من “الغاز” إلى “المتة”… .وسائل مبتكرة في جرائم قتل الأزواج !

“خاص – وطن- كتب وعد الأحمد”- كثيراً ما تصل الخلافات الزوجية إلى طريق مسدود ليصبح الرباط المقدس الذي يجمع بين الزوجين أوهى من “بيت العنكبوت” فتختفي المودة والرحمة لتحل محلها النقمة والغضب والانتقام وتغدو جرائم التخلص من الأزواج عن سابق إصرار وترصٌّد مجرد حوادث يومية عابرة لا تثير أدنى اهتمام، ورغم أن هذه الجرائم المأساوية لا يمكن اعتبارها ظاهرة إلا أنها حالاتٍ تستحق الدراسة والتأمل لوضع الحلول لها أو تجنب وقوعها وإعادة الأمان والاستقرار للعلاقات الأسرية.
سراب (27 عاماً ) زوجة مقيمة في قرية المشرفة الواقعة إلى الشرق من مدينة حمص السورية أقدمت منذ سنوات على قتل زوجها( شمعون – أ) 35 سنة بطريقة مبتكرة لا تخطر على بال أحد عندما قامت بدس السم في مشروب المتة وبعد أن لفظ أنفاسه الأخيرة وضعت جثته في كيس نايلون قبل أن تلقيها في حفرة حفرتها في حديقة منزلهما في القرية المذكورة بالتعاون مع إحدى جاراتها ثم قامتا بطمر الجثة بالتراب وإنشاء قاعدة إسمنتية فوق الحفرة إمعاناً منهما في إخفاء معالم هذه الجريمة البشعة ثم تقدمت الزوجة القاتلة إلى الجهات الأمنية مدعية اختفاء زوجها منذ أربعة أشهر.
اختناق بالغاز !
وقصة سوسن . ع (22 عاماً ) لا تقل غرابة عن قصة بطلة المتة فحينما أرادت التخلص من زوجها الذي كان يذيقها أبشع صنوف التعذيب المعنوي والجسدي – كما تقول- لم تجد من وسيلة إلا خنقه برائحة الغاز ومن ثم سد كل منافذ النجاة أمامه عن طريق النار التي ستشتعل في كل مكان نتيجة أعواد الثقاب المتوزعة وتضيف قائلة : في تلك الليلة ضاق صبري عما ألاقيه من زوجي فخططت وحبكت سيناريو قتله وانتظرت حتى يغط في نوم عميق فأحضرت اسطوانة الغاز إلى غرفة نومنا وقمت بفتحها ليخرج الغاز وتركت عود ثقاب مشتعلاً فوقها ثم خرجت بكل هدوء بعد أن أغلقت الباب بإحكام لكي لا يخرج “غريمي” فيما لو اتيحت له فرصة النجاة .
وقال الزوج الذي نجا من الموت بمعجزة إلهية لـ”وطن”, “كنت أغط في نوم عميق ظهيرة أحد الأيام فشعرت برائحة غاز تكاد تخنقني فاستيقظت، والمفاجأة المرعبة التي كانت بانتظاري عندما شاهدت النار تشتعل في كل مكان وبسرعة البرق قمت بإغلاق اسطوانة الغاز وحاولت إطفاء النار والخروج من الغرفة ففوجئت بإغلاقها من الخارج وهنا لم أجد من وسيلة إلا الصراخ والاستنجاد واستطعت الخروج بمساعدة بعض الجيران الذين تجمعوا وأنقذوني، وبعد عودة زوجتي الجانية بعد غياب ساعتين قضتهما في السوق أصيبت بدهشة كبيرة عندما فوجئت بوجودي حياً أرزق ، وعلى الفور تقدمت بشكوى رسمية أتهم فيها زوجتي بمحاولة قتلي داخل غرفة النوم .
تحريض خارجي
تشير دراسة ميدانية أجرتها الباحثة هويدا كلثوم في سجن النساء بدمشق منذ سنوات أن “نسبة 25 % من اصل 50 % من النساء اللواتي قتلن أزواجهن اعترفن أنهن لم يقصدن ارتكاب الجرم وأنه وقع منهن تحت تأثير تحريض خارجي، أهل الزوج، ظلم الزوج ،سوء المعيشة ، ظروف أخرى … الخ ولاحظت الدراسة المذكورة أن هذه الإجابات ترتبط بعدم الشعور بالندم كما تعني إسقاطاً على من دفعها أو حرَّضها أو اشترك معها في ذلك الفعل الجرمي .
ورأى الدكتور “عدنان مسلّم” المدرس في كلية علم الاجتماع بجامعة دمشق لـ”وطن” أن “أغلب الخلافات التي تحدث بين الأزواج تعود إلى أسباب بسيطة وجوهرية في آن معاً وهي عدم وجود أرضية مشتركة للتفاهم واستماع رأي الآخر. ومن ثم قبول الاختلاف الذي ينشأ عنه الاحترام والثقة المتبادلة ، واضاف د. مسلم : ” هناك أيضاً فكرة عدم قبول الضعف والاحتياج إلى الآخر وهي فكرة تسود بلدان الدول النامية ككل حيث يخجل الشخص من التعبير عن ضعفه واحتياجه للآخر. لأنه لو فعل ذلك – حسب اعتقاده فإنه يمكِّن الطرف المقابل من السيطرة على الموقف. ويبدو ذلك واضحاً علي صعيد الأسرة السورية فمن المستحيل أن يعترف زوج ما لزوجته باحتياجه لها. ولكنه يلجأ في هذا الموقف إلي أسلوب “الهجوم الدفاعي” على مبدأ أفضل وسيلة للدفاع هي الهجوم حتي لا ينكشف أمره وتهتز صورته ومن هنا تنشأ الخلافات الزوجية التي قد تتطور وتفضي إلى حوادث مأساوية كالقتل أو الطلاق أو غيرها للأسف .
ويذهب ” عبد اللطيف السعيد- مدرّس إلى القول أن إنهاء الخلافات الزوجية بجريمة بشعة أمر لا يقره دين ولا يتخيله عقل ولا يتقبله ضمير ، ولعل حالات قتل الأزواج المأساوية التي بدأنا نطالعها على صفحات الجرائد تكشف عن عمق التفكك الأسري الذي بتنا نحياه ومدى تهاوي المثل والقيم التربوية في المجتمع” .
السكينة والمودة
ولتسليط الضوء على رأي الشرع الإسلامي في قضية قتل الأزواج التقينا الشيخ عبد اللطيف بريجاوي الذي أوضح أن “ما يحدث بين الزوجين من عنف قد يؤدي إلي القتل أمر محرم شرعاً وقانونياً وأخلاقياً. لأن الإسلام-كما أوضح – دعا إلى الحفاظ على النفس الإنسانية ومنع قتل النفس إلا بحق ، والعلاقة الزوجية يجب أن تقوم علي السكينة والمودة والرحمة كما قال تعالى: ” ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ) سورة الروم الآية 21 ” وعلى كل من الزوجين تحمُّل أذى الآخر والعفو والصفح من أجل الأبناء واستقرار الأسرة. وإذا حدثت خلافات بين الزوجين فيجب معالجتها بروية وهدوء ومعرفة أسبابها ودوافعها حتي لا تتحول إلي نهايات مأساوية على غرار ما نرى ونسمع ولله العفو.








