الرئيسية » تقارير » سلطنة عمان في دائرة الجدل: حياد يطفيء النار المشتعلة أم محاباة للجارة إيران؟

سلطنة عمان في دائرة الجدل: حياد يطفيء النار المشتعلة أم محاباة للجارة إيران؟

وطن (خاص)

تميزت السياسة الخارجية لسلطنة عمان بالحيادية على المستوى الإقليمي والدولي، وغالباً ما يكون موقفها من الأحداث الخارجية رافضاً للإنحياز لأي طرف في الصراعات، حتى في القضايا التي مست محيطها؛ مثل “عاصفة الحزم” أو “التحالف الإسلامي” وهو ما دفع بعض الدول الخليجية باتهامها بأنها حليف إيران في منطقة الخليج العربي.

هذا التميز من قبل السلطنة جعل منها الجوكر الذي يسعى لحل المشاكل والصراعات التي تشهدها عديد دول المنطقة على غرار اليمن وإيران وليبيا والسعودية وسوريا ولعل هذا التميز الإيجابي كان بمثابة النقطة التي أفاضت الكأس ودفعت عديد الكتاب والصحفيين الإماراتيين والسعوديين إلى اتهام السلطنة بأنها تمارس الحياد السلبي.

حياد “عُمان” دفع الكاتب السعودي سعود الريس إلى القول في مقاله بصحيفة الحياة اللندنية في شهر مارس/آذار الماضي “منذ طفولتي وأنا أسمع عن دول عدم الإنحياز، كان الإسم يطربني، وكنتُ أردِّده على الدوام، لكني منذ ذلك الوقت لم أجد دولاً تمارس عدم الإنحياز، أو الأهداف التي أنشئت من أجلها هذه الحركة – رسمياً عام 1955 -، إلى أن قدّر الله وتابعتُ السياسة العُمانية، فاكتشفت أن عدم الإنحياز هو شعار يُرفع في وقت لا ينبغي ممارسته، ويُمتنع عنه في الوقت الذي ينبغي أن يكون.”

عمان السلطان قابوس والحياد

في العام 1970 تولى السلطان قابوس بن سعيد الحكم في البلاد، لينطلق بالسلطنة إلى آفاق جديدة، وإبرازها تدريجياً على الخارطة السياسية والاقتصادية والسياحية والثقافية في العالم، حتى صارت سلطنة عُمان اسماً بارزاً، ومثيراً للجدل والتحليلات أيضاً.

تَذكر الجغرافية أن سلطنة عُمان تقع في غرب آسيا، محتلة الموقع الجنوبي الشرقي من شبه الجزيرة العربية، يحدها من الغرب السعودية ومن الجنوب الغربي اليمن ومن الشمال الغربي الإمارات العربية المتحدة، متمتعة بساحل جنوبي يطل على بحر العرب وبحر عمان من الشمال الشرقي.

وابتعدت السلطنة بقيادة السلطان قابوس بن سعيد عن التوترات السياسية والصراعات والتكتلات الخارجية، فضلاً عن عدم مشاركتها عسكرياً في عاصفة الحزم ضد انقلاب الحوثيين في اليمن، ومؤخراً التحالف الإسلامي العسكري ضد الإرهاب بقيادة المملكة العربية السعودية رغم انتمائها إلى مجلس التعاون الخليجي.

وبررت “عمان” عدم مشاركتها في التحالف الإسلامي العسكري ضد الإرهاب، بأن قوات السلطان المسلحة في الدستور العماني محظور عليها المشاركة بتجمعات أمنية خارج مجلس التعاون الخليجي، وفقاً لوزير الخارجية يوسف بن علوي، الذي أكد أن قرار حظر القوات موجود في الدستور العُماني، وعليه لا يمكن لنا أن نتدخل في مثل هذه التجمعات الأمنية.

كذلك توسطت سلطنة عمان في حل عديد المشاكل في المنطقة بدءا ممّ حصل مؤخرًا في الجزائر من أزمة طائفية مكتومة في بلدة جزائرية تدعى “غرداية” ذات الأغلبية الإباضية، تلك الطائفة المنتشرة في السلطنة أيضًا ما يجعلها الأقرب للتدخل في حل مشاكل الإباضيين في الجزائر، وكذلك الملف السوري والملف الليبي الّذي كشفت تقارير إعلامية مؤخرا أن السلطنة تسعى لكي تكون وسيط خير بين أطراف النزاع في ليبيا.

العلاقة القوية بين سلطنة عمان وإيران

ترتبط عُمان بعلاقة جيدة مع إيران، أهلتها لأن تصبح حاضنة لعدة جولات من المفاوضات النووية، وعملت على تقريب وجهات النظر بين طهران والدول الغربية، بالإضافة إلى الوساطة في ملف الأزمة السورية، في الوقت الذي ترفض فيه السعودية وحلفاؤها أي تعاون مع إيران.

وتساهم الروابط التاريخيّة بين إيران وعمان (التي توطّدت خصوصاً عندما نشر الشاه قوّات في محافظة ظفار لمساعدة السلطنة على سحق تمرّد ماركسيّ مدعوم من الخارج في السبعينيّات) في قولبة فهم مسقط لإيران ودورها في النظام الجيوسياسيّ في الخليج. فعمان لا تعتبر إيران امبراطوريّة فارسيّة ولا ملكيّة أو جمهوريّة إسلاميّة، بل دولة مجاورة ستبقى موجودة دائماً بغضّ النظر عن البنية السياسيّة التي تتولّى السلطة.

وفي أوج المخاوف من “الهلال الشيعي وتمدد إيران من الكويت إلى نواكشوط” شد السلطان قابوس بن سعيد الرحال نحو طهران ليكون أول زعيم دولة يصلها بعد تولي حسن روحاني مقاليد السلطة هناك في الثالث من أغطس/آب 2013.

وفي عام 2013، استضافت مسقط محادثات سرية ومباشرة بين واشنطن وطهران حول البرنامج النووي كانت الأولى من نوعها في تاريخ البلدين منذ بينونة طلاقهما عام 1979.

هذه المفاوضات مهدت الطريق للوصول إلى اتفاق بين إيران ومجموعة “5+1” بشأن البرنامج النووي في جنيف، في الـ24 من نوفمبر/تشرين الثاني 2013.

وفي الـ 12 من مارس/ آذار 2014، رد روحاني هذا الجميل، فكانت السلطنة أول دولة عربية يزورها، ووقع الجانبان حينها اتفاقات عديدة في مجالات الطاقة والتجارة والصناعة تجاوزت قيمتها ستين مليار دولار.

السلطنة تختار الحياد

عرفت مسقط بدخولها وسيطاً بين الحوثيين، اللّذين يسيطرون على أجزاء من اليمن، ومندوبين عن الولايات المتحدة. وأوضح وزير خارجية عُمان أن تحركات بلاده تنطلق من “رغبة عمان في أن يعم السلام في المنطقة”.

ولم يكن حياد السلطنة طارئاً أو حديث عهد، فمسقط تمسكت بموقفها المحايد من الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988)، وكانت كذلك الدولة العربية الوحيدة التي لم تقاطع مصر السادات بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد، من دون أن يؤثر ذلك على علاقاتها مع الدول العربية الأخرى.

وفي ظل الوضع المعقد خليجيا وإقليميا، لا ترى مسقط بدا من الدخول على خط الملفات الساخنة بما يتفق مع رؤيتها لأمن المنطقة ويكرس استقلال قرارها دون النظر لأصل السياسة وإكراهات الاقتصاد.

عمان تندّد باقتحام السفارة السعودية في طهران

خرجت سلطنة عُمان عن حيادها التقليدي الذي سارت عليه طيلة السنوات الماضية،حيث أعربت عن أسفها لتعرض مقر السفارة السعودية في طهران لاعتداءات من قبل متظاهرين، على خلفية إعدام الرياض لرجل الدين الشيعي السعودي نمر النمر.

ووصفت سلطنة عُمان، في بيان صادر عن خارجيتها، الأعمال التي قام بها متظاهرون بحرق مقر سفارة المملكة العربية السعودية في طهران وقنصليتها العامة في مدينة مشهد بـ”التخريبي”، مؤكدة أنه يُعد مخالفة لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية والمواثيق والأعراف الدولية التي تؤكد حُرمة المقار الدبلوماسية وحمايتها من قبل الدولة المضيفة.

وفي نبرة جديدة بالنسبة للدبلوماسية العمانية فيما يتعلق بإيران، أكدت السلطنة أهمية إيجاد قواعد جديدة تُحرم بأي شكل من الأشكال التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، تحقيقاً للاستقرار والسلم الدوليين، معتبرة أن الإعتداء ضد الممثليات السعودية بإيران “غير مقبول”.

الإتهامات الموجهة لسلطنة عمان

غضبت بعض الدول الخليجية على موقف عمان من عدد من الملفات الحساسة في المنطقة وبسبب علاقتها القوية بإيران،وكانت مصادر خليجية كشفت في أكثر من مرة أن الغضب السعودي على السلطنة بدأ بسبب عدم ارتياح الرياض للدور العماني بالتوسط لعقد المحادثات السرية بين طهران وواشنطن.

كما اتهم رئيس تحرير ‘الإقتصادية’ سلطنة عمان بالتقرب إلى إيران أكثر من دول الخليج. وقال ‘الشقيقة عمان مع الأسف تقول غير ما تفعل، فعلى سبيل المثال زيارات مسؤوليها لإيران أكثر من زياراتهم للرياض’.

فالعداء التاريخي بين السعودية وإيران انعكس سلبًا على العلاقات مع سلطنة عمان، حيث إن الوساطة العمانية تأتي لكون السعودية أصبحت عاجزة بشكل واضح عن التعامل مع هذا الملف الشائك الذي يشكل لها مخاوف أمنية كبيرة.

وبرر وزير الخارجية العماني، يوسف بن علوي، في مقابلة مع قناة CNN الأمريكية سياسة بلاده، بعد اتهامها بالإنحياز لجانب إيران، قائلاً: “نحن لا ننحاز لهذا الجانب أو ذاك، بل نحاول أن ننقل لكلا الطرفين ما نعتقد أنه جيد بالنسبة لهما”.

قد يعجبك أيضاً

4 رأي حول “سلطنة عمان في دائرة الجدل: حياد يطفيء النار المشتعلة أم محاباة للجارة إيران؟”

  1. بالسياسه لا يوجد صديق للأبد ولا عدو للأبد (غير اسرائيل فهي عدوتنا للأبد) *_^

    لكل دوله مصالحها الجيوسياسيه والاقتصاديه وبالتالي تبني سياستها الخارجيه بناء على معطيات الظروف ولكن تحت خطوط واستراتيجيات واضحه للجميع بدون مجاملات.
    سلطنة عمان ما هي الا امتداد لحضاره ضاربه بالتأريخ من حيث وجودها السياسي او التجاري. ولموقعها الجيولوجي اثر كبير على تفكير اهلها وسياستها مع الاخرين. والكاريزما العمانيه هي ذات مزاج معتدل ومتجانس مع القوى المحيطه بها. فلقد تأثرت بالثقافه الهنديه والفارسيه والعربيه ولذلك تجدهم ذا بعد في اتخاذ قراراتهم بعكس الاخرين اصحاب الفلتات الارتجاليه والتشنجات الصبيانيه.

    رد
  2. عمان دولة عريقة و تتصرف وفقا لمصالحها، و مواققها من الأزمات الدولية ينبغي أن تدرس في الجامعات. لكي تكون قريبة من سياسة دول الخليج عليها أن تتصرف بصبيانية(حرب اليمن ليس من مصلحة المملكة و لا الخليج) و سوف تثبت الأيام ذالك(الآن 11 شهر، ولم يسقط شمال اليمن).
    إيران دولة جارة و قوية، و أمريكا سوف تبيع الخليج لمن يدفع أكثر، و سوف يكتشف الخليجيين إن عليهم مواجهة إيران لوحدهم بدون الولايات المتحدة.
    إسرائيل هي العدو الحقيقي للعرب و المسلمين، و تصريحات المسؤلين الإسرائليين (بما فيهم وزير الدفاع قبل عدة أيام) قال إنهم يشاركوا في قصف اليمن بقوة جنبا إلى جنب مع السعودية.

    رد
  3. كل دولة لها سياستها الخارجية الخاصة
    عمان دولة مستقلة بقراراتها ولم ولن تخضع الى قرارات الغير
    سلطنة عُمان تحتضن السلام في العالم فهي دولة مسالمة ومعتدلة

    رد
  4. قابوس بن سعيد ورث حكم دولة ضاربة في عمق التاريخ فابوه و أجداده حكام امبراطورية و مالديه تركم من الخبرة السياسية وتعليمه الغربي مكنه من اخماد جميع الفتن و تجاوز جميع المشاكل بأقل الخسائر ولازال حكيم حتى في اختيار الفاظه. أما عمان بحكم تاريخها ونسيجها الإجتماعي تجيد التعامل مع جميع المتغيرات تتقبل جميع الطوائف و الاديان.

    رد

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.