الرئيسية » تقارير » الصورة العار ..

الصورة العار ..

(خاص – وطن) في شهر يناير 2015، وبعد هجمات “شارلي إيبدو” الّتي استهدفت الصحيفة الفرنسية الساخرة الّتي أهانت الرسول الكريم محمّد صلى الله عليه وسلّم، هرع ثلّة من حكّام العرب والمسلمين لتقديم واجب العزاء للرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، وللمشاركة في المسيرة العالميّة للتنديد بالإرهاب.

 

وقتها، أثارت مشاركة زعماء المسلمين في المظاهرات، الرأي العام العربي، بل شنّ رواد مواقع التواصل الإجتماعي وثلّة من الكتاب على إثرها، حملة كبيرة، سخروا فيها من المشاركين واتهموهم بأبشع التهم.

 

في تلك المسيرة الّتي نزعت القناع عن الكثيرين، كان الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس، الّذي يُقتل شعبه بالليل والنهار، وتنكّل قوّات الإحتلال الإسرائيلي بحرائر فلسطين على الحواجز المهينة، على مرأى ومسمع منه، من أوائل المشاركين مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

 

من ناحية أخرى، شارك العاهل الأردني الملك عبد الله رفقة زوجته الملكة رانيا، جنبا إلى جنب مع رئيس الوزراء التركي، أحمد داوود أوغلو، ورئيس الوزراء التونسي السابق مهدي جمعة، وفي نفس الوقت كان إرهاب الطائرات السوريّة تفتك بالسوريين وتسوّي كلّ ما طالته صواريخها من منازل ومحلاّت بالأرض، كما سقط في اليوم الّذي شارك فيه قادة المسلمين في مسيرة باريس، عشرات القتلى والجرحى، في أنحاء متفرّقة من سوريا.

 

من يومها وإلى يومنا هذا، لم نرى قادة المسلمين، يتسابقون نحو سوريا لإيقاف نزيف الدماء، بل لم نسمع لهم موقفا مشرّفا في نصرة السوريين، في حين نصر الروس بشار الأسد، وساندت أمريكا الأكراد وأنقذتهم من بين أنياب بعض فصائل المعارضة السورية.

 

10 أشهر مرّت على مسيرة باريس ضدّ الإرهاب، ولكنّ الإرهاب لم يتوقّف بل امتدّ إلى عواصم أوروبيّة أخرى، وعاود ضرب العاصمة الفرنسيّة باريس مرّة ثانية، وأوقع فيها عددا أكبر من القتلى والجرحى، وقتها لم يحجّ حكّام المسلمين إلى باريس، وإنّما اكتفوا بالبكاء في قصورهم والويل والثبور لمن لم يبكي، فللجدران آذان وللمخابرات الأجنبيّة في قصورهم أعين تنقل الصغيرة والكبيرة مع كثير من الزيادة وعدم النقصان.

 

وبعد هذا البكاء المرير لحكّام المسلمين، لم نسمع لهم صوتا حتّى جاءت هجمات بروكسيل في شهر مارس الماضي، فتكرّر الصراخ وأصبح البكاء نواحا، فالقتلى أوروبيون وغربيون والطامة الكبرى على من لا ينصرهم ولو بكلمة أو تنديد.

 

وخلال كلّ هذه الأحداث، تواصل نزيف السوريين، وسقط آلاف القتلى والجرحى، ولم يسجّل التاريخ في طيّاته موقفا يسحب لقادة المسلمين، بل سجّل خذلانا لم يسبق لم مثيل، فإلى يومنا هذا يواصل “تتّار” القرن الواحد والعشرين، قتل كلّ من يعترضه والتنكيل بكلّ من يعارضه، فهذه حلب الجريحة والغريقة تنادي “وااااا معتصماه” ولكن لا مجيب، فالجماعة معتصمون في قصورهم، يطبّقون الأوامر الّتي تطلبها منهم أمريكا وإسرائيل.

 

في الحقيقة لا لوم على “معتصمي” القرن الواحد والعشرين، فلقد استصرختهم سوريا منذ 6 سنين فلم يجيبوها، ونادتهم القدس وشكتهم جراحها منذ 68 سنة فلم يلبّوا نداءها، فهل سيكسرون القاعدة ويتوجّهون نحو حلب؟ كلّا فإنّ هذا ثامن المستحيلات، فالدم العربي وخاصّة منه الإسلاميّ رخيص عندهم، وشعار قادة المسلمين، مادمنا هنيئين فلماذا وجع الرأس وتخليص سوريا وتحرير فلسطين، ولم يسجّل التاريخ في طيّاته موقفا يحسب لقادة المسلمين وستبقى هذه الصورة العار الذي يلاحق قادة العرب في حياتهم ومماتهم.

قد يعجبك أيضاً

3 رأي حول “الصورة العار ..”

  1. فللجدران آذان وللمخابرات الأجنبيّة في قصورهم أعين تنقل الصغيرة والكبيرة مع كثير من الزيادة وعدم النقصان.

    رد
  2. مقال والله رائع…هذا هو واقع حال حكام العرب الميؤوس منهم..ما لنا غيرك يا الله و تبا لهؤلاء الفاسدين

    رد
  3. مصيبة العرب في حكامهم، ولكنهم مفروضون على هذه الشعوب، حتى اذا اراد شعب ما التغيير، تتكالب عليه جميع الدول حتى يبقوا في بيت الطاعة. ربنا يخلصنا من هؤلاء الحكام.

    رد

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.