الرئيسية » أرشيف - الهدهد » نتنياهو يتباهى.. (عندما أريد شيئاً فإنني أحصل عليه)

نتنياهو يتباهى.. (عندما أريد شيئاً فإنني أحصل عليه)

 

أعرب رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو عن مباهاته بالتمكن من الحصول على موافقة أغلبية الكنيست ( البرلمان الإسرائيلي) وموافقته لتمرير صفقة غاز مع شركتي طاقة. وقال نتنياهو” عندما أريد شيئاً فإنني أحصل عليه”، وإن “هذا يوم عظيم لإسرائيل”.

وتمكن نتنياهو من الحصول على تصويت بالموافقة من 59 ضد 51 نائبا.

لكن مراقبون يصفون هذه الخطوة بأنها ليست أكثر من خطوة بروتوكولية، إذ أن ثمة منصب في إسرائيل يحمل لقب ” مسئول منع الاحتكارات ” ولم يعرض على الكنيست أمر تخويل نتنياهو أو الحكومة صلاحيات وزير الاقتصاد الذي لا يزال يرفض تجاوز قرار مسئول منع الاحتكارات ما جعل قرار الكنيست مجرد قرار رمزي.

وقال نتنياهو، بعد إقرار الخطة في الكنيست، «أنا ملزم بجلب الغاز، مئات المليارات لدولة إسرائيل، للتعليم، للصحة والرفاه. ونحن نزيح عقبة وراء عقبة. فقد أدخلنا تعديلات على الصفقة، وأقررناها في الحكومة، والآن في الكنيست. هناك عقبة واحدة باقية. وأنتم تعرفون أنني عندما أريد شيئاً، فإنني أحصل عليه. سيتوفر الغاز لإسرائيل، من أجل أمن الطاقة عندنا. هذا أمر سنحصل عليه».

وأضاف نتنياهو: «ماذا قالوا في البداية؟ نحن لا نعترف بالخطة. وقد فتحنا الخطة، فقالوا: أقروها في الحكومة. عرضنا الخطة على الحكومة فأقرتها بغالبية 19 وزيراً. بعد ذلك قالوا إنها لم تقر في الكنيست. عرضناها وأقررناها في الكنيست. بقيت عقبة واحدة وسنتغلب عليها». في إشارة لمعارضة منع الاحتكارات من تولي شركة أو اثنين توليد الغاز لإسرائيل.

وكان وزير الطاقة يوفال شتاينتس قد تذمر أمام الكنيست، وقال مشتكياً إنه «كان بوسعنا أن نكون اليوم مع حقل غاز تم تطويره، ومع أنبوبين أو ثلاثة أنابيب إلى الشاطئ، وتصدير غاز وتوفير مليارات لصالح التعليم، الرفاه والصحة. وكل هذا كان يمكن أن يحصل، لولا تأجيلات لسنوات كلفتنا 20 مليار شيكل».

لكن وزير الطاقة أرييه درعي في الوقت ذاته يرفض استخدام صلاحياته بتجاوز قرار المسئول عن منع الاحتكارات، وهو ينتظر تعيين مسئول جديد يمكن أن يعيد النظر في قرار سلفه.

واعتبر معلقون أن نجاح نتنياهو في تمرير صفقة الغاز في الحكومة أولا، ثم في الكنيست، يعني أولا وقبل كل شيء، نجاح شركات الطاقة في لي ذراع الحكومة واثبات أنها القادرة على تمرير ما تريد. ومع ذلك عجزت هذه الشركات، حتى عبر نتنياهو، في دفع الكنيست للتصويت على تخويل نتنياهو أو حكومته بأمر تجاوز قرار المسئول عن منع الاحتكارات.

 وبرغم كل الجهود التي بذلها نتنياهو لحشد أكبر عدد ممكن من النواب المؤيدين للخطة، فإنه للمرة الثانية خلال شهر ونصف يعجز عن تمرير القرار.

ومع ذلك فإن نتنياهو ما زال يعتقد انه بمرور الوقت يمكن إقناع أرييه درعي بتغيير موقفه واستخدام صلاحياته وتمرير الاتفاق. ويعتقد نتنياهو أيضا أن إقرار الكنيست للخطة بغالبية 59 ضد 51 تشكل عنصر ضغط على وزراء وأعضاء كنيست معارضين. ويعتقد خبراء أن لدى نتنياهو صلاحيات وألاعيب لم يستخدمها بعد لتمرير الخطة عمليا بينها استقالة درعي مؤقتا ما يعني تحويل صلاحياته الى رئيس الحكومة، أو إقناع ثلاثة وزراء يمتنعون عن التصويت بالتخلي عن موقفهم أو حتى إلزام وزير الاقتصاد بقرار حكومي بتجاوز قرار المسئول عن منع الاحتكارات.

وفي كل حال يرى خبراء أن تباهي نتنياهو بإنجازه لا يستند إلى أساس بعدما أظهر احتكار «تمار» و «لفيتان» من هو السيد في الاقتصاد الإسرائيلي. فخلال ساعتين، بعد إقرار الكنيست للخطة، ألمحت شركة «نوبل إنرجي»، في بيان رسمي، الى انها لا ترى نفسها ملزمة بتطوير حقل «لفيتان»، حتى إذا تمت المصادقة على الخطة، وهذا يعني أن قرارها بشأن الاستثمار في حقل «لفيتان» من عدمه لا يزال معلقاً، وأنه سيتخذ وفق اعتباراتها هي. وهذه قواعد جديدة للعبة ينظر إليها كثيرون أنها تنطوي على إهانة كبيرة لنتنياهو الذي يعمل كثيرا من أجل إقرار الخطة.

ومهما تكن الحال فإن المسألة الأساس المثارة حاليا تتعلق بمخاطر عدم القدرة على تطوير حقل «لفيتان». وكتب معلقون اقتصاديون إسرائيليون أن السر الشائع في الأوساط العارفة بخفايا قضية الغاز هو أن فرص تطوير حقل «لفيتان» ليست كبيرة، وأن الوضع تغير بشكل جوهري في أعقاب اكتشاف الغاز المصري. ويقول هؤلاء أن حقل «تمار» تم تطويره جزئياً وهو يلبي جانباً كبيراً من احتياجات الاقتصاد الإسرائيلي وسيظل في هذا السياق يلبي هذه الحاجة لـ 15-20 سنة مقبلة. أما حقل «لفيتان» فليست هناك حاجة محلية لتطويره خصوصا أن تكلفة التطوير تقدر بـ 6 مليارات دولار، وانه فقط يمكن تطوير هذا الحقل، إذا أبرمت عقود لتصديره وكانت هذه عقودا للمدى البعيد. ومن دون ذلك يصعب تجنيد القروض المطلوبة لتطويره إلا ضمن مقامرة كبيرة وكثيرة المخاطر.

ومنذ اكثر من عامين، كان المستقبل ورديا لحقل «لفيتان» في ضوء فشل سياسة الغاز المصرية وانعدام الاستقرار السياسي وارتفاع أسعار النفط والغاز عالميا. ولكن الظروف تغيرت. فقد تم اكتشاف مخزونات غاز كبيرة في حقول في كل من قبرص ولبنان. وغيرت مصر سياسة الطاقة التي تنتهجها وأغرت شركات تنقيب كبيرة للعودة للعمل هناك وصار الاحتياطي المكتشف في مصر أكثر من ضعفه في إسرائيل. كذلك أغرت قبرص الشركات بتطوير حقل «أفروديت». وهناك توقعات بأن الخلافات الداخلية التي أعاقت حتى الآن تطوير حقول الغاز اللبنانية في طريقها للحل.

ويشير الخبراء إلى أنه بافتراض أن مصر ستلبي خلال سنوات قليلة كل احتياجاتها من الغاز فإنها لن توقع مع إسرائيل على عقود بعيدة المدى حتى إذا تم تسريع تطوير حقل «لفيتان» ووصل انتاجه للسوق قبل الغاز المصري. أما عن تصدير الغاز الإسرائيلي لتركيا فإن الأمر مرهون بالاتفاقيات التي تحاول تركيا إبرامها لاستيراد الغاز من روسيا. وهكذا فإن الاهتمام بالغاز الإسرائيلي يقع في دائرة تنويع المصادر.

ولأسباب مختلفة فإن السبيل الوحيد أمام إسرائيل هو تسييل الغاز ما يستدعي استثمارات كبيرة أو تصدير الغاز لتسييله في مصر بهدف إعادة تصديره. ولكن العلاقات الاقتصادية المصرية – الإسرائيلية تعتبر هشة لأسباب سياسية. وفي كل حال فإن اكتشاف حقول جديدة للغاز في مصر أو لبنان كفيل بالقضاء على فرص تطوير «لفيتان» خصوصا في ظل التوجه العالمي نحو الطاقة المتجددة والتكاليف الباهظة لتطوير حقل في المياه العميقة.

 

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.