الرئيسية » أرشيف - هدهد وطن » اتهامات لوزارة العدل الأميركية بمخالفة الدستور والتجسس على الصحافيين

اتهامات لوزارة العدل الأميركية بمخالفة الدستور والتجسس على الصحافيين

 

وضع تدخل وزارة العدل الأميركية لمصادرة سجلات الاتصال لصحافيين في وكالة أسوشييتد برس إدارة الرئيس باراك أوباما في مأزق حقيقي، كونها أقدمت على إجراء لم تسبقها إليه أي إدارة سواء ديموقراطية أو جمهورية حتى في أسوأ فترات الحرب الباردة أو الحرب على الإرهاب.
 
هذا الإجراء الذي وصفه رئيس وكالة أسوشييتد برس غاري برويت بأنه غير دستوري، فرض تساؤلات حول مدى التزام الولايات المتحدة بالقيم التي طالما دافعت عنها لاسيما حرية التعبير والرأي والصحافة التي باتت مهددة بعد أن تدخلت الحكومة لتجريد صحافيين من حقهم في الاحتفاظ بسرية مصادرهم؟.
 
تكشفت تفاصيل الفضيحة التي بات يطلق عليها في الولايات المتحدة اسم "ايه بي غيت"،  عندما أعلنت وكالة أسوشييتد برس أن وزارة العدل صادرت عام 2012 سجلات للاتصالات الهاتفية التي تم إجراؤها من 20 خطا هاتفيا مخصصا للوكالة وذلك في محاولة من الوزارة للتعرف على هوية الشخص الذي قام بتسريب معلومات سرية عن تدخل أميركي لإحباط مؤامرة إرهابية في اليمن.
وأضافت الوكالة أن هذه السجلات تعود إلى شهري أبريل/نيسان ومايو/آيار من العام الماضي وتضمنت خطا مخصصا لها في المركز الصحافي بمجلس النواب بالإضافة إلى مكاتبها في واشنطن ونيويورك ومدينة هارتفورد بولاية كونيتيكت، الأمر الذي زاد من حدة الانتقادات الموجهة لإدارة أوباما والتي باتت متهمة أيضا بالتدخل في عمل السلطة التشريعية علاوة على انتهاك حرية الصحافة والتعبير التي يصونها الدستور الأميركي.
 
تدخل غير دستوري
 
هذا الإجراء الذي تم بدعوى حماية الأمن القومي، وصفه الرئيس التنفيذي لوكالة أسوشييتدبرس غاري برويت بأنه "غير دستوري"، مؤكدا أن الوكالة لا تستبعد اتخاذ إجراء قضائي ضد وزارة العدل.
 
وقال برويت في مقابلة مع شبكة تليفزيون "سي بي اس" إن ما فعلته الوزارة بدأ بالفعل في التأثير سلبا على العمل الصحافي للوكالة فالكثير من المصادر بات مترددا في الحديث إلى صحافيي الأسوشييتد برس الأمر الذي قد يحد على المدى الطويل من المعلومات المتاحة للأميركيين في سائر وسائل الإعلام.
 
 وشدد برويت على أن "الحكومة ليس من حقها مراقبة أنشطة جمع المعلومات التي تقوم بها الوكالة.. كما أن ما تقوم به الحكومة من شأنه أن يجعل المعلومات التي تصل إلى الشعب الأميركي هي فقط التي تريد الحكومة وصولها وهو أمر لم يضعه من صاغوا الدستور في بالهم عندما قاموا بكتابة التعديل الأول" الذي يصون حرية الرأي والتعبير.
 
وتحظر المادة الأولى من الدستور الأميركي التي يطلق عليها اسم "التعديل الأول" وتم تبنيها في عام 1791، "إصدار أي قانون.. يؤثر على حرية التعبير أو حرية الصحافة…"، وهي مادة ضمن عشر مواد يطلق عليها مجتمعة اسم "قانون الحقوق" وتعنى بصيانة الحقوق والحريات في الولايات المتحدة.
 
وبدوره حذر اتحاد الحريات المدنية الأميركي من أن لجوء وزارة العدل إلى مصادرة السجلات الهاتفية لصحافيين في أسوشييتد برس من شأنه أن يؤدي إلى "تأثير فادح على الصحافيين وكذلك على المصادر التي تريد الكشف عن ممارسات حكومية خاطئة".
 
اتحاد الحريات المدنية الأميركي
وقال الاتحاد إن "وزير العدل ينبغي عليه أن يشرح ممارسات وزارة العدل للرأي العام كي نتأكد من أن هذا النوع من الممارسات لترهيب الصحافة لن يحدث مرة أخرى".
 
ومما زاد الأمر تعقيدا لإدارة الرئيس باراك أوباما أن الرئيس نفسه سبق وأن دان، عندما كان عضوا في مجلس الشيوخ عام 2006، الانتقادات التي وجهتها إدارة الرئيس الجمهوري آنذاك جورج بوش لصحيفة نيويورك تايمز بسبب قيامها بنشر "معلومات سرية مسربة".
 
وقال أوباما حينها إن "الصحافة لا ينبغي أن تتعرض للضغط أو التحرش من جانب الحكومة بل ينبغي أن يتم تركها تعمل بحرية لأداء وظيفتها".
 
دفاع من وزارة العدل
 
ورغم الانتقادات الهائلة التي واجهتها إدارة أوباما فقد دافع ويليام ميللر المتحدث باسم المدعي العام في واشنطن عما قامت به وزارة العدل قائلا إن الوزارة راعت في عملها "جميع القوانين والإجراءات الفدرالية والقواعد المنظمة لعمل وزارة العدل عندما يتعلق الأمر بطلب الحصول على سجلات هاتفية لوسيلة إعلامية ".
 
ويحق لوزارة العدل الحصول على سجلات الاتصالات الهاتفية الخاصة بمؤسسات صحافية بعد استيفاء مجموعة من الشروط أهمها إبلاغ هذه المؤسسات مقدما بأن الحكومة تريد الحصول على هذه السجلات، وأن يتم ذلك بموافقة من المدعي العام ، غير أنه في حالة الأسوشييتد برس فقد قامت وزارة العدل باستثناء الوكالة من شرط إبلاغها مقدما بنيتها الإطلاع على سجلاتها الهاتفية بدعوى أن إبلاغ الوكالة من شأنه "تهديد سلامة التحقيقات" الجارية للتعرف على مصدر تسريبات ذات صلة بالأمن القومي.
 
وكانت الوكالة قد بثت في السابع من مايو/أيار من العام الماضي خبرا كشفت فيه عن تفاصيل عملية لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي اى ايه) في اليمن لإفساد مخطط لزرع قنبلة على متن طائرة في الذكرى الأولى لمقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن.
 
وجاء الكشف عن هذا المخطط ليضع البيت الأبيض في حرج لأنه أعلن على الملأ قبلها أنه "لم تكن لديه أية معلومات بأن أي منظمات إرهابية، بما في ذلك القاعدة، تخطط لشن هجمات في الولايات المتحدة بالتزامن مع الذكرى الأولى لمقتل بن لادن".
 
تنصل الرئاسة
 
ومع تزايد الانتقادات لوزارة العدل التي ارتقت إلى حد مطالبة وزير العدل ايرك هولدر، المقرب من الرئيس أوباما، بالاستقالة، وجد البيت الأبيض نفسه مضطرا على ما يبدو للنأي بنفسه عن القضية.
 
وقال دان فيفر كبير مستشاري الرئيس أوباما إن الرئيس "لديه ثقة كاملة في وزير العدل"، لكنه أصر في الوقت ذاته على أن "البيت الأبيض لم يكن مشاركا في قرار السعي خلف سجلات الاتصالات الهاتفية للاسوشييتد برس".
 
ولعل تنصل البيت الأبيض من المسؤولية عن فضيحة "إيه بي غيت" ساعد الرئيس أوباما في استطلاع للرأي أجرته شبكة "سي إن إن".
 
وقال الاستطلاع الذي تم إجراؤه يومي الجمعة والسبت الماضيين إن 53 في المئة من الأميركيين راضون عن أداء الرئيس أوباما بالمقارنة مع 51 في المئة في آخر استطلاع للرأي أجرته الشبكة ذاتها مطلع أبريل/نيسان الماضي.
 
وبحسب الاستطلاع فإن 52 في المئة من الأميركيين يعتقدون أن ما قامت به وزارة العدل مع الأسوشييتد برس "أمر غير مقبول"، الأمر الذي يعبر عن مدى الاستياء الذي يشعر به الشارع حيال هذه الواقعة التي تعد الأولى من نوعها والتي قد تستمر في ملاحقة إدارة أوباما لفترة طويلة.
 

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.