الرئيسية » أرشيف - تقارير » البحرين: تدهور غير مسبوق منذ 2011

البحرين: تدهور غير مسبوق منذ 2011

وطنالأخبار الّتي توردها الصحافة البحرينية حماسية: انعقاد مهرجان الربيع للثقافة، وتدشين فنادق كبرى، ومشروع تمديد خطّ أنابيب، وغيرها. وكان لنا أن نفرح إذا ما كان المناخ ضارًّا في المملكة الصغيرة في الخليج “الفارسي” الّتي تقودها العائلة السنية؛ إذ إنّ محاكمة زعيم المعارضة المعتدلة الشيخ علي سلمان الّتي بدأت في أواخر يناير في المنامة، تدّل على التدهور غير المسبوق للوضع منذ الانتفاضة المجهضة في 2011.

ومع اعتقال الزعيم السياسي والديني الّذي يقود الجمعية الإسلامية الشيعية الوفاق، راهنت السلطات على إخماد الاحتجاجات. كما يعني ذلك استبعاد السلطات لأي طريق تصالحي.

الحكم القادم على هذا المعارض البارز والمتهم بالرغبة في “تغيير النظام بالقوة” تبدو كما قنبلة موقوتة، وقد يزيد من زعزعة استقرار البحرين الّذي يواجه أزمة منذ 2011؛ إذ شهد فبراير من ذلك العام اندلاع “الربيع العربي” ونزل عشرات الآلاف من البحرينيين -معظمهم من الأغلبية الشيعية- إلى الشوارع للمطالبة بإصلاح النظام السياسي والاقتصادي، قبل أن يسحق الحراك بالقوّة بعد شهر واحد. ومنذ ذلك الحين، غدت المحاكمات سلاحًا لكسر النزعات إلى التمرّد.

البحرين تلقي القبض على “علي سلمان” زعيم المعارضة بتهمة “التخابر مع قطر”

سيواجه النظام الّذي يبحث عن إنعاش الحياة الاقتصادية رغم الحرج الّذي سببه تراجع أسعار النفط أكثر السيناريوهات سوداوية؛ إذا ما أدّى الحكم على علي سلمان إلى قيام انتفاضة جديدة على طريقة الانتفاضة الّتي هزّت القرى الشيعية المعوزة في المملكة في عام 1990، والّتي شلّت الدولة الصغيرة؛ إذ إنّ الاعتقال السابق لـ علي سلمان سارع في التعبير عن هذا الغضب الشعبي.

فلماذا خاطرت السلطات البحرينية بمواجهة الاحتجاجات من جديد؟ يوم 16 مارس ستحيي المعارضة ذكرى سحق الانتفاضة في 2011 الّذي أجري من خلال دخول الدبابات السعودية والإماراتية إلى البحرين، بعد أن عبرت الجسر الّذي يربط الأرخبيل بالمملكة الوهابية. ولم يختف هذا التضامن بعد 4 سنوات في داخل مجلس التعاون الخليجي الّذي يجمع الإمارات ومملكات المنطقة حول الرياض.

كما دعت المعارضة مجلس التعاون الخليجي للخروج من الأزمة لاقتناعها بأنّ مفتاح الصراع لديه جانب آخر يتخطّى الجانب المحلي، ولكنّها واجهت الحائط؛ فعلى سبيل المثال، سياسة سحب الجنسية من المعارضين الّتي ينتهجها النظام منذ أواخر 2012 بعيدة عن النقد، بل تظهر كما لو كانت متوافقة مع التوجّهات الإقليمية: سحب المواطنة سياسة مستخدمة كعقوبة في الكويت، وتبنّت عمان في عام 2014 تشريعًا يأذن بسحب الجنسية من أي شخص “يعمل ضدّ مصالح” السلطنة.

الفناء الخلفي للرياض

تعتبر الرياض البحرين فناءها الخلفي، وليست على استعداد لتقديم تنازلات على مسرح الصراع على السلطة الإقليمية مقابل طهران. وكما في ساحات مواجهة أخرى بداية من سوريا، حيث تمثّل طهران العمود الفقري العسكري والسياسي للنظام، تظهر إيران قوتّها ضدّ منافستها.

ومنذ سبتمبر 2014، أعلنت البحرين عن أنّها حليف في الحرب على الإرهاب داخل التحالف الّذي يقوده الأمريكان في حربهم على جهاديي الدولة الإسلامية في العراق وفي سوريا، ممّا يضمن لها صمتًا غربيًا تحسد عليه عن القمع الّذي تمارسها على المعارضين.

وفي المعسكر المقابل، نجد الوفاق وهي المكوّن الأساسي للمعارضة المسمّاة بالشرعية؛ إذ إنّها مسجلة لدى السلطات ضمن فئة “الجمعيات“، باعتبار أنّ الأحزاب السياسية محظورة في البلاد، وتجد نفسها مكبّلة مع إدانة زعيمها والمخاطر الّتي تخيّم على قدرتها على الاستمرار في متابعة أنشطتها.

ويذكر الوزير السابق علي فخرو، الّذي كان من بين مؤسسي المبادرة الّتي أطلقت في عام 2012 لتقريب الموالاة من المعارضة، الشروط الّتي فرضها الموالون للنظام على الوفاق قبل الحوار: إنهاء الاضطرابات في الشوارع. “قالت لهم الوفاق آنذاك: لا سيطرة لنا على ما يحدث“، وأفشل عناد الموالين جهود المجتمع المدني الّتي كان بإمكانها تحقيق انعطاف. فقامت المعارضة بالتخلي عن الحوار الرسمي.

منذ اعتقال الشيخ علي سلمان في ديسمبر عام 2014، أشادت الوفاق باستئناف الحراك الشعبي، ولكن حذّرت من خطر أن تأخذ الاحتجاجات بعدًا عنيفًا من قبل المعارضين الّذين تقدّمهم السلطات على أنهم محرّضون على الاضطرابات. ولكنّ الأزمة تعقّدت أكثر ولا يرى علي فخرو -السفير السابق في باريس- سوى طريقتين لحلّ المشاكل الأساسية: “اعتماد قانون انتخابي عادل” على عكس القانون الّذي استخدم في الانتخابات التشريعية في 2014، و”إعطاء البرلمان السلطة التشريعية الكاملة على غرار ما تمّ في الكويت؛ إذ إنّ هذا البلد المقسّم جدًّا نجح في جمع التناقضات في مجلس النوّاب“.

دون لفتة انفتاح لا يمكن للاضطرابات ذات الجذور القديمة إلّا أن تستمرّ، ومن خلال رفض إطلاق سراح علي سلمان خلال محاكمته، تبدو السلطة متردّدة في الخروج من قوقعتها ممّا يزيد من خطر الانقسامات في سياق اقتصادي صعب.

لوموند – التقرير

الاستئناف البحرينية تلغي حكما ببراءة الشيخ علي سلمان وتقضي بسجنه مؤبد مع رفاقه

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.