الرئيسية » الهدهد » تفاقم حالات الانتحار في الأردن والجهات الرسمية “تغلقها” بزعم الاضطرابات النفسية

تفاقم حالات الانتحار في الأردن والجهات الرسمية “تغلقها” بزعم الاضطرابات النفسية

“خاص- وطن- كتب محرر الشؤون الأردنية- في الوقت الذي يرجئ فيه مطلعون تفاقم حالات الانتحار في المجتمع الأردني إلى تزايد الضغوطات الاقتصادية فرضتها سلسلة من قرارات حكومات متعاقبة طالت ابسط مقومات الحياة اليومية ، إضافة إلى جانب اتساع جيوب الفقراء والبطالة بسبب غياب التنمية المستدامة، تغلق الرواية الرسمية والأمنية على وجه الخصوص اكثر الملفات جدلية عازية الأمر لخلافات عائلية واضطرابات نفسية.

 

وأثارت العديد من حالات الانتحار الرأي العام الاردني الأمر الذي ارغم وزير الداخلية ، والناطق الرسمي باسم الدولة لشؤون الإعلام ومدراء الأجهزة الأمنية عقد مؤتمر صحافي للإجابة على تساؤلات جملة من الملفات التي شغلت الرأي العام حينها ، أبرزها قيام رجل أمن بإطلاق النار على جنود من جنسيات مختلفة في مركز تدريب للشرطة شمالي العاصمة عمان ، وحادثة سقوط شقيقتين من إحدى البنايات.

 

قبل عقد المؤتمر بشهر أقدم أب على حرق نفسه وأفراد عائلته بعدما أشعل النار بسيارته بحسب الرواية الأمنية عازية الأمر حينها لخلافات أسرية، سبقها حادثة قتل أم لثلاثة من أطفالها نتيجة إصابتها بأمراض نفسية بحسب ما خلصت له محكمة الجنايات الكبرى مؤخرًا.

 

أرجع المسؤولون تلك الحوادث لأسباب تتعلق باضطرابات أو أمراض نفسية، وانتهى المؤتمر وانتهت الأسئلة، على اعتبار أن تلك مبررات كافية لإغلاق ملفات شغلت الرأي العام، لكنها في الواقع تفتح باب مساءلة للدولة عن واقع الصحة النفسية بالأردن.

 

وعلى الرغم من إقرار الجهات الرسمية بان أسبابها نفسية، تغيب معها التشريعات جراء تعمد مماطلة الانتهاء من مسودة مشروع القانون الذي أعدته اللجنة الوطنية في وزارة الصحة لا زال حبيس أدراجها منذ العام 2012.

 

لم يقتصر غياب الاهتمام الخاص على التشريع، بل شمل الموازنة الخاصة بالصحة النفسية، فمع أن وزارة الصحة تقدم جميع خدماتها النفسية مجاناً، إلا أن منظمة الصحة العالمية تقدر أن الإنفاق على الصحة النفسية في المملكة لم يتجاوز عن 2% من مجمل النفقات الصحية في عام 2011 ، وتراجعها مؤخراً نحو 1 %.

 

وتكشف بيانات منظمة الصحة العالمية أن هناك 0.5 طبيب نفسي لكل 100.000 مواطن في الأردن لعام 2014، بعدما كانت النسبة 1.08 عام 2011 ، في عيادات حكومية غالبتها تتمركز في العاصمة عمان ، باتت تشكل عقبة دون تقديم الرعاية النفسية المفترضة.

 

ما بين تضارب الرواية الرسمية وغياب التشريعات وتجاهل وزارة الصحة صاحبة الولاية بمراكز الصحية النفسية تبقى ظاهرة الانتحار في المجتمع الأردني يلفها الغموض دون الكشف عن إحصائيات رسمية خاصة عقب تزايدها بصورة ملفتة ومقلقة، واستفحال الأزمات والضغوط خاصة الاقتصادية والمجتمعية منها، وسط مناشدات تطلقها منظمات لدراسة أسبابها وصولاً لحلول جذرية لتوقفها.

 

ويطلق نشطاء ومؤسسات تطوعية حملات توعية تستهدف المجمع الأردني خاصة الفئات الشبابية التي تشكل غالبية حالات الانتحار ، او المحاولات الفاشلة منها وهي النسبة الأكبر خاصة وانها تجاوزت العام الماضي 400 حالة وفقاً لإحصائيات لمؤسسات وجهات غير رسمية.

 

وغالباً ما تتضارب الإحصائيات الرسمية مع مراكز وهيئات خاصة جراء ميول الرغبة الرسمية الأمنية على وجه الخصوص الى اعتبار الوفاة عرضية أي ناتجة عن حادث عرضي وليس انتحار ، تقابلها رغبة الأهل تفادياً ردود الفعل المجتمعية.

 

وتبقى خلو التشريعات الأردنية المدنية من نص عقوبة تجريم محاولة والتي غالباً ما تفشل جراء تدخل الأهل بإسعافهم لمستشفيات حكومية وقطاع الخاص الاكثر جدلية ، في حين يتم معاقبة المحرض على الانتحار بعقوبة تصل السجن ثلاثة سنوات في حال نجم عنها إيذاء أو عجز دائم للمنتحر ، وتجرم المادة 46 من قانون العقوبات العسكرية محاولة الانتحار بسبب الخدمة أو للاحتجاج عليها أو على القادة والرؤساء.

 

تشير تقارير المركز الوطني لحقوق الإنسان إلى تزايد عدد محاولات الانتحار وأعداد المنتحرين في السنوات الأخيرة، ففي عامي 2010 و 2011 سجلت ” 40 و 46 ” حالة تباعاً ، وتصاعدت في العام 2012 بـ 86 حالة الى جانب “تصاعد ظاهرة التلويح بالانتحار “، تضاعفت في الأعوام المتعاقبة وبصورة مقلقة.

 

الجدير ذكره أن تقرير دولي لمنظمة الصحة العالمية أوضح أن الأردن سجل ارتفاعا في معدلات الانتحار مقارنة بإحصاءات عام 2012 ، فيما لم يصدر لاحقاً قائمة في أعداد حالات الانتحار وقياس نسبتها على المستويين العربي والعالمي.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.