الرئيسية » تحرر الكلام » تنصيب “الأصنام” وعودة “الأزلام” يزيدان من أوجاع تونس الجريحة

تنصيب “الأصنام” وعودة “الأزلام” يزيدان من أوجاع تونس الجريحة

وسط أزمة سياسية مستمرّة وانهيارات اقتصادية متواصلة وتدنّ في القدرة الشرائية للمواطن التونسي وتحذيرات متواترة من قبل عدد كبير من المنظمات الحقوقية والشخصيات السياسية من اقتراب تحوّل تونس إلى دولة مافيوزية، قرّر المسؤولون إعادة تنصيب “الأصنام” في عدد من المدن، بدءا بإعادة النصب التذكاري للرئيس الراحل الحبيب بورقيبة إلى مدينة المنستير ثمّ إلى العاصمة تونس وصولا إلى مدينة سوسة الساحلية.

 

انجازات كبيرة تحسب للحكومة التونسية الّتي صرفت مئات الملايين لتنصيب 3 “أصنام” لبورقيبة أول رئيس لتونس بعد الإستقلال، فالوضع الإقتصادي كارثي، والأزمة السياسية التي أسفرت عن إقالة رئيس الحكومة الحبيب الصيد لا يبدو أنها ستنفرج في المستقبل القريب لتواتر الأدلّة على أنّ الأحزاب الكبرى تقتسم الكعكة فيما بينها.

 

قبل أسبوعين، نشرت كبرى المنظمات في تونس وعلى رأسها الرابطة التونسية لحقوق الإنسان والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد والنقابة الوطنية للصحفيين، بيانا حذّروا فيه من صحافة المجاري ومن المافيا التي تدعمها وتقف وراءها، ولكن البيان مرّ مرور الكرام وبقيت المافيا تعمل في صمت وتنخر البلاد بلا رقيب ولا حسيب، رغم وعود الرئيس الباجي قائد السبسي على التحقيق في الموضوع.

 

من باب العدل أن نقول إنّ للرئيس الراحل الحبيب بورقيبة انجازات كثيرة، وفي المقابل كان له سيئات أيضا، إلى الآن تدفع البلاد ثمنها، لكن ليس من العدل في شيء أن تقوم الدولة التونسية الحديثة بإعادة تكريم الرجل من خلال إعادة إحياء ثقافة تقديس الأشخاص وبناء التماثيل وتشييدها، تاركة بذلك الشعب الّذي أنهكته مشاغل الحياة اليومية غارقا في دوامة من الحيرة والخوف على مستقبل البلاد بسبب الوضع الإقتصادي الكارثي الّذي تسبّبت فيه كلّ الحكومات التي جاءت بعد 14 يناير بدون استثناء.

 

الرئيس بورقيبة بدأ فور وصوله إلى كرسي الحكم عام 1956، بمحاربة الفقر والجهل واجتهد في ذلك وحقق انجازات كبيرة، أما حكومات وأحزاب ما بعد الثورة فقد حاربوا بعضهم البعض وافتعلوا صراعات وهميّة انطلاقا من فرضيّات لا تمتّ للواقع بصلة، وهو ما جعل آلاف التونسيين يترحّمون على فترة حكم الرئيس الدكتاتوري الأسبق زين العابدين بن علي ويتمنّون عودته بعد أن عادت زمرته إلى تسيير دواليب الدولة كما لا يخفى على كلّ التونسيين.

 

في نهاية المقال لا يمكننا إلّا أن نقول إنّ سياسة إعادة الأصنام لن تشبع الجوعى ولن تروي العطشى ولن تعيد للدينار بريقه أمام الدولار، بل ستزيد من أزمات البلاد والإحتقان الشعبي، فمئات الملايين التي صرفت على التماثيل وستصرف على تدشينها، كان من الأولى أن تصرف على تنظيف الأماكن التاريخية والسياحية في كلّ من المنستير والعاصمة وسوسة على التوالي ناهيك عن القيروان ونابل والحمامات وكل الولايات التونسية على التوالي.

 

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.