بمحاصرة قطر، الذي لا جدوى منه اقتصادياً وسياسياً؛ لأنه ساهم على الأقل في ميل قطر نحو تركيا وإيران.

 

واعتبرت الصحيفة انه وفقا لهذا السياق، فإن السعودية أصبحت عميلاً غير عاقل بما يفعله، إذ تحاول جاهدة، تحت أثر الهوس الإيراني، مراراً وتكراراً الجمع بين إصلاحاتها الداخلية وسياساتها الخارجية العنيفة، التي تبدو في جميع الأحوال مربكة لشركائها الاقتصاديين الراغبين في الحوار وممارسة التجارة العاقلة.

 

واختتمت الصحيفة أنه لهذه الأسباب، يجب على فرنسا أن تختار شركاءها معتمدة على مقاربة متنوعة في سياستها التجارية الخارجية، وألا تتخلى عن عامل اقتصادي استراتيجي مثل قطر.

قد يعجبك أيضاً

رأي واحد حول “صحيفة “لي إيكو” الفرنسية: مصلحة فرنسا في دعم قطر .. السعودية أصبحت عميلاً لا يمكن الوثوق فيه”

  1. (…و اعتبرت الصحيفة أنه وفقاً لهذا السياق، فإن السعودية أصبحت عميلاً غير عاقل…) !!!.
    – فعلاً ، قراءة “لي زيكو “و هي صحيفة رجال الأعمال الفرنسيين المتنفذين ،فيها كثير من
    المخاوف و الهواجس،إذ ما زالت نظرتهم للسعودية تقليدية، أي سوقاً يمكن النفاذ إليها
    بواسطة الرشوة أو “رجال 5 إلى10% عمولة عن كل صفقة” في السلاح أو التجهيزات أو
    الخدمات.
    لكن حقيقة المخاوف و الهواجس لم يذكروها صراحة…ذلك أن الصين الشعبية أصبح لها
    حضور تجاري و تجهيزي و خدمي قوي،و أصبحت تنافس به الأمريكان و الأنجليز و الفرنسيين
    و غيرهم.
    و السعودية في عهد الملك سلمان و ولي عهده الأمير محمد ما عادت تقنع أن تكون سوقاً
    إستهلاكية مفتوحة على كل من هب و دب و بدون معايير لوجيستية وطنية ،و مواصفات مُحددة لــ”البضاعة”
    تلبي الحاجيات الحالية و مستقبلاً مستلزمات و خطط رؤية عام 2030 الطموحة في تنويع الإقتصاد و بناء قاعدة صناعية و تيكنولوجية و معلوماتية و خدمية مناسبة لهذه الألفية الثالثة….بل و صارت السعودية
    تشترط شروطاً منها مثلاً في إبرام صفقات العتاد و التجهيزات العسكرية ألا تقل نسبة التصنيع
    المحلي في السعودية عن 30 إلى 60 % للمُكوِنات و لقطع غيارها، و أن يتم التصنيع محلياً 100 % للذخائر على إختلاف أنواعها و عيارتها للأسلحة المختلفة ،البرية و البحرية و الجوية.
    – لو كنت محل و في وضعية رجال الأعمال الفرنسيين لغيرت جذرياً النظرة التقليدية لهؤلاء “العربان” !!!…

    رد

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.