في ذكرى رحيل القذّافي.. ساركوزي إلى السّجن

في مشهدٍ ثقيل الرمزية، دخل الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي سجن “لاسانتيه” في باريس، ترافقه زوجته كارلا بروني، فيما تلاحقه الكاميرات خطوةً بخطوة نحو مصيرٍ كُتب بيدٍ ليبية قبل عقدين من الزمن. إنه أول رئيس فرنسي يُسجن منذ الحرب العالمية الثانية، في لحظةٍ تختلط فيها السياسة بالعدالة، والتاريخ بالانتقام.

قبل أربعة عشر عامًا سقط معمر القذافي في مشهد دموي لا يُمحى من ذاكرة القرن، واليوم يعود اسمه ليطارد من صافحه وابتسم أمام عدسات العالم ثم خنقه بخيوط المال والسياسة. ساركوزي الذي غزا طرابلس يومًا باسم “الحرية”، صار اليوم سجينًا في باريس باسم “العدالة” — خمس سنوات خلف القضبان بتهمة التمويل غير القانوني من ليبيا، أموالٌ قيل إنها حملت في حقائب سوداء نحو حملة انتخابية أرادت شراء النصر بالذهب الليبي.

القدر إذًا لا ينسى… من خان من؟ القذافي الذي صدّق أوروبا فدفع حياته، أم ساركوزي الذي صدّق أن المال لا يترك أثرًا في التاريخ؟ خلف الأبواب الحديدية يقف الرجل الذي ظنّ أن السلطة درعٌ منيع، فإذا بها تتحوّل إلى قيدٍ من حديد، بينما يهتف السجناء من نوافذهم: “مرحبًا بك ساركوزي”.

وهكذا يكتمل المشهد: من باب العزيزية إلى باب الزنزانة، ومن قصر الإليزيه إلى سجن لاسانتيه. تتبدّل الأمكنة لكن تبقى التهمة ذاتها — الخيانة. وربما سيقرأ هناك الكونت دي مونتي كريستو، عن رجلٍ سُجن ظلمًا، غير أنّ التاريخ لا يكتب روايات الانتقام، بل يسجّل فقط الديون المؤجّلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى