الرئيسية » أرشيف - فضاء واسع » نعم للوطن البديل … من افكار (ناهض حتر)

نعم للوطن البديل … من افكار (ناهض حتر)

 

" إعتزال الكتابة لمصلحة وطن قد يكون افضل بمليون مرة من ممارسة حرية التعبير"
أحب صراحة أن اقرأ كثيراً لمن اعتقد اني اعارض فكره او مبدأه حتى اعي تماما غايته و كيفية تفكيره مما يسهل علي كيفية الرد فيما لو اردت و ذلك كله من باب النقد المباشر و ليس من باب معرفة كيف يفكر العدو و لمحاربته بنفس السلاح الذي يحاربنا به , فمعاذ الله ان نكره انسان لمجرد تفكيره ما لم يكون هذا التفكير مقرونا بدعوات صريحة للعنف أو القتل .
 
و ممن احب ان اقرأ له دائماً هو السيد ناهض حتر لكون كتاباته لا تخلو من عنصرية و طائفية – تُقرأ و تُستشف و تُفهم بوضوح من بين السطور و التي أغلبها موجهة في نقد الفلسطينين المتجنسين في الاردن او ما يطلق عليهم الأردنيين من ذوي اصول فلسطينية , و بالمناسبة فان مثل هذه العبارات العنصرية لا تستخدم الا في المجتمعات الهشة و القابلة للإنقسام .
غفل السيد ناهض حتر انه يكشف بكتاباته مدى تناقض فكره الماركسي و الذي يفترض و يعمم الاشتراكية الاجتماعية و وحدة المجتمع و صهره في قالب نموذجي كما يسوق اصحاب هذا الفكر مع ما يدعو اليه مؤخرا في كتاباته التي تنسجم سياسة و فكرا مع ما كانت تروج له دائرة المخابرات العامة خلال ثمانينات و تسعينيات القرن الماضي من ثقافة احتفظ بأصلك و مارس شفافية العنصرية التي لا تسبب الضرر المادي .
و مما غفل عنه السيد ناهض حتر انه بكتاباته و افكاره هذه انما يوقد نارا هادئة قد تحرق الاردنيين بعد عشرة او عشرين عاما فيما لو استمرت مبادئه تنتشر بين اوساط أردني الضفة الشرقية لكونهم اصحاب القرار و السلطة , و ليتني اعيش لارى ذلك اليوم – و الله اعلم .
و مما غفل عنه ايضاً السيد حتر و من يؤيد نشر تلك الافكار العنصرية انه من السهل جدا التلفظ بمصطلحات عنصرية و لكن حال انتشارها فان وجهها القبيح سينتشر في جميع انحاء المجتمع و لن يطيق احدهم التعامل مع ذلك الوجه القبيح للعنصرية . فمن اراد ان يزرع بذور العنصرية يجب ان يعي ان ثمارها سامة المذاق و الشكل و الطعم و الرائحة .
كيف له و لنا ان نعي عاقبة الامور و الى ما يمكن ان تؤل اليه مثل هذه العواقب , اذا كنا بشرا خطائين و جزء من أمة لا تتعلم ابدا من تجارب غيرها و لا حتى من اوجاعها و تمر مرور الكرام على عيوبها و نقاط ضعفها قائلة … غدا ساداوي جراحي .
لعل تاثير بذور الحقد و الكراهية و العنصرية التي يحاول السيد حتر زرعها داخل المجتمع الاردني – او على الاقل رعايته لتلك البذور التي بذرها من قبله أخرون – سيقطف ثمارها الجيل اللاحق لنا مباشرة و لسنا نحن لكوننا ما زلنا نقر بحق العودة و نقر بان ابائنا جاؤوا من فلسطين مجبرين و مكرهين حتى و لو كنا نحمل الجنسية الأردنية و الرقم الوطني .
و لكن الجيل اللاحق لنا و الذي سيولد في الاردن و الذي سيُعرًف نفسه بأنه اردني المولد و الجنسية و ولد لاب اردني الجنسية و المولد ايضا سيجد نفسه مستهدفا من قاطفي ثمار العنصرية و انه بات محل تمييز عنصري و استقصاء و ما زال ينظر اليه على انه من ابناء المهاجرين الاوائل للأردن , و من هنا سيضطر المجتمع الاردني للتعامل مع الوجه القبيح للعنصرية و تداعياتها و صداماتها بين اصحاب القرار و بين ابناء الجيل الرابع من المهاجرين الفلسطينين , مما سيخلق اضطرابات لا يحمد عقباها و لا نعي حجمها او تصورها باي شكل من الاشكال .
فذلك الصراع المتوقع و المؤكد كنتيجة طبيعية لتسويق الشفافية العنصرية , سيكون صراع وجود و صراع حياة او موت بين ابناء المجتمع الواحد الافتراضي و سيجد للأسف من ينتظر حدوث مثل ذلك الصدام المتوقع و هو بلا شك اسرائيل الذي سيسعى الى تجيير هذا الصراع لمصلحته و العمل على تمكين ابناء الجيل الرابع من الانتصار على اصحاب السلطة و القرار , مما يمهد الى تأسيس الوطن البديل كواقع .
نحن لسنا دعاة لمثل هذا الطرح و لكن نتنبأ بنتائج و عواقب الكراهية و العنصرية و ما من الممكن ان تؤل اليه الامور خصوصا بعد اطلاعنا على ما تتركه سياسة التمييز العنصري و احاديث اللمز غالباً في المجتمعات التي تعاني من مثل هذه الامراض الاجتماعية .
و رفضنا لمثل هذه الافكار العنصرية لا اعتقد انه رغبة منا بالتخلي عن قضيتنا الأولى و الاساسية , بقدر ما هو الدعوة الى التعامل مع واقع المستقبل الذي لا مفر منه , فالجيل الرابع قادم لا محالة و لا نرغب برؤية ابناء المجتمع الواحد يقطفون ما زرعته ايدي البعض كرهاً او تمييزاً او جهلاً .
نحن لا نغذي افكار العنصرية بقدر سعينا الى محاربة رموزها و تجفيف منابعها الفكرية و بقدر تحذيرنا للسيد حتر بخطورة ما يحيكه من خيوط قد لا تبدو له و لنا – في وقتنا الحالي انها خيوط فتنة – و لكنها ستكون كذلك في المستقبل . و ان ما يسعى لتحذير المجتمع منه… لهو بعينه مكمن الخطر و الداء.
 
قد يكون الانسجام الاجتماعي للمجتمع الاردني سبيلا لعدم تحقيق حلم الوطن البديل و لكن على السيد حتر ان  يعي لخطوره مبادئه العنصرية التي قد تجد من يتلقفها . و يحولها الى حلم و رؤية
 
فأغلب كتابات السيد ناهض حتر تتمحور بل تتخصص حول التجنيس و الهوية الاردنية و حول ذلك , و ما اثارني هو ما كتبه قبل ايام حول المواطنة و الهوية و سمعة الاردن محذرا و مطالبا الجيش الاردني بالحفاظ على الهوية الاردنية و محاسبة احد الاشخاص المتجنسين و هو بالمناسبة لبناني الاصل و ليس فلسطيني الاصل – لكونه مطبع و يعرف عن نفسه لدى الدول العربية بانه متقاعد عسكري … منوها السيد حتر الى ما سيلحقه مثل هذا التصرف بالمؤسسة العسكرية من صيت و سمعة …. الخ
السيد ناهض حتر يعارض وجود اردنيين مطبعيين و نتفق معه في ذلك و يعارض كل ما يسيء لسمعة الاردن و نحن نتفق و اياه في ذلك  و لكننا نعارض لغة الهمز و اللمز و التعميم بين السطور .
ليبدأ السيد حتر بفكر جديد او ليعود الى طبيعة و اصل فكره المراكسي فهذا حقه و ليته يضيف الى فكره مبدأ التعايش السلمي و قبول الرأي الاخر و أهمية التوافق على حد أدنى من المصالح المشتركة و العامة مع وجود التنوع الفكري و الثقافي بين ابناء المجتمع , و لتزيد قناعته بان الاردن ما كان ليكون باقة ورد جميلة لولا ذلك التنوع العرقي و الثقافي و الفكري .
و لعل اقسى درس مررنا به كأمة عربية و لم نتعظ منه جميعنا هو الدرس القاسي الذي لحق بالعراق الشقيق من انقلاب موازين القوى التي ما كانت لتنقلب لولا رعاية الدولة العراقية و اصحاب الاقلام هناك لبذور العنصرية و التي أدت الى انقلاب موازين القوى و تنحي اصحاب السلطة و القرار عن السيادة .
و حالنا في الاردن ليس ببعيدا عن حال العراق الشقيق – و ما من الممكن ان تؤل اليه الامور لا قدر الله – لوجود نفس البذور و لوجود من يبادر لرعاية هذه البذور,  و ان كان نوع التمييز قد اختلف من تمييز طائفي الى تمييز حسب الاصل .
و ينبغي لمعالجة شفافية العنصرية تلك ان لا تكتفي الدولة كجهة ذات سلطة تشريعية و تنفيذية و صاحبة ولاية عامة ان تطالب المجتمع بنبذ العنصرية , لا بل أن تجد لها حلولا و القبول بتلك الحلول و لعل تخوف البعض من اتهامه بالترويج للوطن البديل لعائق امام الاستماع لرؤى مفيدة و كثيرة من شانها ان تجفف منابع هذا الفكر السقيم و غير المجدي.
فبرأي الشخصي ان الدولة الاردنية ينبغي ان تحسن نظرتها و مفهومها و تعاملها مع المواطنيين من خلال تبني استراتيجية رعاية الانسان و الاهتمام بتنمية حقوقه فعلا و ليس قولا لتتمكن من التعافي من الامراض الاجتماعية  و تنأى بها من خطر انزلاق المجتمع في اي مستنقع انقسام .
فحالما تتبنى الدولة مثل هذه الاستراتيجية فان ما دون ذلك من سياسات تهميش و تفرقة عنصرية ستختفي لا محالة مع مرور الوقت و مع ترسخ مبادىء المساواة و الشفافية و العدالة الاجتماعية قدما في ثقافة المجتمع لتحل محل ثقافة التمييز العنصري بالتدريج .
غاندي ابو شرار

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.