الرئيسية » الهدهد » علي القره داغي يدعو الجزائر والمغرب للحوار ويحذر: “تجنبوا أبواق الفتنة”.. من يقصد؟

علي القره داغي يدعو الجزائر والمغرب للحوار ويحذر: “تجنبوا أبواق الفتنة”.. من يقصد؟

وطن- في إطار جهوده لتحقيق المصالحة والوفاق بين علماء المسلمين والشعوب الإسلامية، دعا الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الدكتور علي محيي الدين القره داغي، إلى رأب الخلاف بين المغرب والجزائر المتواصل منذ سنوات لأسباب عديدة، والتوجه نحو التعاون والتكامل في مواجهة التحديات التي تهدد أمن واستقرار المنطقة تلافياً لـ “الفتنة”.

علي القره داغي يدعو المغرب والجزائر لتجنب الفتنة

وقال الدكتور العراقي في حسابه الرسمي على تويتر:” من دون أي تردد.. أتابع بألم شديد مواقف التأجيج ونشر الاحتقان الذي يتولى كبره البعض ممن يريد أن يعمق الخلاف بين الشعبين الكريمين العزيزين المغربي والجزائري، وإنني أهيب بالحكماء من الشعبين الراقيين أن يجنبوا الجزائر والمغرب أبواق الفتنة وعيدان النار”.

وأردف القره داغي “نحن ندرك ضرورة تغليب الأخوة والوفاق على التفرق والشقاق ونحذر من التماهي مع الأصوات الشاذة التي تتستر بالولاء لجهة وتستبطن العداء للشعبين”.

واستطرد لأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين “المغرب والجزائر روح واحدة ونسيج مشترك وأمل وألم واحد ولن يقدر أصحاب التلون سوق الأقدار والكرامات المشتركة بين الشعبين نحو الفتن”.

وحذّر في معرض حديثه “من الفتن ونارها وأن اللعب بالنار لا يعني أن النار لعبة”. مؤكداً أنه “لا مجال لأي تصعيد وكلنا مع الحوار وترك الشجار وأهله”.

وختم بيانه الداعي للسلم والوئام بين الشعبين قائلا “سلام الله ورضوانه على الشعبين الكريمين الجزائر في عيني اليسرى والمغرب في عيني اليمنى والعالم الإسلامي في القلب والإسلام والمسلمين على الرأس”.

وتأتي دعوة الفقيه العراقي وسط حالة من التوتر الجيوسياسي المتواصلة بين الدولتين الجارتين (الجزائر والمغرب) منذ عقود لأسباب يعتبرها النظامان “جوهرية” وتراها الشعوب “مُفتلعة” بين أشقاء حاربوا فيما مضى الاستعمار الفرنسي جنباً إلى جنب.

الجزائر والمغرب
الجزائر والمغرب

في أيّ سياق؟

جاءت دعوة الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الدكتور علي القره داغي، بعد أيام من نشر صحيفة جزائرية لتفاصيل مخطط استخباراتي كشف خلاله عن “اجتماع لمسؤولي مخابرات 3 دول في إسرائيل لضرب استقرار 4 ولايات في الجزائر”.

إذ نقلت صحيفة “الخبر” الجزائرية عن مصادر وصفتها بالموثوقة أن اجتماعا مخابراتيا عقد “على أعلى مستوى” في إسرائيل، الاثنين، لزعزعة الاستقرار في الجزائر.

وأشارت الصحيفة نقلا عن ذات المصادر أن الاجتماع “ضم أجهزة مخابرات الكيان الصهيوني والاستخبارات الفرنسية والمغربية”.

يأتي ذلك بينما لم يصدر -إلى الآن- أيّ تعليق عن السلطات في المغرب التي تشهد علاقاتها بالجزائر توترا متزايدا في الفترة الأخيرة.

هذا وأفادت المصادر التي نقلت عنها صحيفة “الخبر” الجزائرية، بأن معلومات مؤكدة تشير إلى الاجتماع في إسرائيل “جمع أجهزة مخابرات الكيان الصهيوني وجهاز المخابرات الفرنسية ممثلا في 5 مسؤولين رفيعي المستوى و12 مسؤولا من الاستخبارات المغربية، وقد حدد جدول أعمال الاجتماع نقطة واحدة تتناول زعزعة الاستقرار في الجزائر وخلق الفوضى في 4 ولايات”.

وأكدت “الخبر” نقلا عن المصادر أن “مخطط زعزعة الاستقرار يشمل خلق بؤر توتر ونزاع وفتن في ولايات عديدة، أبرزها الجزائر العاصمة ووهران وتيزي وزو وبجاية، في محاولة لضرب الوحدة الوطنية والتلاحم الشعبي”.

تونس لم تسلم أيضاً

وأوضحت تلك المصادر أن “الجارة تونس لم تسلم هي أيضا ولا شعبها من مخططات زعزعة الاستقرار، حيث أطلقت الاستخبارات الإسرائيلية والفرنسية والمغربية عملية ضد تونس بعنوان (لوب)، بدأت في 20 مايو الجاري، وذلك عبر خلق موجات من الاحتجاجات العنيفة والفوضى، الغرض منها إضعاف وعزل الرئيس التونسي قيس سعيّد”.

وتطرقت الصحيفة الجزائرية إلى تصريحات الرئيس عبدالمجيد تبون في فبراير الماضي والتي قال فيها إن “الجزائر تتعرض كل خمس سنوات تقريبا لمحاولات زعزعة استقرارها، وهو الأمر الذي تقف له بالمرصاد، بفضل مؤسساتها والنضج السياسي لمواطنيها الذين لن يسقطوا في هذا الفخ…الجزائر مستهدفة من كافة الجوانب لأنها دولة لا تقبل الانبطاح، والمواطن الجزائري يفتخر بدولته التي تسير برأسها مرفوعا بين الأمم”، مؤكدا أن “هذه الأطراف ليس باستطاعتها المواجهة المباشرة، وهي تعمل تحت غطاء منظمات غير حكومية، بعضها تابع لمخابرات بلدانها”.

كما عادت صحيفة الخبر لتصريحات سابقة أدلى بها رئيس أركان الجيش الجزائري، الفريق أول السعيد شنقريحة، عن “إحباط محاولات كافة المناورات التي تستهدف نشر الفوضى بين صفوف الشعب الواحد ومحاولة تهديد وحدته الترابية والشعبية وضرب أركان دولته الوطنية خدمة لأجندات مشبوهة ومرام مغرضة، وذلكم دليل قاطع آخر على تماسك شعبنا وتفطنه الدائم لمكائد هؤلاء الأعداء المتربصين”.

من هو علي القره داغي؟

علي محيي الدين القره داغي هو عالم وفقيه عراقي وهو الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين. له مواقف مشرفة تجاه القضايا العربية والإسلامية، وخاصة قضية فلسطين والقدس.

يدافع عن حقوق الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال الصهيوني، ويدعو إلى التضامن والتكاتف بين المسلمين لدعم المقاومة والانتفاضة. كما ينتقد بشدة التطبيع مع إسرائيل، ويعتبره خيانة للأمة وانحرافا عن المبادئ الإسلامية. ويحذر من مخططات إسرائيل لتهويد القدس وتغيير معالمها التاريخية والدينية.

يهتمّ القره داغي أيضاً، بالقضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تواجه الأمة العربية، ويقدم رؤى وحلول من منظور إسلامي معاصر. كما يؤكد على رفضه التبعية للغرب والانصياع للهيمنة الأمريكية. يدعو إلى تحقيق الوحدة والتعاون بين الدول العربية والإسلامية، وإلى تفعيل دور المجتمع المدني في التغيير الإيجابي.

القره داغي هو أحد أبرز علماء المسلمين في عصرنا، وله إسهامات كبيرة في مجالات مختلفة، خاصة في فقه المعاملات والاقتصاد الإسلامي. له أكثر من 30 كتاباً، ومائة بحث علمي.

العلاقات المغربية الجزائرية وتاريخ من التوترات

الخلافات المغربية الجزائرية هي من أقدم وأعقد النزاعات في المنطقة المغاربية، وتتعلق بمسائل سياسية وحدودية واستراتيجية.

تتركز الخلافات حول قضية الصحراء الغربية، التي يطالب المغرب بسيادته عليها، في حين تدعم الجزائر جبهة البوليساريو التي تنشد استقلالها.

كما تشمل الخلافات مواقف البلدين من التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، وحالة الحدود المغلقة منذ 1994، واتهامات متبادلة بالتدخل في الشؤون الداخلية والتجسس.

تاريخيا، تشاركت الجزائر والمغرب في نضالات مشتركة من المقاومة ضد الاستعمار الفرنسي والانتماء إلى المغرب العربي.

لكن هذه التجارب لم تمنع نشوء خلافات بعد استقلال البلدين، بدءا من حرب الرمال عام 1963، وانتهاء بقطع العلاقات الدبلوماسية عام 2021.

وعلى مرّ السنوات، تأثرت هذه الخلافات بالتغيرات الجيوستراتيجية في المنطقة والعالم، مثل اتفاقيات إبراهيم بين المغرب وإسرائيل، والتي اعتبرتها الجزائر “داعيا كافيا للحرب”.

يؤكد مراقبون أن الخلافات المغربية الجزائرية تضرّ بشكل مباشر بالشعبين وتَحولُ دون تحقيق التكامل والتعاون في إطار المغرب العربي. كما تُهدد استقرار وأمن المنطقة في ظل التحديات التي تواجهها. لذلك، يحتاج البلدان -يؤكد مراقبون- إلى إيجاد حلول سلمية وواقعية لإنهاء هذه الخلافات وفتح صفحة جديدة من التفاهم والحوار، وهو بالفعل ماتدعو له شخصيات عربية وإسلامية لها وزنها في المنطقة.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.