الرئيسية » أرشيف - فضاء واسع » إيران تسرق (شرف) الثورة السورية

إيران تسرق (شرف) الثورة السورية

 

• لأن السياسة لا تعرف المنطق ولا تعترف بأي حق أو قيمة أخلاقية، تعالوا نفكر باحتمال أن يأتي الحل السياسي الذي يضغط العالم باتجاهه، على يد "الجمهورية الإسلامية".
• على ذكر الجمهورية الإيرانية الإسلامية، ودولة إسرائيل اليهودية المنتظرة، أعتقد أن هكذا دول تقوم على اعتبارات روحية، إنما تحمل بذور زوالها في داخلها، كما كان يقول الماركسيون عن الرأسمالية أيام زمان"تأكل نفسها بنفسها"، ولو أني صاحب قرار عربي، لساعدت في تسريع يهودية دولة الكيان الإسرائيلي، وهذا موضع نقاش وخلاف، يطول شرحه الآن.
• من تابع بيان ختام مجموعة الثماني في لندن قبل أيام، يلحظ دونما عناء، التقارب لحدود التطابق بين موقف موسكو وواشنطن لجهة الحوار والحل السياسي، وهو ليس جديداً، وإن أخذ الشكل العلاني هذه المرة، ومن يبحث في خلفيات هذا التقارب، سيعرف أن موسكو أوعزت للنظام السوري، حتى قبل قمة الثماني الصناعيين، لتشكيل فريق من حكومة النظام ليفاوض المعارضة خارج حدود الجمهورية السورية، أي جينيف زائد ناقص ما طرأ من مستجدات فرضتها الأرض. وأن النظام السوري اقترح النائب قدري جميل والوزيرين علي حيدر وعمران الزعبي، لكن ذاك الاختيار لم يرق لموسكو ولا للمبعوث الأممي الأخضر الإبراهيمي، الذي بدأ الترويج لشائعة استقالته، لتأتي المفاوضات بشيء من"الأكشن" كما يحسب محضروها.
•رأس النظام السوري قبل رفض اختيار الفريق المفاوض اجتمع أخيراً ونائبة فاروق الشرع لتسع ساعات بحسب التسريبات، على اعتباره-الشرع- مطلب المعارضة والوسطاء، ليمثل النظام ويقود الفريق الحكومي في الحوار.
• ولكن أين إيران من كل هذا وما هو احتمال أن تدخل على خط التفاوض كلاعب وإن من وراء الكواليس؟!
• ثمة مجريات طرأت على المنطقة، أو على الأطراف المؤثرة بالأزمة السورية أخيراً، يمكن قراءتها على نحو قد يوصل لأيدي إيران ودورها الموعود في حل الأزمة سياسياً.
• ماهو تبرير التقارب المصري الإيراني الذي لم يلقَ ارتياحاً من المعارضة السورية، واللقاءات المصرية القطرية التي كان آخرها زيارة هشام قنديل وغلفت الزيارة بقشور اقتصادية؟!
• كيف قبلت إيران عبر حزب الله بالرئيس تمام صائب سلام ليشكل الحكومة اللبنانية، وهما يعلمان يقيناً أن سلام "رجل السعودية" كما يقال، أفي ذلك دور للمملكة في الترتيبات التي ستجري، وما تقوم به السعودية من تضييق على السوريين وعدم التسليح، ماهو إلا مطلب أمريكي لتقود بالنهاية مع إيران ومصر الحل السياسي، وإن شكلياً، بعد أن يطبخ في مواقع صنع القرار الروسي والأمريكي.
• حركة حماس التي أعلنت عبر المتحدث باسمها أخيراً أنها ليست طرفاً ولن تشارك بسفك الدم السوري، وهي الفاعلة على الأرض، سياسياً وإغاثياً وعسكرياً أيضاً، وهي التي تعتبر ذراعاً إيرانياً حتى الآن والروابط فيما بينهما تتعدى الدعم السياسي والتمويل المالي.
• وأيضاً، زج المقاتلين الشيعة من العراق ولبنان وحتى إيران، بإيعاز إيراني، لتعتدل كفة الأرض، بعد وصول قوات المعارضة السورية لعمق دمشق، كي لا يفقد النظام السوري بعض قوته على الطاولة، على اعتبار أن السياسة تستمد قوتها من الأرض.
• ولكن، لماذا تمنح واشنطن هذا الشرف لإيران وهي التي تعلن- شكلياً على الأقل– أنها ضد طهران وتهددها ببرنامجها النووي كل يوم؟!
• أعتقد أن مطلب الولايات المتحدة الرئيس من الأزمة السورية هو استدامة الاحتراب والتهديم إلى أطول فترة ممكنة، وأن تكون الأكلاف إيرانية، مالية ونفسية لتضعف الاقتصاد وتشوه صورة إيران لدى الشعوب العربية، وكذا روسيا الاتحادية، وهذا ما تحقق، لأن أمن إسرائيل يقضي تدمير الدولة السورية والمؤسسة العسكرية على وجه التحديد، هذا إن فرضنا جدلاً أن واشنطن مازالت صاحبة القرار الأوحد، ولن ندخل في دوامة التحليل بوجود قوى جديدة وإمكانية إعادة رسم خارطة القوى الدولية، وأن الولايات المتحدة باتت ممن يلحقون الأحداث أكثر من كونها صانعتها، وأن"الديبلوماسية التقليدية" إن في الولايات المتحدة أو حتى في أوروبا، ما عادت قادرة على اللحاق بالتطورات المتسارعة والتدخل في تحديد ملامحها وصياغة خواتمها، ولا بد من الإقرار أن روسيا والصين ومجموعة بريكس بشكل عام دخلت كقوة وقطب، ويمكنها اللعب بأوراق قد ترهق القوة الكبرى، وما يحدث في كوريا الشمالية، مثالاً ليس إلا.
• قصارى القول: يبدو أن النظام السوري لن يسقط عسكرياً، في الأفق المنظور على الأقل، بل وثمة طرائق كفيلة بإضعاف المعارضة العسكرية كلما لاحت ملامح قوتها وتهديدها الحقيقي لوجود بشار الأسد، وما رأيناه أخيراً عن مبايعة جبهة النصرة للقاعدة وإعلان دولة إسلامية وسرعة مناقشة هذا الملف في مجلس الأمن، إلا وسيلة على عدم السماح لأي قوة أن تتفوق على الأرض السورية، لأن المرسوم للحرب لما يتحقق كاملاً بعد.
• نهاية القول: لا أنشد أجرين بل أضع عدم صحة "فتواي" بالدور الإيراني نصب عيني مكتفياً بأجر واحد وأسأل، هل ثمة علم للمعارضة السياسية بهكذا ترتيبات، أم أن ما نراه من اختلاف وخلاف هما لإتمام الأدوار ليس إلا، أم لا علم لهم بإمكانية أن تزج واشنطن وموسكو إيران مع أطراف إقليمية أخرى ليأتي الحل السياسي على أيديهم، ولعل السؤال الأهم، كيف يمكن للمعارضة السياسية السورية أن تتعامل مع هكذا احتمال، هل سنرى ثورية ورفض المبدأ من خلال تصريحات إعلامية وآراء على الفيس بوك، أم وجود حكومة هيتو وجدت لتقوم بمثل هذه الأدوار …ولن أسأل عن ردود أفعال المقاتلين والثوار على الأرض، لأن في الإجابة بحث طويل يؤكد أن السياسة لعبة اللاأخلاق وفن الممكن رغماً عن المنطق والحقوق.
 
عدنان عبد الرزاق

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.