حظيت “بن لادن السعودية” التي تأسست منذ أكثر من 80 عاماً على مدى الأعوام والعقود الماضية، بشهرة واسعة، ولطالما اعتبرت المقاول المفضل للحكومة, والأكثر قدرة على تنفيذ المشروعات العملاقة والحساسة كمشروعات الدفاع والأمن.
ويعود تاريخ “مجموعة بن لادن” لعام 1931، في عهد الملك عبد العزيز آل سعود -المؤسس الأول للمملكة- حينما أسس محمد بن لادن شركته للمقاولات.
وفي 1989 أسست “مجموعة بن لادن السعودية” بقيادة سالم محمد بن لادن، لتتوسع أعمال الشركة وتشمل الطرق والمنشآت المتنوعة والمشاريع الحيوية، وتعد المجموعة ثاني أكبر شركة للمقاولات في العالم بعد “Vinci Construction” الفرنسية، ويقدر عدد العاملين بالمجموعة بنحو 200 ألف عامل.
متى بدأت أزمة بن لادن؟
بدأت أزمة بن لادن في 11 سبتمبر العام الماضي، حين وقعت حادثة الحرم المكي، إثر سقوط رافعة الحرم قبل البدء بشعائر الحج بنحو أسبوعين، والتي أدت لوفاة نحو 107 أشخاص وجرح ما يقارب الـ238، إذ حمّلت اللجنة الرسمية المكلفة بالتحقيق في حادثة سقوط الرافعة بالحرم المكي، “مجموعة بن لادن السعودية” جزءاً من المسؤولية، مع نفيها الشبهة الجنائية.
وأمر العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز حينها، بإيقاف تصنيف “مجموعة بن لادن” إحدى أكبر شركات المقاولات في المملكة، ومنعها من الدخول بمشاريع جديدة على إثر الحادثة.
وبحسب “رويترز” أعلنت المجموعة في نوفمبر 2015 أنها تعتزم الاستغناء عن نحو 15 ألف موظف لديها، في إشارة للضغوط التي يتعرض لها قطاع البناء مع تخفيض المملكة للإنفاق، بعد تراجع أسعار النفط.
أزمة رواتب وديون إلى متى؟
قررت “وزارة العمل” السعودية في 7 فبراير 2016 إيقاف جميع خدماتها عن إحدى المنشآت العملاقة، بعد أن تلقت شكاوى مجموعة من العاملين في هذه المنشأة، تفيد بعدم استلامهم رواتبهم منذ عدة أشهر، وذكرت مصادر لصحيفة “إريبيان بيزنس” بعد يومين، أن الشركة التي أعلنت “وزارة العمل” أنها أوقفت عنها جميع خدماتها، هي “مجموعة بن لادن”.
ولدى الشركة بحسب مطلعين، ديون بقيمة 4.8 مليار ريال تستحق في عام 2017، ونحو 595 مليون ريال، تستحق في 2018.
وأفاد تقرير أصدرته دائرة الأبحاث بـ”الأهلي كابيتال”، في 23 سبتمبر العام الفائت، أن القروض البنكية المستحقة على “مجموعة بن لادن”، تبلغ 25 مليار ريال.
وذكر مصدران مصرفيان في 30 مارس 2016 لـ”رويترز” أن شركة “بن لادن” السعودية، مدينة للبنوك المحلية والأجنبية بنحو 30 مليار دولار.
صعوبة توظيف العمال الأجانب
نحو 75% من مشاريع “مجموعة بن لادن” هي مشاريع حكومية، والمتبقي أقل من 25% مشاريع مطارات ومشاريع عقارية وأبراج للقطاع الخاص.
ومنذ عام 2011 أدت إصلاحات سوق العمل التي تهدف لشغل المزيد من المواطنين السعوديين وظائف بالقطاع الخاص، إلى زيادة صعوبة وتكلفة توظيف العمال الأجانب في شركات البناء، بما فرض ضغوطاً على القطاع بشكل عام وعلى “مجموعة بن لادن” بشكل خاص.
حلول مؤقتة لأزمة الرواتب لا تسمن ولا تغني من جوع
ذكرت مصادر مصرفية لمجلة “ميد” في 7 فبراير من العام الجاري، أن “مجموعة بن لادن” بدأت مفاوضات مع بنوك محلية وإقليمية، لتأجيل دفع مستحقات بعض من القروض، كما تتباحث أيضاً للحصول على تمويلات من بنوك خارجية لغرض تغطية التزاماتها قصيرة الأجل.
واتخذت الشركة مجموعة من الإجراءات التقشفية, منها: التفاوض مع البنوك المقرضة المحلية بشكل منفرد مع كل بنك، وخصوصاً البنوك التي تمول مشروع توسعة الحرم المكي، كما أن الشركة لم تتخلف حتى الآن عن سداد أي مستحقات عليها.
وطرحت المجموعة في 28 فبراير مجموعة من الخيارات لحل أزمة تأخر الرواتب أمام 2000 موظف في الشركة، لم يستلموا رواتبهم منذ عدة أشهر، وتتمثل هذه الخيارات بـ:
1- من يرغب من العمالة في الاستمرار بالعمل مع “مجموعة بن لادن” أن يبقى بالسكن خلال الأيام القادمة، لحين صرف مستحقاته، مع التزام المجموعة باحتساب فترة بقائهم في السكن وعدم تغيبهم عن العمل، واعتبارهم أنهم على رأس العمل.
2- من يرغب من العمالة في الخروج النهائي التقدم إلى الإدارة ليتم تصفية مستحقاته وإعداد خروج نهائي له.
3- السماح لأي راغب في نقل خدماته لأي جهة على أن يتقدم بطلب خطي للإدارة مع وعد بالموافقة الفورية عليه.
قرار المجموعة الأخير بتسريح 50 ألف موظف يشعل نيران حرب بينها وبين موظفيها
ذكرت صحيفة سعودية، الجمعة 29 أبريل 2016، أن “مجموعة بن لادن للبناء” استغنت عن 50 ألفاً من موظفيها، مع تزايد الضغوط على القطاع في ظل تخفيضات الإنفاق الحكومي لمواجهة تدني أسعار النفط.
ونقلت “الوطن” السعودية عن مصادر لم تسمّها، أن المجموعة أنهت عقود العاملين البالغ عددهم 50 ألفاً – وجميعهم أجانب على ما يبدو – ومنحتهم تأشيرات خروج نهائي لمغادرة المملكة.
ولم ترد “مجموعة بن لادن” على رسالة إلكترونية تطلب التعليق الجمعة.
احتجاجات على سياسة مجموعة بن لادن الأخيرة تجاه موظفيها
خاضت الشركة سلسلة من النزاعات مع العمال هذا العام بسبب الأجور، إذ تجمّع عشرات العاملين في مارس، أمام أحد مقرات الشركة في السعودية للمطالبة بمستحقات متأخرة.
وذكرت صحيفة “الوطن” السعودية السبت، أن العاملين بالشركة والذين أنهت عقودهم واستغنت عنهم، رفضوا مغادرة البلاد إلا بعد صرف مستحقاتهم المتأخرة التي تمتد لأكثر من 4 أشهر، وأضافت أن هؤلاء العاملين يحتشدون أمام مقرات الشركة في أنحاء المملكة بشكل شبه يومي.
وتعطل النزاعات العمالية الإنشاءات، لا سيما بعد توقف بعض العمال المتأخرة أجورهم عن الحضور إلى العمل.
وأضرم عمال تابعون لشركة “بن لادن” في مكة المكرمة النار بعدد من حافلات الشركة، مساء السبت، اعتراضاً منهم على تأخر صرف رواتبهم من قبل الشركة المشغلة، وكان عمال الشركة قد بدؤوا احتجاجاً منذ عصر السبت وقاموا بتحطيم زجاج بعض المركبات وتكسير أبواب المكاتب، لينتهي الأمر بحرق 7 حافلات.
وأعلنت “المديرية العامة للدفاع المدني” عبر حسابها بموقع “تويتر” أنه تم إخماد الحريق، مؤكدة أنه لم ينتج عنه أية إصابات في الأرواح، فيما لا تزال التحقيقات مستمرة لمعرفة أطراف وأسباب الحريق.
موقع الإقتصادي